الانسان والطاقة 2
عرف الانسان الطاقة منذ قديم الازل...
عرفها كمصدر للدفء والحرارة والضوء..ومع اول ومضة برق في سماء الماضي الموغل في القدم..احترقت بعض شجيرات الغابة..فاكن اول عهده بالنار..فتعلم الرقص حولها اجلالا وخوفا وتقديسا..ثم بدا يفكر في تسخيرها لخدمته والا ستفادة منها...
عرف الانسان الاول بعض مصادر الطاقة فواجه بعضها وهرب من البعض الاخر ظنا منه انها ليست الا ارواحا شريرة او آلهة غاضبة وقتها..ولا عجب في ذلك فلم يكن للمنطق والتفكير المجرد مكان وقتها..وكانت جل حياته صراعا من اجل البقاء واقرب الى الحيوانية من الانسانية..
ومع مرور الوقت وتوالي العصور كانت النار ولازالت هي مصدر الطاقة الملهم والمبجل في نظر الشعوب والمجتمعات..فقد كانت رمزا للحياة والعيش العامر..وكانت عنصر أمن لهم..كما كانت بمثابة عقاب لبعضهم..بعضهم احترق بها جهلا واعتباطا..وبعضهم احرق بها..كونه كان عاصيا عاقا او مارقا..وللاسف فقد احرق بعضهم كونه اعمل فكره وجعل المنطق سيدا لفكر متخلف بهيمي وقتها..
تعلمت الشعوب ان النار طاقة فعالة ....بحرارتها اذابوا وصهروا المعادن لتبدأ فترة وحقبة جديدة من الصناعة لم تكن مالوفة من قبل..فتشكلت القوالب وبدات الصناعات الحرفية..وقتها..وان كانت مركزة على عامل الامن والدفاع او الحرب بشكل صحيح..فقد كان الخوف وعدم الشعور بالامان والتي كانت تعاني منه شعوب الماضي ..حافزا لهم لتسخير الطاقة الحرارية في صهر وتشكيل المعادن وقولبتها لتبدأ صناعة الحرب..وما يثير السخرية..انها اول صناعة اسسها الانسان ولازال يتوراثها ولحد الان..فهل نلوم الشعوب الحالية .انها وراثة الحرب وعامل الخوف المتوارث منذ القدم..!!!!
والى ماقبل القرن العاشر الميلادي..لم تكن تعرف معظم تلك الشعوب سوى ذلك الشكل الفريد من الطاقة ( النار) ...
لكن الفكر استيقظ وخصوصا بعد القرن العاشر الميلادي..ليبدا الانسان في التقرب من مصادر الطاقة الاخرى ..والتي لم يعرها اهتماما في البدء..وبمعنى اخر لم يحاول فهمها ودراستها واكتشاف خصائصها وفوائدها...
لم تبق شعلة النار على حالها..فقد قام احد علماء الانجليز ..بدراسات هامه..وبدا عمله الرائع بتساؤل مفاده..عند الاحتراق..تختفي الكتلة بشكل نسبي..وتضيع..لكنها لابد ان تظهر في شكل آخر..فقانون حفظ الطاقة البديهي يقول ان الطاقة لاتفنى ولا تستحدث من العدم ( ينطبق حاليا على كافة القوانين الارضية ويعطل عند نقاط التفرد -بدء الكون_ اندثار كتل النجوم)..
وراقب صاحبنا هذا مخرجات عمليات الاحتراق..فوجدها طاقة غازية..شكل أخر من اشكال الطاقة..فاحترق مادة ما لا يفنيها بل يحول مادتها الى شكل أخر من اشكال الطاقة .. على شكل طاقة غازية حرارية..فظهر لدينا اول محرك بخاري...ثم تطور ليصبح قلب القاطرة او القطار..وهلم جرا...
لا عجب ان تكون النار هي مصدر الطاقة الاساسي...لكن..النار ليست هي اساس الطاقة بل شكلا اخر لها...فمصدر الطاقة العظيم والمعين الذي لا ينضب هو لحظة تكون هذا الكون..عندما تفاعلت المادة مع ضديدها ليحصل ذلك المزيج المرعب من الطاقة والضوء...وبعد فترة من تشتت تلتها عملية استقرار كونية ..استقرت نويات المواد مع بعضها البعض لتبدأ سلسلة من تحولات وتفاعلات الطاقة الاولى..على شكل نجوم نابضة تزخر بطونها باصفى وانقى نظام لانتاج الطاقة وتحويلها...
وعندما بزغ الضؤ الوليد من تلك النجوم اخذ بنشر الدفء والحرارة واشعاعات اخرى..واخذت تتركز وتتجمع في اعمق اعماق الكواكب والاجسام الكونية الاخرى..لتبدا الطاقة مسيرتها من جديد هناك..
لازالت ترد الينا اشارات من اقصى نقاط الكون وابعدها...هذه الاشارات هي موجات من الطاقة تتدفق الينا وتلتقطها المجسات الصناعية لتؤكد لنا ان الكون ساخن وانه لم يبرد بعد..وهذا دليل آخر على ان صحة ذلك القانون ..والذي يقضي بعدم ضياع الطاقة..بل تحولها وتشكلها ..
وليس غريبا ان نقووووووووول ..انا نسبح في نهر كوني من الطاقة... فكل ما حولنا طاقة ..وقد وجد اخير ..ان كل جسم مادي يشع قدرا من الطاقة..ويبثها ..وانه اذا استمر ولفترة طويلة تقدر بالاف السنين فانه يضمحل لان الطاقة تخصم من مقدار كتلته...وهذا تماما ما اكدته النظرية النسبية..انما نحتاج لعامل زمني كبير وظروف مشروطة حتى يحدث التحول الخطير وتتحول المادة الى طاقة صافية...
قد يعتري احدنا الشك حول هذا الكلام... لكن دعونا نعود ونراجع ابسط نظريات الكيمياء الذرية..والتي تؤكد ان المادة مؤلفة من عناصر..وهذه العناصر مكونة من جزيئات والتي بدورها تتكون من ذرات تسبح حولها الكترونات....والسؤال هنا ..مالذي يبقي تلك الالكترونات سابحة ودائرة في شكل منظم يصعب تكفيفكه وتدميره الا بمقدا هائل من الطاقة..هذا ان دل ..فانما يدل على ان الطاقة الاولية والاساسية موجودة في قلب كل ذرة من ذرات المادة..طاقة كبيرة تمسك بالنويات وتوابعها من الانفلات..حتى نحصل على الشكل المادي الملموس للمادة..وهذا هو اساس نظرية التفاعل النووي الانشطاري..فلكي افكك محتويات الذرة واخفف من كتلتها..يجب ان امدها بطاقة هائلة تكفي لاحداث خلل في التركيب ما ينتج عنه انفلات للالكترونات..واذا تحرر الالكترون فانه يتحول الى طاقة..طاقة هائلة تدمر وتحرق...بلا رحمة...
هل مللتم من الحديث عن الطاقة الفيزيائية...حسنا ساتحدث عنكم..عن اجسادكم..
لسنا بصدد شرح بيولوجي بحت...بل فيزيائي فيسيولوجي ...
غذاؤنا الي نتناوله ليس الا شكلا من اشكال الطاقة..يتم تحويله من شكل طاقة خام الى طاقة من نوع خاص يستطيع الجسد البشري الاستفادة منها بشكل صحيح وسليم..
جميع انواع الطعام التي نتناولها..يتم تفكيكها وتحويلها الى ابسط مركب غذائي وهو الجلوكوز..وهو ابسط انواع السكر...هذا الجلوكوز يتم حمله ونقله عن طريق الدم الى جميع خلايا الجسم بلا استثناء..فهي تخزنه لحين الحاجة اليه...وقد تستخدمه على الفور في حالة الخلايا العضلية ( الهيكيلة- القلبية- العصبية)..حيث يتم حرقه داخل الخلية...( عدنا لموضوع الاحتراق)..
لكن هذه المرة الاحتراق يكون نظيفا..فلا بخار ولاد خان ولا انفجارات..بل يتم تحويل وتكلاير جزيء الجلوكوز الى مادة تسمى A.T.P ثلاثي فوسفات الادينوسين..وهو مركب الطاقة النهائي في جسم الانسان..فور تولد هذا الجزيء فانه يصدر طاقة حرارية على مستوى الخلية ..ويرتبط بالخلايا العصبية المحيطة بكل عضو في جسم الانسان..فتتم الحركة والتفاعلات..ولكي تتحرك عضلة ما..فانها تحتاج الى قدر معين من هذا المركب كي تستجيب الاعصاب المحيطة وتتم الحركة..