آسيا
(مقدمة )
تعتبر آسيا أكبر القارات وتشمل 30% من اليابسة وتقع تقريبا في نصف الكرة الشمالي. ويحدها شمالا المحيط القطبي الشمالي وبشرقه ممر بيرنج الجليدي. وفي الجنوب المحيط الهندي وبالغرب البحرين الأحمر والأبيض المتوسط. وشمال غرب تقع حدودها مع أوروبا. آسيا متصلة مع اوروبا بحيث انه يمكن اعتبراهما قارة واحدة ولكنهما تعتبران قارتين لاسباب تاريخية، وتعتبر جبال الاورال ونهر الاورال الفاصل بينهما. ترتبط مع افريقيا بشبه جزيرة سيناء وتعتبر قناة السويس الخط الفاصل بينهما. يقطن آسيا اكبر عدد من السكان مقارنة بالقارات الأخرى وفيها اكبر تجمعيين سكانيين في دول وهما الصين والهند، كما أن بها أكبر دولة بالعالم من حيث المساحة روسيا. قامت بها أكبر عدد من الحضارات القديمة كحضارات الهند وبابل وسومر وآشور والفرس والصين. وحضارة الفنيقيين والحيثيين والحضارة الإسلامية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
التاريخ:
إذا كانت أفريقيا مهد للأجناس البشرية تعتبر قارة آسيا مبعث الحضارات القديمة حيث شهدت عدة حضارات عبر تاريخها الموغل في القدم, وكلها مستقلة عن بعضها. فلقد أظهرت الحفريات أن الإنسان Homo sapiens (الإنسان الحديث) عاش بآسيا منذ آلاف السنين. وهذا ما تشير إليه حفرية جمجمة إنسان بكين التي وجدت قرب منطقة بيجنج بالصين وحفرية جمجمة إنسان جاوة بجزيرة جاوة بإندونيسيا وعمرهما يرجع إلي 500 ألف سنة. وهما من نوع الإنسان المنتصب الذي عاش في آسيا منذ مليون سنة. وهو سلف الإنسان العاقل. وقد إختفي الإنسان المنتصب من آسيا منذ 150 ألف سنة.
أقدم حضارة عرفت قامت في الوديان الكبري حول أنهار في جنوب غرب آسيا وشمال غرب الهند وشمال الصين. ورغم تعدد هذه الحضارات لكن سماتها الحضارية واحدة. فكلها كانت مجتمعات زراعية قامت بتنظبم نظم الري وترويض الفيضانات. وغارات البدو جعلت هذه المجتمعات تعيش في مدن مسورة للدفاع وتوفر الحماية للقواد الإورستقراطيين. وكان لإختراع المحراث سنة 3000ق.م. ضاعف محصولية الزراعة وقلل الحاجة للأيدي العاملة وجغلت العمال إلي عمال مهنيين. ولوفرة الإنتاج في الزراعة والصناعة جعلت هذه المجتمعات تلجأ لتبادل السلع مع الثقافات الأخري. ففي بلاد ما بين النهرين (نهري دجلة والفرات )بالعراق وشرق سوريا يطلق عليها مهد الحضارة بآسيا حيث كانت سومر لها ثقافاتها منذ3000ق.م. فلقد قام السومريون بالري عن طريق القنوات وإستعملوا البرونز وصنعوا آلاتهم من الحجر المصقول والفخار المشوي المصنوع بالعجلة والمنسوجات وبنوا المعابد والقصور ورحلوا علي عربات لها عجل وأبحروا بالمراكب. وكان لهم تقويمهم الدقيق حيث عرفوا من خلاله الفصول واخترعوا الكتابة المسمارية (مادة) التي أصبحت كتابة (مادة) عالمية. وعبدوا الشمس وكان لهم قانونهم المكتوب. وظلت بلاد مابين النهرين موئلا للحضارة حتي القرن السادس ق.م.وهناك كانت بابل التي حكمها الكلدان من القرن السابع ق,م, وحتي القرن السادس ق.م. وقد إستولي عليها الآشوريون الذين كانوا جيران بالشمال, منذ القرن التاسع حتي القرن السابع ق.م. وفي القرن السادس أصبحت هذه البلدان تخضع للفرس.
ظهرت حضارة أخري متطورة بالهند منذ 2300ق.م. بوادي الهندوس(السند) في شمال غرب الهند وجنوب باكلاتان. فكما حدث في يلاد مابين النهرين شق الهنود القنوات للري وتضاعفت المحاصبل وتكونت النظم السياسية والإجتماعية. وظهرت المدن وأهمها مدينتا موهنجو دالرو وهرابا وكانتا شوارعهما مستقيمة وبها مياه للشرب بالصنابير. وكان شعب وادي السند يستخدمون العربات المزودة بالعجلات وينتجون المجوهرات والدمي وكان لهم لغتهم المكتوبة. وكانت الهند تتبادل القطن والمنسوجات مع بلاد مابين النهرين. وخلال عامي 1500ق.م. و1200ق.م. داهمتموجات من وسط آسيا منطقة السند ومعهم عرباتهم التي كان يجرها الخيول وخربوا المدن هناك واستقروا أخيرا بوادي نهر الجانجيز بشمال شرق الهند. وكانوا يتكلمون لغة هندو إيريانية قديمة Old Indo-Aryan وهي أقدم لغاتهم الموجودة (كالسنسكريتية). ومنذ 900ق.م. وحتي 500ق.م. قام هؤلاء المستوطنون بإنشاء المدن المستقلة (مدن ولايات ) city-states وكانت كل ولاية تحكم حكما مطلقا. وكانت القنوات للري للزراعة قد شقوها وزرعوا الأرز الذي جلبوه من جنوب شرق آسيا.
في الصين قامت حضارة حوض نهر (هوانج هي) الذي يعرف بالنهر الأصفر مابين سنتي 3000ق.م. و1600ق.م. وكان يضم مجتمعات زراعية كبيرة وكان أهلها يربون دود القز(الحرير)ويغزلون خيوطه وينسجونها . وكانوا يتاجرون في الحرير بواسطة قوافل الجمال عبر وسط آسيا. ورغم أن المجتمع الصيمي كان متقدما ام يترك الصينيون سجلات مكتوبة حتي القرن 16 ق. م.وفي عهد مملكة زهوZhou الإقطاعي بالقرن 11ق.م. بسطت نفوذها علي مناطق بشمال شرق الصين حاليا وعلي حوض نهر يانجتزي Yangtze والذي به أبكركثافة سكانية بالعالم حاليا . وكانت زوهو تستعمل الأسلحة الحديدية وشقا لبطرق وتوسعت في نظم الري. وظهرت القوانين والفلسفة الكونفوشية Confucianism في هذا العهد. وبدأت الحضارات المبكرة تنمو وتتفاعل لمدة 11قرت مابين عامي 500ق.مز وحتي 600م.حيث اخذت الدول تتوسع لبسط نفوذها وتوسيع دائرتها كما فعل الفرس والإغريق. وخلال هذه الحقبة للإتصال والهجرة بين الشعوب إنتشرت الديانات الكبري والفلسفات خارج منابتها.
في سنة 300ق.م. هزم الإسكندر الأكبر الفرس وكون إمبراطورية إغريقية إمتدت من اليونان حتي الهند وبعد وفاته بالحمي عام 323ق.م. قسمت إمبراطوريته لثلاث ممالك وقام ملوكها الإغريق بإدخال الثقافة الإغريقية. وكانت المملكة الآسيوية الإغريقية قد إنقسمت لعدة ولايات . من بينها ولاية بكتريا التي سيطرت علي التجارة وطرقها من الشرق للغرب ومن الشمال للجنوب حيث كان تبادل السلع بينهم. فكان الحرير الصيني والقطن الهندي يرسل لليونان وروماومنهما كان يرسل لآسيا الزجاج والذهب والمصنوعات الأخرى. وكانت الثقافة الإغريقية قدوصلت لبكتريا أولاورغم غزو البدو الكوشيين لها لكن الثقافة الهيللينية ظلت باقية .وكانت اللغة الهيللينية في القرن الأول م. لغة المال والتجارة والديبلوماسية .بعد ذلك دخلت الثقافة الإغريقية والرومانية غرب آسيا ولاسيما في القرن الرابع م. حيث قامت الإمبراطورية البيزنطية.
كان شمال الهند غزاه الفرس والإسكندر وهاجمه الرعاة من آسيا الوسطى تاثرت الثقافة الهندية بثقافات الغزاة. ونجد أن البوذية والهندوسية قد أثّرتا في الفلسفة الإغريقية. وفي شمال غرب الهند ظهر نموذج النحت الإغريقي البوذي. وكان شائعا في القرن الثاني الميلادي. ولتبني شمال الهند للبوذية استطاعت نشرها في آسيا الوسطى والصين. وفي سنة 320م ظهرت العمارة الهندية أيام حكم إمبراطورية جوبتا في وادي الجنجيز ورغم سقوطها في القرن الرابع م. إلا أنها خلفت حضارتها حيث بلغت أوجها في العمارة والفن.
منذ سنة 206 ق.م. وحتي 200م، كان أباطرة عهد هان بالصين لديهم طموحاتهم. فقد بنوا نقاط مراقبة حصينة بالشمال فوق سور الصين العظيم وحواف الصحراء لحماية طرق القوافل التجارية الطويلة من غارات البدو. كان التجارالعرب والفرس والهنود انوا يزورون عاصمة الهان بالصين. وفي عام 195 ق.م. إحتلت دولة هان أجزاء من شمال كوريا وأدخلت بها الثقافة الصينية. وبالجنوب دخلت ثقافة الصين فيتنام التي كان قد إحتلها الصينيون لمدة 1000 عام. وكانت حضارة هان قد شهدت تطورا في صناعة الفخار والتماثيل والرسم والموسيقي و الأدب الصيني ولاسيما بعد إختراع الصينيين للورق .وخلال القرنين الرابع والسابع الميلاديين أصبح الكوريون بوذيين واتبعوا الكتابة الصينية. ومن كوريا دخلت الثقافة الصينية جزر اليابان. ومنذ القرن السابع وحتى القرن 18م، شهدت آسيا قوتين اثرتا في أحداث آسيا وهما ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي وإنتشاره و إكتساح المغول لمعظم آسيا وتهديد أوروبا بالغزو المغولي الكاسح. لكنهم دانوا بالإسلام وكانوا مصدر قوة له في آسيا ولاسيما بعد إقامتهم للإمبراطورية الإسلامية بالهند.