الحروب الصليبية اسم أطلق على الحملات العسكرية
النصرانية المنظمة بشكل رئيسي للاستيلاء على فلسطين بين القرنين الخامس
والثامن الهجريين، الحادي عشر والرابع عشر الميلاديين، وذلك لأهمية موقعها
الجغرافي بوصفها حلقة وصل بين الشرق والغرب، ولرغبة استعمارية في السيطرة
على الأماكن المقدسة. كما أنها كانت رد فعل لفتوحات المسلمين وانتصاراتهم
التي جسَّدت التسامح الديني بين مختلف الأديان السماوية. وقد نظم الغزاة
القادمون من أوروبا الغربية ثماني حملات رئيسية، فيما بين 490 و 669هـ ،
1096 و1270م. وتعد تلك الفترة فترة توسع اقتصادي لأوروبا الغربية وزيادة
قواتها المسلحة. وكان الصــليبيون جزءًا من الحركات التوسعية النصرانية
الواسعة.
شارك الملوك والنبلاء وآلاف الفرسان والفلاحون وسكان المدن فيها. وقاتل
الكثير منهم لزيادة قواتهم وأراضيهم وثرواتهم، وكلاب الصليبيون بعض المعارك،
وأسسوا ممالك صليبية على طول الساحل الشرقي للبحر المتوسط.
كيف بدأت الحروب الصليبية؟؟؟
سيطرت الإمبراطورية البيزنطية خلال القرن السادس الميلادي على معظم الأراضي
المجاورة للبحر المتوسط، بما فيها جنوب شرقي أوروبا وآسيا الصغرى (تركيا
حاليًا) وفلسطين وسوريا وإيطاليا وأجزاء من أسبانيا وشمالي إفريقيا. وفتح
العرب المسلمون فلسطين في القرن السابع الميلادي. وقد سمح الحكام العرب
المسلمون للنصارى بزيارة دور العبادة.
وفتح السلاجقة الأتراك آسيا الصغرى وفلسطين وسوريا في القرن الحادي عشر
الميلادي. وهزموا البيزنطيين في معركة ملاذكرد في آسيا الصغرى عام 464هـ ،
1071م وأسروا إمبراطورهم رومانوس.
طلب الإمبراطور البيزنطي ألكلايوس كومنينوس عام 489هـ، 1095م المساعدة من
البابا أوربان الثاني بابا الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في قتاله ضد
الأتراك. ووافق البابا على ذلك وكان يرغب في الاستيلاء على الأماكن المقدسة
انطلاقًا من التعصب والحقد الكامنين في نفسه، وكذلك، لكلاب القوة والهيبة
لنفسه. وعقد أوربان في خريف 489هـ، 1095م مجلسًا لقادة الكنيسة في كليرمونت
الفرنسية، حثَّ فيه الأوروبيين على وقف القتال فيما بينهم، والاستيلاء على
الأراضي المقدسة، ووعدهم بمكافآت روحية ومادية مقابل أعمالهم. وأثارت
الرغبة في القتال أوروبا الغربية، وانضم الآلاف للأسباب السالفة الذكر.
كما التحق العديدون بالحملات الصليبية لأسباب مختلفة أخرى، منها الحصول على
الأراضي، وتوسيع التجارة، والغايات الدينية، إضافة لرغبة العديدين في
التخلص من شظف العيش وصعوبته.
الحملة الأولى (489 - 493هـ، 1096 - 1099م). قاد المنصر بطرس الناسك، والتر
المفلس، مجموعة غير مدربة وفوضوية عُرفت بالفلاحين الصليبيين. وطالبت
عناصرها بالطعام والمأوى أثناء تحركهم عبر أوروبا الشرقية باتجاه
القسطنطينية (إسطنبول حاليًا)، ولمّا عمد هؤلاء الفوضويون إلى السرقة قتل
الكثيرون منهم على يد الأوروبيين الغاضبين وقضى الأتراك على عدد كبير من
البقية الباقية منهم في آسيا الصغرى.
تألفت الجيوش الأساسية التي أرسلها البابا من الفرنسيين المدربين جيدًا
والفرسان النورمنديين. وشارك فيها جودفري البولوني، وريموند كونت تولوز،
وروبرت الفلاندري، وبيهموند من تارنتو. وانضمت إليهم القوات البيزنطية في
القسطنطينية وتمكن الجيش الموحد من الاستيلاء على نيقية عام 491هـ ، 1097م.
وبعد ذلك، انقسم الجيش وسار الأوروبيون الغربيون نحو القدس، وخاضوا العديد
من المعارك الدموية على طول الطريق، وكان أكثرها صعوبة حصار أنطاكية (مدينة
تركية الآن)، حيث هلك الكثيرون بسبب الهزيمة التي ألحقها بهم الأتراك،
ورحل الآخرون. ووصل الأوروبيون القدس في صيف 493هـ، 1099م، واستولوا على
المدينة المقدسة بعد ستة أسابيع من القتال، ثم عاد معظمهم لأوطانهم. وقسّم
القادة الأراضي التي احتلوها إلى أربع دول سمّوها دول الصليبيين اللاتينية،
وتضم مقاطعة إديسا (الرها) وإمارة أنطاكية، ومقاطعة طرابلس، ومملكة القدس.
الحملة الصليبية الثانية (542 - 544هـ، 1147 - 1149م). دعا إليها القديس
برنارد كليرفو بعد أن استرد عماد الدين زنكي (ت 541هـ ، 1144م) الرها، وبدأ
سلسلة من المعارك ضد الصليبيين انتهت بإجلائهم عن الشرق الإسلامي، وقاد
الحملة الصليبية ملك فرنسا لويس السابع وكونراد الثالث الألماني. وقاد
الجيوش الإسلامية نور الدين محمود الذي خلف أباه عماد الدين زنكي، واستطاع
أن يستولي على بعض ما كان قد احتله الصليبيون، وأسر جوسلين الثاني وبوهمند
الثالث حاكم أنطاكية وريموند الثالث حاكم طرابلس.
الحملة الثالثة (585 - 588هـ ، 1189 - 1192م). تابع المسلمون مهاجمتهم
للغزاة، وتمكن السلطان صلاح الدين الأيوبي من توحيد مصر وســوريا عام 579هـ
، 1183م، وهزمهم عام 583هـ، 1187م في معركة حطين، وظلت المدن الساحلية
مثل: صور، وطرابلس، وأنطاكيا، في أيدي الغزاة وكان أبرز القادة الأوروبيين
في هذه الحملة، الإمبراطور الألماني فريدريك الأول (المدعو بربروسا) والملك
البريطاني ريتشارد الأول (قلب الأسد) والملك الفرنسي فيليب الثاني
(أوغسطس).
غرق فريدريك وهو في طريقه إلى الأراضي المقدسة عام 586هـ، 1190م، واحتل
الغزاة ميناءي عكا ويافا الفلسطينيين عام 587 هـ، 1191م. ولما فشلت هذه
الحملة في احتلال القدس، قام ريتشارد بقتل أسرى المسلمين، وعاد فيليب إلى
بلاده، وعقد ريتشارد هدنة مع صلاح الدين لمدة ثلاث سنوات سمح بموجبها
للنصارى بزيارة بيت المقدس.
الحملة الرابعة (599 - 601هـ، 1202 - 1204م). أقنع البابا إنوسنت الثالث
الأوروبيين بالانخراط في الحملة الرابعة التي يفترض أن تتوجه للأرض
المقدسة، إلا أن قادتها قرروا مهاجمة مصر لإضعاف القوة الإسلامية. وتعاقدوا
مع تجار البندقية لنقلهم بالقوارب إلى مصر؛ ولكن لم يصل إلى البندقية إلا
ثلث العدد المتوقع الذي لم يتمكن من دفع تكاليف السفن.
حملة الأطفال (609هـ، 1212م). دعا إليها ستيفن كلوي وهو صبي. فرنسي فلاح،
وتبعه آلاف الأطفال المغرَّر بهم من الذكور والإناث ممن بلغت أعمارهم بين
10 و18 سنة، وكانوا من فرنسا وألمانيا، ولكن لم يصل أي منهم إلى فلسطين؛
فقد خطف تجار الرقيق هؤلاء الأطفال وباعوهم في أسواق النخاسة مما أثار
أهليهم وذويهم ودفع البابا إلى أن يستغلهم ويتخذهم وسيلة لإثارة الأحقاد ضد
المسلمين. أما الأطفال الألمان فقد توجهوا برًا وهلك معظمهم من الجوع
والمرض، وتجمد بعضهم حتى الموت خلال المسير الطويل قبل وصولهم إلى البحر
المتوسط، ولم يعد إلا القليلون منهم لأوطانهم.
الحملات الصليبية الأُخرى. استمرت الحملات
الصليبية في القرن الثالث عشر الميلادي. ففي الحملة التي عرفت بالحملة
الخامسة (614 - 618هـ، 1217-1221م)، استولى الصليبيون على مدينة دمياط في
مصر في بداية الأمر، وانتهت حملتهم بالفشل. وقاد الحملة السادسة (626 -
627هـ، 1228 - 1229م)، الإمبراطور فريدريك الثاني الذي أغضب البابا بتوقيعه
اتفاقًا مع سلطان المسلمين الملك الكامل قضى بسيطرة النصارى على بيت لحم
والقدس، وظلت بقبضتهم حتى استعادها المسلمون عام 642هـ، 1244م. وقاد لويس
التاسع ملك فرنسا الحملة السابعة (644 - 652هـ، 1248 - 1254م)، بادئاً بمصر
لاعتقاده بأن الهيمنة عليها تيسر السيطرة على الأراضي المقدسة في فلسطين؛
ولكن المسلمين أسروه وجيشه في زمن شجرة الدر زوجة الملك الصالح نجم الدين
أيوب ثم أطلق سراحه لقاء فدية كبيرة، ولكنه عاد وقاد الحملة الثامنة عام
669هـ، 1270م وأنزل قواته في تونس ثم هلك بعدها إثر تفشي الطاعون في صفوف
قواته. وكان نصيب الحملة التاسعة التي قادها الأمير إدوارد الأول الفشل عام
670هـ، 1271- 1272م. واستعاد المسلمون عكا آخر معقل للصليبيين في فلسطين
عام 690هـ، 1291م.
تمكن المسلمون من استعادة كافة المدن من الغزاة الصليبيين، وأخفق العديد من
المحاولات في القرنين الثامن والتاسع الهجريين، الرابع عشر والخامس عشر
الميلاديين، وانصرفت أنظار الأوروبيين إلى ما وراء المحيط الأطلسي.
النصرانية المنظمة بشكل رئيسي للاستيلاء على فلسطين بين القرنين الخامس
والثامن الهجريين، الحادي عشر والرابع عشر الميلاديين، وذلك لأهمية موقعها
الجغرافي بوصفها حلقة وصل بين الشرق والغرب، ولرغبة استعمارية في السيطرة
على الأماكن المقدسة. كما أنها كانت رد فعل لفتوحات المسلمين وانتصاراتهم
التي جسَّدت التسامح الديني بين مختلف الأديان السماوية. وقد نظم الغزاة
القادمون من أوروبا الغربية ثماني حملات رئيسية، فيما بين 490 و 669هـ ،
1096 و1270م. وتعد تلك الفترة فترة توسع اقتصادي لأوروبا الغربية وزيادة
قواتها المسلحة. وكان الصــليبيون جزءًا من الحركات التوسعية النصرانية
الواسعة.
شارك الملوك والنبلاء وآلاف الفرسان والفلاحون وسكان المدن فيها. وقاتل
الكثير منهم لزيادة قواتهم وأراضيهم وثرواتهم، وكلاب الصليبيون بعض المعارك،
وأسسوا ممالك صليبية على طول الساحل الشرقي للبحر المتوسط.
كيف بدأت الحروب الصليبية؟؟؟
سيطرت الإمبراطورية البيزنطية خلال القرن السادس الميلادي على معظم الأراضي
المجاورة للبحر المتوسط، بما فيها جنوب شرقي أوروبا وآسيا الصغرى (تركيا
حاليًا) وفلسطين وسوريا وإيطاليا وأجزاء من أسبانيا وشمالي إفريقيا. وفتح
العرب المسلمون فلسطين في القرن السابع الميلادي. وقد سمح الحكام العرب
المسلمون للنصارى بزيارة دور العبادة.
وفتح السلاجقة الأتراك آسيا الصغرى وفلسطين وسوريا في القرن الحادي عشر
الميلادي. وهزموا البيزنطيين في معركة ملاذكرد في آسيا الصغرى عام 464هـ ،
1071م وأسروا إمبراطورهم رومانوس.
طلب الإمبراطور البيزنطي ألكلايوس كومنينوس عام 489هـ، 1095م المساعدة من
البابا أوربان الثاني بابا الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في قتاله ضد
الأتراك. ووافق البابا على ذلك وكان يرغب في الاستيلاء على الأماكن المقدسة
انطلاقًا من التعصب والحقد الكامنين في نفسه، وكذلك، لكلاب القوة والهيبة
لنفسه. وعقد أوربان في خريف 489هـ، 1095م مجلسًا لقادة الكنيسة في كليرمونت
الفرنسية، حثَّ فيه الأوروبيين على وقف القتال فيما بينهم، والاستيلاء على
الأراضي المقدسة، ووعدهم بمكافآت روحية ومادية مقابل أعمالهم. وأثارت
الرغبة في القتال أوروبا الغربية، وانضم الآلاف للأسباب السالفة الذكر.
كما التحق العديدون بالحملات الصليبية لأسباب مختلفة أخرى، منها الحصول على
الأراضي، وتوسيع التجارة، والغايات الدينية، إضافة لرغبة العديدين في
التخلص من شظف العيش وصعوبته.
الحملة الأولى (489 - 493هـ، 1096 - 1099م). قاد المنصر بطرس الناسك، والتر
المفلس، مجموعة غير مدربة وفوضوية عُرفت بالفلاحين الصليبيين. وطالبت
عناصرها بالطعام والمأوى أثناء تحركهم عبر أوروبا الشرقية باتجاه
القسطنطينية (إسطنبول حاليًا)، ولمّا عمد هؤلاء الفوضويون إلى السرقة قتل
الكثيرون منهم على يد الأوروبيين الغاضبين وقضى الأتراك على عدد كبير من
البقية الباقية منهم في آسيا الصغرى.
تألفت الجيوش الأساسية التي أرسلها البابا من الفرنسيين المدربين جيدًا
والفرسان النورمنديين. وشارك فيها جودفري البولوني، وريموند كونت تولوز،
وروبرت الفلاندري، وبيهموند من تارنتو. وانضمت إليهم القوات البيزنطية في
القسطنطينية وتمكن الجيش الموحد من الاستيلاء على نيقية عام 491هـ ، 1097م.
وبعد ذلك، انقسم الجيش وسار الأوروبيون الغربيون نحو القدس، وخاضوا العديد
من المعارك الدموية على طول الطريق، وكان أكثرها صعوبة حصار أنطاكية (مدينة
تركية الآن)، حيث هلك الكثيرون بسبب الهزيمة التي ألحقها بهم الأتراك،
ورحل الآخرون. ووصل الأوروبيون القدس في صيف 493هـ، 1099م، واستولوا على
المدينة المقدسة بعد ستة أسابيع من القتال، ثم عاد معظمهم لأوطانهم. وقسّم
القادة الأراضي التي احتلوها إلى أربع دول سمّوها دول الصليبيين اللاتينية،
وتضم مقاطعة إديسا (الرها) وإمارة أنطاكية، ومقاطعة طرابلس، ومملكة القدس.
الحملة الصليبية الثانية (542 - 544هـ، 1147 - 1149م). دعا إليها القديس
برنارد كليرفو بعد أن استرد عماد الدين زنكي (ت 541هـ ، 1144م) الرها، وبدأ
سلسلة من المعارك ضد الصليبيين انتهت بإجلائهم عن الشرق الإسلامي، وقاد
الحملة الصليبية ملك فرنسا لويس السابع وكونراد الثالث الألماني. وقاد
الجيوش الإسلامية نور الدين محمود الذي خلف أباه عماد الدين زنكي، واستطاع
أن يستولي على بعض ما كان قد احتله الصليبيون، وأسر جوسلين الثاني وبوهمند
الثالث حاكم أنطاكية وريموند الثالث حاكم طرابلس.
الحملة الثالثة (585 - 588هـ ، 1189 - 1192م). تابع المسلمون مهاجمتهم
للغزاة، وتمكن السلطان صلاح الدين الأيوبي من توحيد مصر وســوريا عام 579هـ
، 1183م، وهزمهم عام 583هـ، 1187م في معركة حطين، وظلت المدن الساحلية
مثل: صور، وطرابلس، وأنطاكيا، في أيدي الغزاة وكان أبرز القادة الأوروبيين
في هذه الحملة، الإمبراطور الألماني فريدريك الأول (المدعو بربروسا) والملك
البريطاني ريتشارد الأول (قلب الأسد) والملك الفرنسي فيليب الثاني
(أوغسطس).
غرق فريدريك وهو في طريقه إلى الأراضي المقدسة عام 586هـ، 1190م، واحتل
الغزاة ميناءي عكا ويافا الفلسطينيين عام 587 هـ، 1191م. ولما فشلت هذه
الحملة في احتلال القدس، قام ريتشارد بقتل أسرى المسلمين، وعاد فيليب إلى
بلاده، وعقد ريتشارد هدنة مع صلاح الدين لمدة ثلاث سنوات سمح بموجبها
للنصارى بزيارة بيت المقدس.
الحملة الرابعة (599 - 601هـ، 1202 - 1204م). أقنع البابا إنوسنت الثالث
الأوروبيين بالانخراط في الحملة الرابعة التي يفترض أن تتوجه للأرض
المقدسة، إلا أن قادتها قرروا مهاجمة مصر لإضعاف القوة الإسلامية. وتعاقدوا
مع تجار البندقية لنقلهم بالقوارب إلى مصر؛ ولكن لم يصل إلى البندقية إلا
ثلث العدد المتوقع الذي لم يتمكن من دفع تكاليف السفن.
حملة الأطفال (609هـ، 1212م). دعا إليها ستيفن كلوي وهو صبي. فرنسي فلاح،
وتبعه آلاف الأطفال المغرَّر بهم من الذكور والإناث ممن بلغت أعمارهم بين
10 و18 سنة، وكانوا من فرنسا وألمانيا، ولكن لم يصل أي منهم إلى فلسطين؛
فقد خطف تجار الرقيق هؤلاء الأطفال وباعوهم في أسواق النخاسة مما أثار
أهليهم وذويهم ودفع البابا إلى أن يستغلهم ويتخذهم وسيلة لإثارة الأحقاد ضد
المسلمين. أما الأطفال الألمان فقد توجهوا برًا وهلك معظمهم من الجوع
والمرض، وتجمد بعضهم حتى الموت خلال المسير الطويل قبل وصولهم إلى البحر
المتوسط، ولم يعد إلا القليلون منهم لأوطانهم.
الحملات الصليبية الأُخرى. استمرت الحملات
الصليبية في القرن الثالث عشر الميلادي. ففي الحملة التي عرفت بالحملة
الخامسة (614 - 618هـ، 1217-1221م)، استولى الصليبيون على مدينة دمياط في
مصر في بداية الأمر، وانتهت حملتهم بالفشل. وقاد الحملة السادسة (626 -
627هـ، 1228 - 1229م)، الإمبراطور فريدريك الثاني الذي أغضب البابا بتوقيعه
اتفاقًا مع سلطان المسلمين الملك الكامل قضى بسيطرة النصارى على بيت لحم
والقدس، وظلت بقبضتهم حتى استعادها المسلمون عام 642هـ، 1244م. وقاد لويس
التاسع ملك فرنسا الحملة السابعة (644 - 652هـ، 1248 - 1254م)، بادئاً بمصر
لاعتقاده بأن الهيمنة عليها تيسر السيطرة على الأراضي المقدسة في فلسطين؛
ولكن المسلمين أسروه وجيشه في زمن شجرة الدر زوجة الملك الصالح نجم الدين
أيوب ثم أطلق سراحه لقاء فدية كبيرة، ولكنه عاد وقاد الحملة الثامنة عام
669هـ، 1270م وأنزل قواته في تونس ثم هلك بعدها إثر تفشي الطاعون في صفوف
قواته. وكان نصيب الحملة التاسعة التي قادها الأمير إدوارد الأول الفشل عام
670هـ، 1271- 1272م. واستعاد المسلمون عكا آخر معقل للصليبيين في فلسطين
عام 690هـ، 1291م.
تمكن المسلمون من استعادة كافة المدن من الغزاة الصليبيين، وأخفق العديد من
المحاولات في القرنين الثامن والتاسع الهجريين، الرابع عشر والخامس عشر
الميلاديين، وانصرفت أنظار الأوروبيين إلى ما وراء المحيط الأطلسي.
نتائج الحملات. من أبرز نتائج تلك الحملات:1ـ أخفق الغزاة في تحقيق أهدافهم
الرئيسية للسيطرة على الأراضي المقدسة. 2ـ توحد المسلمون في مصر والشام
لدفع الخطر الصليبي عن بلادهم. 3ـ احتك الأوروبيون بشعوب أرقى منهم
فاستفادوا من أفكارهم وعلومهم ونظمهم. 4ـ سقوط الإمبراطورية البيزنطية تحت
السيادة العثمانية عام 1453م. 5ـ انحطت هيبة البابا لاستغلال بعض البابوات
تلك الحملات لتحقيق أغراض شخصية وسياسية. 6ـ أغنت الحروب الصليبية الحياة
الأوروبية، من خلال زيادة التجارة بين المدن الواقعة على البحر المتوسط،
فازدهرت المدن الإيطالية وازدادت ثرواتها من خلال نقل الغزاة للشرق الأوسط،
وعبرت البضائع الآسيوية خلال أراضيهم. 7ـ تعلم الأوروبيون طرق بناء السفن
ووضع الخرائط الدقيقة خلال الحملات. 8 ـ استخدم الأوروبيون البوصلة
المغنطيسية لتحديد الاتجاهات. 9ـ ازدهر الأدب والموسيقى في أوروبا وجلب
الأوروبيون بعض الآلات الشرقية معهم مثل العود وغيره