المقدمة
شهدت دول العالم خلال الفترة (1950-1990م) تزايداً سكانياً سريعاً رافقه تدفق مستمر للسكان من الريف إلى المدن واكتظاظ للسكان فيها، وتوسع عمراني على حساب الأراضي الزراعية، ويتوقع العلماء أن يكون لهذا التزايد السكاني آثاره الواضحة على الحياة الاجتماعية والاقتصادية في السنوات المقبلة؛ إذ سيزداد الطلب على المواد الغذائية والمياه بشكل خاص هذا التزايد السكاني نسميه النمو السكاني.
و التغير في عدد السكان يكون بفعل عناصر ثلاثة هم المواليد والوفيات والهجرة. فحالات الولادة التي تتم كل يوم تزيد من عدد السكان وحالات الوفاة التي تحدث كل يوم تنقص عدد السكان.
والمهاجرون من دولة إلى أخرى ينقصون عدد السكان في الأولي ويزيدون العدد في الثانية.
ويمكن أن نضع عناصر النمو السكاني الثلاثة على شكل معادلة على النحو التالي: النمو السكاني= عدد المواليد- عدد الوفيات+ عدد المهاجرين المغادرين- عدد المهاجرين الوافدين.
ونسمي الفرق بين عددي المواليد والوفيات بـ: الزيادة الطبيعية. كما نسمي الفرق بين عدد المغادرين وعدد الوافدين.
صافي الهجرة. ونستطيع تحويل تلك الأعداد في المعادلة السابقة إلى معدلات:
معدل النمو السكاني= معدل الزيادة الطبيعية+ معدل صافي الهجرة.
(1)
تأثير العوامل الطبيعية في نمو السكان
يتحكم في توزيع السكان على سطح الأرض في الوطن العربي مجموعة من العوامل المتشابكة،وبعضها طبيعي وبعضها بشرى . وتشمل العوامل الطبيعية المناخ والتضاريس والتربة والموارد الطبيعية . أما العوامل البشرية فيأتي في مقدمتها اتجاهات النمو السكاني ويدخل في هذا العمل المواليد و الوفيات من والهجرة الخارجية والداخلية من جهة أخرى ، كما تشمل الحرفة السائدة والمواصلات والحروب والمشكلات السياسية .
تتحكم العوامل الطبيعية تحكم واضحا في توزيع السكان بالوطن العربي وقد كانت العوامل الطبيعية تتحكم تحكم كاملا في هذا التوزيع في الماضي . أما في الوقت الحاضر فقد برزت أهمية العوامل البشرية ، ولم يعد الإنسان عبدا للطبيعة ، تسيطر عليه العوامل الطبيعية دون غيرها ، و إنما أصبح يلعب دوراً هاماً في تعديل وتخفيف أثر هذه العوامل الطبيعية والعوامل البشرية.
العوامل الطبيعية أولا-عامل المناخ : لاشك في أهمية الماء للحياة البشرية .وأهم المصادر المباشرة للماء هو المطر . لذلك يلعب دورا خطيرا في تشكيل نمط توزيع السكان في الوطن العربي . و إذا قارنا بين خريطة توزيع كثافة السكان وخريطة توزيع المطر السنوي في الوطن العربي نلاحظ ارتباطا وثيقا بين التوزيعين . فالمناطق الصحراوية التي يقل المطر السنوي فيها عن عشرة سنتيمترات ، والتي تشغل الجزء الأعظم من مساحة الوطن العربي تكاد تمثل المناطق غير المعمورة التي تقل فيها كثافة السكان عن نسمة واحدة في الكليو متر مربع .ويتجمع السكان وترتفع كثافتهم في بعض المناطق القليلة المطر إذا توافر الماء بغير طريق المطر سوى على شكل مياه سطحية جارية الأنهار أو المياه الجوفية . غير أن المياه الجوفية تتحدد غالبا تبعا للأمطار بخلاف الحال بنسبة لمياه الأمطار التي تجري لمسافات طويلة من مناطق مطير إلى مناطق جافة كما هو الحال في نهر النيل الذي يعتبر واديه ودلتاه أكبر واحة في العالم ، لذلك لا يرتبط توزيع السكان في هذا الوادي بالأمطار . ولكنه ترتبط بمباه النيل بلأضافة إلى عوامل أخرى طبيعية وبشرية .
وإذا كان المطر هو العامل الأساسي الذي يحدد الجهات المعمورة وغير المعمورة بصفة عامة في الوطن العربي ، فأنه لا يمثل العادل الأساسي في اختلاف كثافة السكان من منطقة إلى أخرى داخل الجهات المعمورة . بل أن عامل المطر يبدو سلبيا في جنوب السودان على سبيل المثال ففي هذه المنطقة تنخفض كثافة السكان على الرغم من غزارة الامطار وهنا يختفي عامل المطر لتبرز عوامل أخرى تؤثر وتتحكم في توزيع السكان سنشير أليها بعد قليل .
(2)
وتعد الحرارة عاملا مناخيا أخر يؤثر في توزيع السكان . واذا كان للحرارة اثر كبير في توزيع السكان في العالم ، ألا أن أثرها في توزيع السكان في الوطن العربي محدود نوعا .
والوطن العربي _ كما عرفت_ تنتمي أطرفه الشمالية في المنطقة المعتدلة الدفيئة ، بينما ينتمي معظمه للمنطقة المدارية الحارة ، ولذلك فالاختلافات الحرارية بين أجزاء الوطن العربي ليست كبيرة . هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فأن أثر الحرارة في توزيع السكان يبرز في جهات الباردة والمعتدلة الباردة . أما في الجهات الحارة والمعتدلة الدفئية فأن أثرها محدود ، ذلك أن مقدرة الإنسان على تحمل الحرارة المرتفعة تفوق كثيرا مقدرته على تحمل البرودة الشديدة . وللحرارة أثار غير مباشرة في توزيع السكان بالوطن العربي إذ يساعد ارتفاعها على سرعة توالد الحشرات والهزام ، وعلى انتشار أمراض النبات والحيوان التي تنقلها بصفة خاصة ذبابة تسي تسي ، وهذه كلها عوامل لا تشجع على السكني ويظهر أثر العوامل بوضوح في جنوب السودان .
ثانيا : الثروة المائية : الوطن العربي غني بثرواته المائية المتعددة ذات القيمة الاقتصادية الكبيرة نظرا لطول سواحله ، وتعدد بحاره وبحيراته ، وكثرة مجاريه المائية العذبة ومستنقعاته . وقد عرف العربي معظم هذه الثروات فاستغلها منذ أقدم العصور واتخذ منها غذائه ودواءه وزينته .
(3)
أثر النمو السكاني على التنمية الاقتصادية
ن المشكلة السكانية ليست مشكلة تنموية حقيقية لأنها ناجمة عن أسباب أخرى، وهي مشكلة مزيفة أوجدتها بشكل طوعي المنظمات والوكالات التابعة للدول المهيمنة لإبقاء الدول النامية على تخلفها، ولكن يمكن أن تكون الزيادة السكانية عاملاً ذا تأثير سلبي في المسيرة التنموية، إذا ما استطاعت عملية الانتاج في المجتمع استيعاب الزيادة السكانية وتأمين مقدرات مشاركتها في دفع عجلة التنمية للأمام، فمن الغلط أن ننظر لهذه الزيادة على أنها عامل يؤدي إلى زيادة الطلب وزيادة الأعباء على الموارد المتاحة ومن الأجدر أن ننظر إليها كعامل رئيسي في زيادة قوة العمل وعملية الانتاج، فالزيادة السكانية تتحول إلى عبء حقيقي على التنمية عندما لا يجري استغلال الموارد المتاحة بما فيها قوة العمل بصورة صحيحة ومنطقية وأكبر دليل على أن الزيادة السكانية دافع وليس معرقل هي تجربة سورية في مرحلة عقد السبعينيات، فعلى الرغم من بلوغ هذه الزيادة في نهاية هذه المرحلة 39٪ بالمقارنة مع سنة الأساس، فقد حقق كل من الناتج الاجمالي والصافي نسبة زيادة بلغت على التوالي 157٪ و164٪ وبالأسعار الثابتة بالمقارنة مع سنة الأساس، حيث كانت هذه الزيادات في ظل نسبة زيادة مجمل التكوين الرأسمالي بلغت 340٪ وفق أسعار 1985 الثابتة بالمقارنة مع سنة الأساس.
إذاً تنبع أهمية التنمية في استيعاب الفائض من السكان وتنظيم المسألة السكانية من خلال تحقيق تنمية المجتمع، فالنجاح في تحقيق التنمية الاقتصادية لا يعتمد على الموارد الطبيعية الغنية بقدر ما يعتمد على الكفاءة في تحفيز شعبها على المشاركة بجدية وفعالية في عملية التنمية.
وفي هذا الاطار أعد الاستاذ ناجي حديفه مدير التخطيط في السويداء محاضرة حول اثر النمو السكاني على التنمية الاقتصادية جاء فيها: يمكن دراسة هذا الأثر من خلال تأثيره على محدداتها وفيما يلي عرض لأهم تلك الآثار.
(4)
1-أثر النمو السكاني على سوق العمل:
يزيد النمو السكاني من عرض قوة العمل، لكن هذا العرض الاضافي لا يساهم في زيادة الانتاج إذا لم يتناسب مع الموارد المتاحة، وإنما سيؤدي إلى زيادة معدلات البطالة ويخفض من مستوى الأجور وبالتالي يتدنى المستوى التأهيلي لقوة العمل المستقبلية بسبب تأثير انخفاض الأجور على التركيب التعليمي للسكان.
2- أثر النمو السكاني على الادخار والاستثمار:
تؤدي زيادة عدد السكان إلى انخفاض الادخار والاستثمار وبالتالي انخفاض معدل النمو الاقتصادي والدخل الفردي، وتستند هذه الآراء إلى معدلات الخصوبة والمواليد، حيث أن التزايد السكاني يؤثر سلباً على عملية خلق التراكمات اللازمة لعملية التنمية، فارتفاع عدد السكان يؤدي إلى ارتفاع عدد المواليد في المجتمع، وهذا يؤدي بدوره إلى انخفاض نصيب الفرد الواحد مما يضعف مقدرة الأسر والافراد على الادخار وانخفاض مستوى دخل الأسرة بالمقارنة مع عدد افرادها يجعلها تكاد لا تفي باحتياجات هؤلاء الافراد من المادة الاستهلاكية الأساسية ويمنعهم من أي مدخرات ذات معنى وعندما يكون حجم الادخار في المجتمع ضعيفاً فسيكون بالتالي حجم الاستثمار ضعيفاً أيضاً والنتيجة ستضعف قدرة المجتمع على المشاريع الاستثمارية والتي ستعرقل عملية التنمية الاقتصادية.
3-أثر النمو السكاني على الاستهلاك:
يؤدي إلى زيادة الطلب الاجمالي على السلع بنوعيها الضروري والكمالي مقابل محدودية الدخل وزيادة الحاجات مما يشكل ضغوطاً على المسيرة التنموية للمجتمع.
من ناحية أخرى يرى بعض المفكرين من علماء السكان والاجتماع أن النمو السكاني يسهم في زيادة الطلب على الانتاج والتي من شأنها أن تزيد من الانتاجية ويسهم أيضاً في تنظيم فعالية الانتاج بفضل تحسين تقسيم العمل ويؤدي النمو السكاني إلى تخفيض الأعباء العامة للمجتمع بتوزيعها على عدد أكبر من السكان.
للتنمية أثر كبير على النمو السكاني وذلك من خلال ما تحدثه من تغيير في معدلات الولادات والوفيات في المجتمع ولمعرفة هذا الاثر نقوم بقياس أحد الموشرات التنموية الأساسية والاسترشاد به لنتمكن من معرفة تأثيره على النمو السكاني ومن ثم نعمم النتيجة التي تم التوصل إليها على المؤشرات التنموية المختلفة، فنأخذ مثلاً مستوى الدخل الفردي والذي هو من أهم مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي مجتمع من المجتمعات، فارتفاع مستوى الدخل يعتبر مظهراً من مظاهر التنمية ونتيجة من نتائجها والذي يؤدي ارتفاعه إلى انخفاض معدل الوفيات من خلال زيادة حصة الفرد المخصصة للانفاق بسبب تحسين الخدمات الصحية ونوعية الغذاء، فهناك علاقة عكسية بين مستوى الدخل ومعدل الوفيات فكلما زاد مستوى الدخل كلما أدى لانخفاض معدل الوفيات والعكلا صحيح.
(5)
أيضاً يؤثر تحسن مستوى الدخل على معدل الولادات ولكن تأثيره يختلف سواء سلباً أو إيجاباً من مجتمع لآخر فقد يؤدي تحسن مستوى الدخل إلى تأخير سن الزواج وبالتالي إلى انخفاض الخصوبة أو قد يؤدي إلى تعدد الزوجات وبالتالي ارتفاع الخصوبة، كذلك فإن رفع مستوى الخدمات في المجتمع يؤدي إلى زيادة الاستثمارات وتحسين مستوى الدخول والحد من البطالة ورفع مستوى معيشة الافراد، وهذا ينعكلا على المستوى التعليمي للافراد من خلال توفير المؤسسات التعليمية وانخفاض مستوى الأمية، علماً بأن التعليم بدوره يؤخر سن الزواج ويرفع من مستوى الوعي مما ينقص من فترة الخصوبة وبالتالي يميل معدل النمو السكاني للانخفاض في سبيل محافظة الافراد على مستوى معيشة مرتفع.
التعريف بالمشكلة السكانية
هي عدم التوازن بين عدد السكان والموارد والخدمات وهي زيادة عدد السكان دون تزايد فرص التعليم والمرافق الصحية وفرص العمل وارتفاع المستوى الاقتصادي فتظهر المشكلة بشكل واضح وتتمثل بمعدلات زيادة سكانية مرتفعة ومعدلات تنمية لا تتماشى مع معدلات الزيادة السكانية وانخفاض مستوى المعيشة، ويجدر القول إن الزيادة السكانية لا تشكل مشكلة دائماً فمعدل النمو السنوي لسكان الكويت بلغ أكثر من 7٪ خلال فترة 1970-1975 ومع ذلك بقيت تتمتع بمعدلات دخل مرتفعة والمشكلة السكانية لا تتمثل فقط بالزيادة السكانية إنما تتمثل أيضاً بالنقصان السكاني، وبالتالي فإن الأزمات والمشكلات المرتبطة بالمشكلة السكانية تعرب عن نفسها من خلال نقص الأيدي العاملة وتدني مستوى الانتاجية ومشاكل مرتبطة بالأسرة.. الخ، وهذا ما حصل في بلدان أوروبا الغربية في الفترة ما بين 1750-1880 حيث شهدت هذه المرحلة انتقال هذه الدول من الاقطاعية إلى الرأسمالية وحصول الثورة الصناعية وحاجتها الشديدة لأيد عاملة حتى كانت بحاجة لأيد عاملة (أطفال ونساء) فكان الحل أن حصل نمو انفجاري سريع وسجلت أعلى معدلات التزايد السكاني السريع لا بل حتى البعض يعتبرون أن المشكلة السكانية بهذا المعنى -التناقص السكاني- هي الأكثر خطراً على مستقبل الشعوب والدول من تللك المشكلة السكانية المعروفة بالتزايد السكاني.
بهذا المعنى نجد أن المشكلة السكانية لا يوجد لها قانون عام ولا تأخذ نفس المعنى والنتائج نفسها في كل المجتمعات وعلى اختلاف المراحل، بل لكل مجتمع ولكل مرحلة معطياتها الاقتصادية.. الخ هي التي تحدد طبيعة هذه المشكلة السكانية.
علاقة المشكلة السكانية بالتخلف والتنمية
في بلدان العالم الثالث
من خلال ما سبق نقف عند بعض التساؤلات التي تطرح نفسها وهي: هل صحيح ما يقال في أن النمو السكاني يشكل عقبة في طريق التنمية؟ وهل هو سبب تخلف بلدان العالم الثالث أم هو نتيجة لهذا التخلف؟ وهل صحيح أن مشكلة السكان تكمن في أعدادهم المتزايدة وأن حلّ هذه المشكلات يتوقف على تخفيض هذه الأعداد؟ أن هناك جذوراً أخرى ربما تكون بعيدة عن الجانب السكاني؟.
(6)
منذ عقد أول مؤتمر عالمي للسكان في العام 1954 وإلى يومنا هذا هناك سيل عارم لا ينقطع من الدراسات حول السكان وقضاياهم تؤكد في مجملها أن مشكلة البلدان النامية إنما تتمثل في زيادة أعداد سكانها وبذلك سار أصحاب هذه الدراسات على خطا مالتوس مقررين أن السكان في تزايدهم إنما يخضعون لقانون أبدي مطلق هو أن التكاثر عملية بيولوجية أبدية، هذا القرار توصلوا إليه بعدما أكدوا كما قال مالتوس أن السكان يتزايدون وفق متوالية هندسية في حين تتزايد الموارد وفق متوالية حسابية وبالتالي كل ما يوجد في هذه البلدان من مشاكل الجوع والفقر.. الخ.. إنما يعود للتزايد السكاني السريع لكننا نلاحظ في هذا الكلام شيئاً من المبالغة وبعداً عن واقع مشكلات البلدان النامية، فالتزايد السكاني ما كان ولن يكون تجسيداً لقانون طبيعي مطلق، فقد بينت التجارب لشعوب مختلفة على مسار التطور التاريخي أن عملية تكاثر البشر إنما هي عملية اجتماعية يخضع لها البشر في سلوكهم الانجابي إلى عوامل تتعلق بطبيعة المحيط الاجتماعي وبالتالي لا داعي للحديث عن أن البشر يخضعون إلى عملية بيولوجية، وللبرهان على ذلك نأخذ تجربة الدول الأوروبية في تطوراتها السكانية، حيث أن عملية تزايد سكانها مرت بعدة مراحل فحتى عام 1750 كانت ضمن مرحلة التوازن السلبي فنتيجة سيادة نمط الانتاج الزراعي وحاجة الانتاج للأيدي العاملة والحاجة لاقتناء الأطفال نشأت قيم الزواج المبكر وارتفعت بالتالي معدلات الولادات، ونظراً للتخلف في المستوى الصحي ارتفعت معدلات الوفيات وبالتالي كانت معدلات النمو السكاني أقرب للثبات. أما المرحلة الثانية فكانت بين عامي 1750-1880 وكما ذكرنا سابقاً تميزت هذه المرحلة بالانتقال من الاقطاعية إلى الرأسمالية ومع حصول الثورة الصناعية زادت معدلات الخصوبة نتيجة الحاجة لتشغيل المرأة والأطفال فشاعت قيم الزواج المبكر وتعدد حالات الانجاب فارتفعت معدلات الولادات ، كذلك انخفضت معدلات الوفيات نتيجة التقدم الصحي، وهكذا شكلت المسافة بين الولادات والوفيات في هذه الرحلة انفجاراً سكانياً وذلك في القرن 19.
أما المرحلة الثالثة امتدت بين 1880-1930 حيث لم يعد العمل بحاجة لأيد عاملة كثيرة إنما أصبح يتطلب أيدي عاملة خبيرة وفنية فأصبح وجود الأطفال عبئاً على الأسر التي عملت على تخفيض معدلات الولادة ومع استمرار انخفاض معدلات الوفيات أصبح الفرق بينهما بسيطاً -حتى أن بعض الدول كانت تعاني من نقص سكاني- ودخلت هذه الدول في مرحلة التوازن الايجابي.
(7)
ولا بد من الاشارة إلى أن البلدان النامية ومنها الدول العربية تشهد اليوم مرحلة الانفجار السكاني ولكن مع فارق بينها وبين الدول الأوروبية هو أن الأخيرة جاء نموها الانفجاري بعد تقدمها الصناعي في حين أن انفجار البلدان النامية السكاني سبق تقدمها الصناعي فلم تشهد تلك الثورة الصناعية ولا ذلك التقدم الاقتصادي.
من هنا نلاحظ أن طبيعة المشكلة تختلف من بلد إلى آخر، ففي البلدان النامية جاءت نتيجة للتخلف ولم تشهد تقدماً صناعياً وهنا يكمن مربط الفرس كما يقال، فالمشكلة تتجسد في التخلف والتبعية- استيراد العلم من الدول المتقدمة- التي جاء بعدها الانفجار السكاني وبالتالي حل المشكلة يتجه باتجاه الأساس وهو التخلف وليس تخفيض عدد السكان كما يروج له فهذه المشكلة هي نتيجة للتخلف وليست سبباً له، فالحل يكمن في الخلاص من التخلف، وهذه بعض الموشرات التي تدل على تلك الخسائر التي تتكبدها دول العالم الثالث والتي لا علاقة لها بالتزايد السكاني والتي قد تكون العامل الأساسي في تخلف هذه البلدان وإعادة انتاج تخلفها:
1-خدمة الديون: فالكثير من دول العالم الثالث لا يكفي كل ما لديها من واردات ودخل قومي لسداد ما هو مترتب عليها من ديون فيسجل ميزانها التجاري عجزاً نتيجة عدم المقدرة على دفع تلك الديون التي تأخذ شكل فوائد وأقساط.
2- تدهور التبادل الدولي حيث تصدر هذه البلدان المواد الخام بأسعار زهيدة جداً لتستوردها مواد مصنعة بأسعار تفوق الخيال.
3- الخسائر الناجمة عن طريق تحويل أموالها للخارج بواسطة الشركات الأجنبية العاملة في هذه البلدان وبالعملات الصعبة.
4- هجرة الأدمغة والكفاءات العلمية.
5-أثر العوامل الداخلية في البلدان نفسها التي تكرس التخلف وتعيد إنتاجه، كالنفقات الغذائية والعسكرية والمصاريف الباهظة على السلع الاستهلاكية.
مع الاشارة إلى أن 20٪ نسبة سكان البلدان المتقدمة من سكان العالم و80٪ يشكلون سكان البلدان النامية، في حين أن 80٪ من الدخل العالمي هو من نصيب سكان البلدان المتقدمة و20٪ فقط هو من نصيب سكان البلدان النامية.
يرى البعض أن مواجهة المشكلة السكانية عن طريق رفع الدخل والبعض الآخر يری ذلك عن طريق تغيير العادات والتقاليد، والبعض الآخر يعتبر أن المشكلة السكانية أمر حيوي ويتعين أن تحتل برامج تنظيم الأسرة الأهمية العظمى في ظل خطط التنمية، ولكن حل المشكلة السكانية يتطلب عدة خطوات أهمها التحرر الاقتصادي، ويعني ذلك نفي التبعية الاقتصادية بكافة أشكالها، سواء التبعية النقدية لنظام النقد الدولي أو التبعية التكنولوجية أو مشاركة رأس المال الأجنبي أو عدم السيطرة على النظام المصرفي المحلي.
(
المراجع
http://ar.wikipedia.org/wiki/
http://www.kefaya.org/Translations/0401albert.htm
(9)
الفهرس
الموضوع الصفحه
المقدمة 1
تأثير العوامل الطبيعية في نمو السكان
2
تابع تأثير العوامل الطبيعية في نمو السكان
3
أثر النمو السكاني على التنمية الاقتصادية
4
تابع أثر النمو السكاني على التنمية الاقتصادية
5
تابع أثر النمو السكاني على التنمية الاقتصادية
6
تابع أثر النمو السكاني على التنمية الاقتصادية
7
تابع أثر النمو السكاني على التنمية الاقتصادية
8
المراجع 9
شهدت دول العالم خلال الفترة (1950-1990م) تزايداً سكانياً سريعاً رافقه تدفق مستمر للسكان من الريف إلى المدن واكتظاظ للسكان فيها، وتوسع عمراني على حساب الأراضي الزراعية، ويتوقع العلماء أن يكون لهذا التزايد السكاني آثاره الواضحة على الحياة الاجتماعية والاقتصادية في السنوات المقبلة؛ إذ سيزداد الطلب على المواد الغذائية والمياه بشكل خاص هذا التزايد السكاني نسميه النمو السكاني.
و التغير في عدد السكان يكون بفعل عناصر ثلاثة هم المواليد والوفيات والهجرة. فحالات الولادة التي تتم كل يوم تزيد من عدد السكان وحالات الوفاة التي تحدث كل يوم تنقص عدد السكان.
والمهاجرون من دولة إلى أخرى ينقصون عدد السكان في الأولي ويزيدون العدد في الثانية.
ويمكن أن نضع عناصر النمو السكاني الثلاثة على شكل معادلة على النحو التالي: النمو السكاني= عدد المواليد- عدد الوفيات+ عدد المهاجرين المغادرين- عدد المهاجرين الوافدين.
ونسمي الفرق بين عددي المواليد والوفيات بـ: الزيادة الطبيعية. كما نسمي الفرق بين عدد المغادرين وعدد الوافدين.
صافي الهجرة. ونستطيع تحويل تلك الأعداد في المعادلة السابقة إلى معدلات:
معدل النمو السكاني= معدل الزيادة الطبيعية+ معدل صافي الهجرة.
(1)
تأثير العوامل الطبيعية في نمو السكان
يتحكم في توزيع السكان على سطح الأرض في الوطن العربي مجموعة من العوامل المتشابكة،وبعضها طبيعي وبعضها بشرى . وتشمل العوامل الطبيعية المناخ والتضاريس والتربة والموارد الطبيعية . أما العوامل البشرية فيأتي في مقدمتها اتجاهات النمو السكاني ويدخل في هذا العمل المواليد و الوفيات من والهجرة الخارجية والداخلية من جهة أخرى ، كما تشمل الحرفة السائدة والمواصلات والحروب والمشكلات السياسية .
تتحكم العوامل الطبيعية تحكم واضحا في توزيع السكان بالوطن العربي وقد كانت العوامل الطبيعية تتحكم تحكم كاملا في هذا التوزيع في الماضي . أما في الوقت الحاضر فقد برزت أهمية العوامل البشرية ، ولم يعد الإنسان عبدا للطبيعة ، تسيطر عليه العوامل الطبيعية دون غيرها ، و إنما أصبح يلعب دوراً هاماً في تعديل وتخفيف أثر هذه العوامل الطبيعية والعوامل البشرية.
العوامل الطبيعية أولا-عامل المناخ : لاشك في أهمية الماء للحياة البشرية .وأهم المصادر المباشرة للماء هو المطر . لذلك يلعب دورا خطيرا في تشكيل نمط توزيع السكان في الوطن العربي . و إذا قارنا بين خريطة توزيع كثافة السكان وخريطة توزيع المطر السنوي في الوطن العربي نلاحظ ارتباطا وثيقا بين التوزيعين . فالمناطق الصحراوية التي يقل المطر السنوي فيها عن عشرة سنتيمترات ، والتي تشغل الجزء الأعظم من مساحة الوطن العربي تكاد تمثل المناطق غير المعمورة التي تقل فيها كثافة السكان عن نسمة واحدة في الكليو متر مربع .ويتجمع السكان وترتفع كثافتهم في بعض المناطق القليلة المطر إذا توافر الماء بغير طريق المطر سوى على شكل مياه سطحية جارية الأنهار أو المياه الجوفية . غير أن المياه الجوفية تتحدد غالبا تبعا للأمطار بخلاف الحال بنسبة لمياه الأمطار التي تجري لمسافات طويلة من مناطق مطير إلى مناطق جافة كما هو الحال في نهر النيل الذي يعتبر واديه ودلتاه أكبر واحة في العالم ، لذلك لا يرتبط توزيع السكان في هذا الوادي بالأمطار . ولكنه ترتبط بمباه النيل بلأضافة إلى عوامل أخرى طبيعية وبشرية .
وإذا كان المطر هو العامل الأساسي الذي يحدد الجهات المعمورة وغير المعمورة بصفة عامة في الوطن العربي ، فأنه لا يمثل العادل الأساسي في اختلاف كثافة السكان من منطقة إلى أخرى داخل الجهات المعمورة . بل أن عامل المطر يبدو سلبيا في جنوب السودان على سبيل المثال ففي هذه المنطقة تنخفض كثافة السكان على الرغم من غزارة الامطار وهنا يختفي عامل المطر لتبرز عوامل أخرى تؤثر وتتحكم في توزيع السكان سنشير أليها بعد قليل .
(2)
وتعد الحرارة عاملا مناخيا أخر يؤثر في توزيع السكان . واذا كان للحرارة اثر كبير في توزيع السكان في العالم ، ألا أن أثرها في توزيع السكان في الوطن العربي محدود نوعا .
والوطن العربي _ كما عرفت_ تنتمي أطرفه الشمالية في المنطقة المعتدلة الدفيئة ، بينما ينتمي معظمه للمنطقة المدارية الحارة ، ولذلك فالاختلافات الحرارية بين أجزاء الوطن العربي ليست كبيرة . هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فأن أثر الحرارة في توزيع السكان يبرز في جهات الباردة والمعتدلة الباردة . أما في الجهات الحارة والمعتدلة الدفئية فأن أثرها محدود ، ذلك أن مقدرة الإنسان على تحمل الحرارة المرتفعة تفوق كثيرا مقدرته على تحمل البرودة الشديدة . وللحرارة أثار غير مباشرة في توزيع السكان بالوطن العربي إذ يساعد ارتفاعها على سرعة توالد الحشرات والهزام ، وعلى انتشار أمراض النبات والحيوان التي تنقلها بصفة خاصة ذبابة تسي تسي ، وهذه كلها عوامل لا تشجع على السكني ويظهر أثر العوامل بوضوح في جنوب السودان .
ثانيا : الثروة المائية : الوطن العربي غني بثرواته المائية المتعددة ذات القيمة الاقتصادية الكبيرة نظرا لطول سواحله ، وتعدد بحاره وبحيراته ، وكثرة مجاريه المائية العذبة ومستنقعاته . وقد عرف العربي معظم هذه الثروات فاستغلها منذ أقدم العصور واتخذ منها غذائه ودواءه وزينته .
(3)
أثر النمو السكاني على التنمية الاقتصادية
ن المشكلة السكانية ليست مشكلة تنموية حقيقية لأنها ناجمة عن أسباب أخرى، وهي مشكلة مزيفة أوجدتها بشكل طوعي المنظمات والوكالات التابعة للدول المهيمنة لإبقاء الدول النامية على تخلفها، ولكن يمكن أن تكون الزيادة السكانية عاملاً ذا تأثير سلبي في المسيرة التنموية، إذا ما استطاعت عملية الانتاج في المجتمع استيعاب الزيادة السكانية وتأمين مقدرات مشاركتها في دفع عجلة التنمية للأمام، فمن الغلط أن ننظر لهذه الزيادة على أنها عامل يؤدي إلى زيادة الطلب وزيادة الأعباء على الموارد المتاحة ومن الأجدر أن ننظر إليها كعامل رئيسي في زيادة قوة العمل وعملية الانتاج، فالزيادة السكانية تتحول إلى عبء حقيقي على التنمية عندما لا يجري استغلال الموارد المتاحة بما فيها قوة العمل بصورة صحيحة ومنطقية وأكبر دليل على أن الزيادة السكانية دافع وليس معرقل هي تجربة سورية في مرحلة عقد السبعينيات، فعلى الرغم من بلوغ هذه الزيادة في نهاية هذه المرحلة 39٪ بالمقارنة مع سنة الأساس، فقد حقق كل من الناتج الاجمالي والصافي نسبة زيادة بلغت على التوالي 157٪ و164٪ وبالأسعار الثابتة بالمقارنة مع سنة الأساس، حيث كانت هذه الزيادات في ظل نسبة زيادة مجمل التكوين الرأسمالي بلغت 340٪ وفق أسعار 1985 الثابتة بالمقارنة مع سنة الأساس.
إذاً تنبع أهمية التنمية في استيعاب الفائض من السكان وتنظيم المسألة السكانية من خلال تحقيق تنمية المجتمع، فالنجاح في تحقيق التنمية الاقتصادية لا يعتمد على الموارد الطبيعية الغنية بقدر ما يعتمد على الكفاءة في تحفيز شعبها على المشاركة بجدية وفعالية في عملية التنمية.
وفي هذا الاطار أعد الاستاذ ناجي حديفه مدير التخطيط في السويداء محاضرة حول اثر النمو السكاني على التنمية الاقتصادية جاء فيها: يمكن دراسة هذا الأثر من خلال تأثيره على محدداتها وفيما يلي عرض لأهم تلك الآثار.
(4)
1-أثر النمو السكاني على سوق العمل:
يزيد النمو السكاني من عرض قوة العمل، لكن هذا العرض الاضافي لا يساهم في زيادة الانتاج إذا لم يتناسب مع الموارد المتاحة، وإنما سيؤدي إلى زيادة معدلات البطالة ويخفض من مستوى الأجور وبالتالي يتدنى المستوى التأهيلي لقوة العمل المستقبلية بسبب تأثير انخفاض الأجور على التركيب التعليمي للسكان.
2- أثر النمو السكاني على الادخار والاستثمار:
تؤدي زيادة عدد السكان إلى انخفاض الادخار والاستثمار وبالتالي انخفاض معدل النمو الاقتصادي والدخل الفردي، وتستند هذه الآراء إلى معدلات الخصوبة والمواليد، حيث أن التزايد السكاني يؤثر سلباً على عملية خلق التراكمات اللازمة لعملية التنمية، فارتفاع عدد السكان يؤدي إلى ارتفاع عدد المواليد في المجتمع، وهذا يؤدي بدوره إلى انخفاض نصيب الفرد الواحد مما يضعف مقدرة الأسر والافراد على الادخار وانخفاض مستوى دخل الأسرة بالمقارنة مع عدد افرادها يجعلها تكاد لا تفي باحتياجات هؤلاء الافراد من المادة الاستهلاكية الأساسية ويمنعهم من أي مدخرات ذات معنى وعندما يكون حجم الادخار في المجتمع ضعيفاً فسيكون بالتالي حجم الاستثمار ضعيفاً أيضاً والنتيجة ستضعف قدرة المجتمع على المشاريع الاستثمارية والتي ستعرقل عملية التنمية الاقتصادية.
3-أثر النمو السكاني على الاستهلاك:
يؤدي إلى زيادة الطلب الاجمالي على السلع بنوعيها الضروري والكمالي مقابل محدودية الدخل وزيادة الحاجات مما يشكل ضغوطاً على المسيرة التنموية للمجتمع.
من ناحية أخرى يرى بعض المفكرين من علماء السكان والاجتماع أن النمو السكاني يسهم في زيادة الطلب على الانتاج والتي من شأنها أن تزيد من الانتاجية ويسهم أيضاً في تنظيم فعالية الانتاج بفضل تحسين تقسيم العمل ويؤدي النمو السكاني إلى تخفيض الأعباء العامة للمجتمع بتوزيعها على عدد أكبر من السكان.
للتنمية أثر كبير على النمو السكاني وذلك من خلال ما تحدثه من تغيير في معدلات الولادات والوفيات في المجتمع ولمعرفة هذا الاثر نقوم بقياس أحد الموشرات التنموية الأساسية والاسترشاد به لنتمكن من معرفة تأثيره على النمو السكاني ومن ثم نعمم النتيجة التي تم التوصل إليها على المؤشرات التنموية المختلفة، فنأخذ مثلاً مستوى الدخل الفردي والذي هو من أهم مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي مجتمع من المجتمعات، فارتفاع مستوى الدخل يعتبر مظهراً من مظاهر التنمية ونتيجة من نتائجها والذي يؤدي ارتفاعه إلى انخفاض معدل الوفيات من خلال زيادة حصة الفرد المخصصة للانفاق بسبب تحسين الخدمات الصحية ونوعية الغذاء، فهناك علاقة عكسية بين مستوى الدخل ومعدل الوفيات فكلما زاد مستوى الدخل كلما أدى لانخفاض معدل الوفيات والعكلا صحيح.
(5)
أيضاً يؤثر تحسن مستوى الدخل على معدل الولادات ولكن تأثيره يختلف سواء سلباً أو إيجاباً من مجتمع لآخر فقد يؤدي تحسن مستوى الدخل إلى تأخير سن الزواج وبالتالي إلى انخفاض الخصوبة أو قد يؤدي إلى تعدد الزوجات وبالتالي ارتفاع الخصوبة، كذلك فإن رفع مستوى الخدمات في المجتمع يؤدي إلى زيادة الاستثمارات وتحسين مستوى الدخول والحد من البطالة ورفع مستوى معيشة الافراد، وهذا ينعكلا على المستوى التعليمي للافراد من خلال توفير المؤسسات التعليمية وانخفاض مستوى الأمية، علماً بأن التعليم بدوره يؤخر سن الزواج ويرفع من مستوى الوعي مما ينقص من فترة الخصوبة وبالتالي يميل معدل النمو السكاني للانخفاض في سبيل محافظة الافراد على مستوى معيشة مرتفع.
التعريف بالمشكلة السكانية
هي عدم التوازن بين عدد السكان والموارد والخدمات وهي زيادة عدد السكان دون تزايد فرص التعليم والمرافق الصحية وفرص العمل وارتفاع المستوى الاقتصادي فتظهر المشكلة بشكل واضح وتتمثل بمعدلات زيادة سكانية مرتفعة ومعدلات تنمية لا تتماشى مع معدلات الزيادة السكانية وانخفاض مستوى المعيشة، ويجدر القول إن الزيادة السكانية لا تشكل مشكلة دائماً فمعدل النمو السنوي لسكان الكويت بلغ أكثر من 7٪ خلال فترة 1970-1975 ومع ذلك بقيت تتمتع بمعدلات دخل مرتفعة والمشكلة السكانية لا تتمثل فقط بالزيادة السكانية إنما تتمثل أيضاً بالنقصان السكاني، وبالتالي فإن الأزمات والمشكلات المرتبطة بالمشكلة السكانية تعرب عن نفسها من خلال نقص الأيدي العاملة وتدني مستوى الانتاجية ومشاكل مرتبطة بالأسرة.. الخ، وهذا ما حصل في بلدان أوروبا الغربية في الفترة ما بين 1750-1880 حيث شهدت هذه المرحلة انتقال هذه الدول من الاقطاعية إلى الرأسمالية وحصول الثورة الصناعية وحاجتها الشديدة لأيد عاملة حتى كانت بحاجة لأيد عاملة (أطفال ونساء) فكان الحل أن حصل نمو انفجاري سريع وسجلت أعلى معدلات التزايد السكاني السريع لا بل حتى البعض يعتبرون أن المشكلة السكانية بهذا المعنى -التناقص السكاني- هي الأكثر خطراً على مستقبل الشعوب والدول من تللك المشكلة السكانية المعروفة بالتزايد السكاني.
بهذا المعنى نجد أن المشكلة السكانية لا يوجد لها قانون عام ولا تأخذ نفس المعنى والنتائج نفسها في كل المجتمعات وعلى اختلاف المراحل، بل لكل مجتمع ولكل مرحلة معطياتها الاقتصادية.. الخ هي التي تحدد طبيعة هذه المشكلة السكانية.
علاقة المشكلة السكانية بالتخلف والتنمية
في بلدان العالم الثالث
من خلال ما سبق نقف عند بعض التساؤلات التي تطرح نفسها وهي: هل صحيح ما يقال في أن النمو السكاني يشكل عقبة في طريق التنمية؟ وهل هو سبب تخلف بلدان العالم الثالث أم هو نتيجة لهذا التخلف؟ وهل صحيح أن مشكلة السكان تكمن في أعدادهم المتزايدة وأن حلّ هذه المشكلات يتوقف على تخفيض هذه الأعداد؟ أن هناك جذوراً أخرى ربما تكون بعيدة عن الجانب السكاني؟.
(6)
منذ عقد أول مؤتمر عالمي للسكان في العام 1954 وإلى يومنا هذا هناك سيل عارم لا ينقطع من الدراسات حول السكان وقضاياهم تؤكد في مجملها أن مشكلة البلدان النامية إنما تتمثل في زيادة أعداد سكانها وبذلك سار أصحاب هذه الدراسات على خطا مالتوس مقررين أن السكان في تزايدهم إنما يخضعون لقانون أبدي مطلق هو أن التكاثر عملية بيولوجية أبدية، هذا القرار توصلوا إليه بعدما أكدوا كما قال مالتوس أن السكان يتزايدون وفق متوالية هندسية في حين تتزايد الموارد وفق متوالية حسابية وبالتالي كل ما يوجد في هذه البلدان من مشاكل الجوع والفقر.. الخ.. إنما يعود للتزايد السكاني السريع لكننا نلاحظ في هذا الكلام شيئاً من المبالغة وبعداً عن واقع مشكلات البلدان النامية، فالتزايد السكاني ما كان ولن يكون تجسيداً لقانون طبيعي مطلق، فقد بينت التجارب لشعوب مختلفة على مسار التطور التاريخي أن عملية تكاثر البشر إنما هي عملية اجتماعية يخضع لها البشر في سلوكهم الانجابي إلى عوامل تتعلق بطبيعة المحيط الاجتماعي وبالتالي لا داعي للحديث عن أن البشر يخضعون إلى عملية بيولوجية، وللبرهان على ذلك نأخذ تجربة الدول الأوروبية في تطوراتها السكانية، حيث أن عملية تزايد سكانها مرت بعدة مراحل فحتى عام 1750 كانت ضمن مرحلة التوازن السلبي فنتيجة سيادة نمط الانتاج الزراعي وحاجة الانتاج للأيدي العاملة والحاجة لاقتناء الأطفال نشأت قيم الزواج المبكر وارتفعت بالتالي معدلات الولادات، ونظراً للتخلف في المستوى الصحي ارتفعت معدلات الوفيات وبالتالي كانت معدلات النمو السكاني أقرب للثبات. أما المرحلة الثانية فكانت بين عامي 1750-1880 وكما ذكرنا سابقاً تميزت هذه المرحلة بالانتقال من الاقطاعية إلى الرأسمالية ومع حصول الثورة الصناعية زادت معدلات الخصوبة نتيجة الحاجة لتشغيل المرأة والأطفال فشاعت قيم الزواج المبكر وتعدد حالات الانجاب فارتفعت معدلات الولادات ، كذلك انخفضت معدلات الوفيات نتيجة التقدم الصحي، وهكذا شكلت المسافة بين الولادات والوفيات في هذه الرحلة انفجاراً سكانياً وذلك في القرن 19.
أما المرحلة الثالثة امتدت بين 1880-1930 حيث لم يعد العمل بحاجة لأيد عاملة كثيرة إنما أصبح يتطلب أيدي عاملة خبيرة وفنية فأصبح وجود الأطفال عبئاً على الأسر التي عملت على تخفيض معدلات الولادة ومع استمرار انخفاض معدلات الوفيات أصبح الفرق بينهما بسيطاً -حتى أن بعض الدول كانت تعاني من نقص سكاني- ودخلت هذه الدول في مرحلة التوازن الايجابي.
(7)
ولا بد من الاشارة إلى أن البلدان النامية ومنها الدول العربية تشهد اليوم مرحلة الانفجار السكاني ولكن مع فارق بينها وبين الدول الأوروبية هو أن الأخيرة جاء نموها الانفجاري بعد تقدمها الصناعي في حين أن انفجار البلدان النامية السكاني سبق تقدمها الصناعي فلم تشهد تلك الثورة الصناعية ولا ذلك التقدم الاقتصادي.
من هنا نلاحظ أن طبيعة المشكلة تختلف من بلد إلى آخر، ففي البلدان النامية جاءت نتيجة للتخلف ولم تشهد تقدماً صناعياً وهنا يكمن مربط الفرس كما يقال، فالمشكلة تتجسد في التخلف والتبعية- استيراد العلم من الدول المتقدمة- التي جاء بعدها الانفجار السكاني وبالتالي حل المشكلة يتجه باتجاه الأساس وهو التخلف وليس تخفيض عدد السكان كما يروج له فهذه المشكلة هي نتيجة للتخلف وليست سبباً له، فالحل يكمن في الخلاص من التخلف، وهذه بعض الموشرات التي تدل على تلك الخسائر التي تتكبدها دول العالم الثالث والتي لا علاقة لها بالتزايد السكاني والتي قد تكون العامل الأساسي في تخلف هذه البلدان وإعادة انتاج تخلفها:
1-خدمة الديون: فالكثير من دول العالم الثالث لا يكفي كل ما لديها من واردات ودخل قومي لسداد ما هو مترتب عليها من ديون فيسجل ميزانها التجاري عجزاً نتيجة عدم المقدرة على دفع تلك الديون التي تأخذ شكل فوائد وأقساط.
2- تدهور التبادل الدولي حيث تصدر هذه البلدان المواد الخام بأسعار زهيدة جداً لتستوردها مواد مصنعة بأسعار تفوق الخيال.
3- الخسائر الناجمة عن طريق تحويل أموالها للخارج بواسطة الشركات الأجنبية العاملة في هذه البلدان وبالعملات الصعبة.
4- هجرة الأدمغة والكفاءات العلمية.
5-أثر العوامل الداخلية في البلدان نفسها التي تكرس التخلف وتعيد إنتاجه، كالنفقات الغذائية والعسكرية والمصاريف الباهظة على السلع الاستهلاكية.
مع الاشارة إلى أن 20٪ نسبة سكان البلدان المتقدمة من سكان العالم و80٪ يشكلون سكان البلدان النامية، في حين أن 80٪ من الدخل العالمي هو من نصيب سكان البلدان المتقدمة و20٪ فقط هو من نصيب سكان البلدان النامية.
يرى البعض أن مواجهة المشكلة السكانية عن طريق رفع الدخل والبعض الآخر يری ذلك عن طريق تغيير العادات والتقاليد، والبعض الآخر يعتبر أن المشكلة السكانية أمر حيوي ويتعين أن تحتل برامج تنظيم الأسرة الأهمية العظمى في ظل خطط التنمية، ولكن حل المشكلة السكانية يتطلب عدة خطوات أهمها التحرر الاقتصادي، ويعني ذلك نفي التبعية الاقتصادية بكافة أشكالها، سواء التبعية النقدية لنظام النقد الدولي أو التبعية التكنولوجية أو مشاركة رأس المال الأجنبي أو عدم السيطرة على النظام المصرفي المحلي.
(
المراجع
http://ar.wikipedia.org/wiki/
http://www.kefaya.org/Translations/0401albert.htm
(9)
الفهرس
الموضوع الصفحه
المقدمة 1
تأثير العوامل الطبيعية في نمو السكان
2
تابع تأثير العوامل الطبيعية في نمو السكان
3
أثر النمو السكاني على التنمية الاقتصادية
4
تابع أثر النمو السكاني على التنمية الاقتصادية
5
تابع أثر النمو السكاني على التنمية الاقتصادية
6
تابع أثر النمو السكاني على التنمية الاقتصادية
7
تابع أثر النمو السكاني على التنمية الاقتصادية
8
المراجع 9