. نظام الحكم في الاسلام يقوم على قواعد اربع هي :
السيادة للشرع لا للشعب .
السلطان للامة .
نصب رئيس دولة واحدة فرض على المسلمين .
لرئيس الدولة وحده حق تبني الاحكام الشرعية .
كل من له ادنى اطلاع على الاسلام من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد ان هناك العديد من الاحكام الشرعية التي عالجت شؤون الحكم والسياسة، وشؤون الاجتماع والاقتصاد وشؤون المعاملات والعقوبات . كما عالجت العبادات والاخلاق والمطعومات والملبوسات . وقد وردت في العديد من الايات الكريمة وفي الاحاديث الشريفة صريحة وواضحة، مثل قوله تعالى"وان احكم بينهم بما انزل الله"وقوله تعالى"ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون"وكقوله تعالى"واما تخافن من قوم خيانة فانبذ اليهم على سواء"وقوله تعالى"وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر الا على قوم بينكم وبينهم ميثاق"وكما يقول"اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم"وكما يقول"واحل الله البيع وحرم الربا"وقوله"الا ان تكون تجارة عن تراض"وكقوله"ياايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه وليكتب كاتب بالعدل"كما يقول"والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما"ويقول"الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة"وكذلك تجده يقول"اقم الصلاة لدلوك الشمس"ويقول"فمن شهد منكم الشهر فليصمه"ويقول"وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما"هذا على سبيل المثال لا الحصر، وجاء في الاحاديث الشريفة ما بين وفصل ما جاء في الكتاب وغير ذلك مما جعل الاسلام بحق"تبيانا لكل شيء"وكما جاء فيه"ما فرطنا في الكتاب من شيء"ومن هنا نجد ان الاسلام نظام للحياة كامل متكامل . ونظام الحكم فيه فريد لا يشبه غيره، ولا غيره يشبهه، لانه نظام يقوم على اساس روحي، وهو احكام شرعية مستنبطة من ادلتها التفصيلية، وقد جعل الدولة فيه هي الطريقة لتنفيذ احكامه، وحفظ اهدافه العليا لصيانة المجتمع . فهو حين يخاطب كل فرد بعينه، فعلى الفرد ان يقوم بما خوطب به، قيام المؤمن بدينه، المتقي لربه، ولكنه حين يخاطب المسلمين بوصفهم جماعة، ويطلب منهم القيام بعمل بوصفهم جماعة لا بوصفهم افرادا، كقوله تعالى"السارق والسارقة فاقطعوا ايديهما"فان هذا الخطاب موجه للمسلمين بوصفهم جماعة، وعليهم جميعا يقع اثم تعطيل هذا الحكم، وكذلك الخطاب الموجه للرسول بصفته رئيس دولة، او قائدا للجيش، او راعيا للامة فهو خطاب للمسلمين بوصفهم جماعة، وكذلك بقية الاحكام المتعلقة بالحكم والسياسة والاقتصاد والاجتماع ورعاية الشؤون والعقوبات وغيرها فان اثم تعطيلها يقع على عامة المسلمين الذين لا يعلمون جديا الى تطبيقها . لذلك كان لا بد من ان ينيب المسلمون عنهم من يقوم بهذه الفروض وينفذ هذه الاحكام، فيسوس الامة، ويرعى الرعية، ويحمي بيضة الاسلام، ويقيم الحدود، ويحمي الثغور، ويحمل رسالة الاسلام الى العالم، ويتعامل مع الشعوب والامم الاخرى تبعا لهذه الاحكام والقواعد التي جاء بها الاسلام . وعلى هذا فقد شرع الاسلام لدولته ونظام حكمه قواعد يقوم عليها، واركانا واجهزة تنفذ ما جاء به من احكام، ومن ملاحظة هذه القواعد نجد ان نظام الحكم في الاسلام يختلــــــف بل يتناقض مع كافة النظم في العالم في الشكل والمضمون . ونود ان نبين ذلك في القاعدة الاولى من قواعد الحكم، مع ان تناقضه واختلافه مع غيره واضح وجلي في كل قاعدة فيه .
والقاعدة الاولى هي : السيادة للشرع لا للشعب .
هم يقولون ان السيادة للشعب وبالرغم من انها اصطلاح غربي ولكن لها مدلول معين وهو ممارسة الارادة . فالفرد الذي يملك ارادته ويمارسها دون جبر او اكراه يسمى حرا، والفرد الذي يملك ارادته ولكنه لا يمارسها بل يمارسها غيره فهو العبد . وكذلك الشعوب، فالشعب الذي يملك ارادته ويمارسها، فهو شعب حر . واما الشعب الذي يملك ارادته ولكنه لا يمارسها بل يمارسها غيره رغما عنه فهو شعب مستعبد . وممارسة الارادة تعني تسيير العلاقات بين الناس مع بعضهم او بينهم وبين غيرهم . ولذلك فانهم حينما يقولون ان السيادة للشعب انما يعني ذلك ان الشعب هو الذي يمارس ارادته مختارا، فهو يختار ممثلين عنه، يعهد اليهم بوضع الدستور والقوانين وهم من يسمون عادة بالهيئة التأسيسية، او مجلس النواب، باختيار لجنة منه تقوم بوضع الدستور او تعديله ثم يقرها مجلس النواب فتصبح تشريعا ملزما للجميع، وكذلك يقوم المجلس او الشعب مباشرة باختيار هيئة تنفيذية منها رئيس للدولة يستأجرونهم لتنفيذ ما وضعوا من تشريعات وقوانين، هذا واقع السيادة للشعب، اي ان الشعب هو واضع الدستور والقوانين، وهو المستأجر للحكام اي للهيئة التنفيذية . اي مجلس الوزراء، يعينهم ويعزلهم متى شاء . ولا يختلف هذا سواء اكان الحكم ملكيا مطلقا ام ملكيا دستوريا، وسواء اكان الحكم جمهوريا برلمانيا ام جمهوريا رئاسيا الا اختلافات شكلية باختلاف عقليات واضعي الدستور والقوانين فالشعب في جميع هذه الحالات هو صاحب السيادة .
ان انظمة الحكم في العالم كله لا تكاد تخرج عن هذه القاعدة، سواء وضع التشريعات مجلس النواب المنتخب او الجمعية التأسيسية، او الحزب الحاكم المؤيد من الشعب، اللهم الا الديكتاتوريات فالوضع فيها يختلف من حيث شمول الممارسة، فان كانت فئة منه ما هي المتسلطة، كالاحزاب الشيوعية، وديكتاتورية البروليتاريا ومن هم على شاكلتها كانت السيادة لهذه الفئة، او هذا الحزب، من حيث انه هو الممارس لارادة الشعب، اما ان كان الدكتاتور شخصا واحدا فانه يصبح هو السيد الممارس لارادة الشعب، يسيرها حسب رغبته وهواه، لا حسب رغبة الشعب . ومع ذلك فالجميع يلتقون على امر واحد وهو ان الذي يضع القوانين ويسن الشرائع هو الانسان . سواء اكان فردا ام مجموعة افراد، فمصدر التشريع عندهم، والممارس للارادة هو الانسان، فردا كان ام حزبا ام الشعب بمجموعه .
وعلى هذا فان نظام الحكم في الاسلام على النقيض من كافة انظمة الحكم في العالم . ملكية كانت ام جمهورية . ديمقراطية كانت ام شيوعية، رأسمالية ام اشتراكية، فهو على نقيضها جميعها لان القاعدة الاولى فيه تقول ان السيادة للشرع وليست للشعب . وهذا يعني ان الشعب يملك الارادة ولكن لا يمارسها بل الذي يمارسها هو الشرع، ويعني ذلك ان الشعب مقيد بالشرع . اي مستعبد لله تعالى منزل الشرع . وحين عرفنا ممارسة الارادة انها وضع التنظيمات والقوانين لتسيير علاقات الناس وتنظيم سلوكهم، فان الذي نظم علاقات الناس في الاسلام وحدد سلوكهم هو الشرع ولهذا فهو صاحب السيادة وليس الشعب . وحين يجعل العقيدة الاسلامية هي اساس الدولة بحيث لا يتأتى وجود شيء في كيانها، او جهازها، او محاسبتها، او كل ما يتعلق بها، الا بجعل العقيدة الاسلامية اساسا له، وهي في نفس الوقت اساس الدستور والقوانين الشرعية بحيث لا يسمح بوجود شيء مما له علاقة بأي منهما الا اذا كان منبثقا عن العقيدة الاسلامية، فالمسلم ملزم بتسيير اعماله جميعها حسب اوامر الله ونواهيه، والدولة ملزمة بتطبيق احكام الشرع في كافة اعمالها، واجهزة الحكم ينتظمها الشرع وتسير في تصريف اعمالها بحسب الشرع . وما من مسلم الا ويؤمن بان الله محاسبه على كل عمل قام به في دنياه حاكما كان ام محكوما . فالله تعالى يقول"لله ما في السموات وما في الارض وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله"ويقول"ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ."
اضف الى ذلك ان هذه الفكرة - فكرة السيادة للشعب - بالرغم من انها فكرة كفر ومتناقضة كل المناقضة للاسلام، وتجعل مع الله الهة اخرى، وبالرغم من فسادها وظهور عوارها، وبالرغم من جعلها المجتمع حقل تجارب . وحيوانات مختبر، يجري الحقوقيون والمشرعون تجاربهم عليه، بالرغم من كل ذلك، فقد استطاع الكفار ان يزينوها لابناء المسلمين وحملوها لهؤلاء النفر الذين تثقفوا بثقافتهم، وحملوا افكارهم، وما زالوا يعملون على ايجاد رأي عام لها . ليضيفوها الى مجموعة العقد - مجموعة افكارهم ومفاهيمهم - التي تسربت الى نفوس بعض ابناء المسلمين، ليصبح ضغثا على ابالة، ورجسا على مزبلة .
وخلاصة القول ان الاسلام، عقيدة وتشريعا، يقوم على ما يلي :
1 - ان نظام الحكم في الاسلام ينبثق عن العقيدة الاسلامية، ويحرم اخذ العقيدة بالظن . لان الظن لا يغني من الحق شيئا . وهي مبنية على العقل، وموافقة لفطرة الانسان .
2 - وان التشريع فيه مصدره الوحي، والوحي فقط، وان ما جاء به الوحي هو الكتاب والسنة، وما ارشدا اليه وليس هناك اي مصدر تشريعي اخر . وان مهمة العقل هي فهم ما جاء به الشرع ليس الا، فالانسان ليس بمشرع . وانما هو مكلف بالالتزام بالشرع .
3 - وان مصدر العزة والانفة عند المسلم ايمانه بانه عبد لله . وشعوره بعبوديته لله تعالى هي مصدر فخره ورفضه العبودية والانصياع لغيره كائنا ما كان . شعاره وميزان سلوكه"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"وهذا ما يبين اختلاف نظام الحكم في الاسلام عن غيره من النظم .
السيادة للشرع لا للشعب .
السلطان للامة .
نصب رئيس دولة واحدة فرض على المسلمين .
لرئيس الدولة وحده حق تبني الاحكام الشرعية .
كل من له ادنى اطلاع على الاسلام من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد ان هناك العديد من الاحكام الشرعية التي عالجت شؤون الحكم والسياسة، وشؤون الاجتماع والاقتصاد وشؤون المعاملات والعقوبات . كما عالجت العبادات والاخلاق والمطعومات والملبوسات . وقد وردت في العديد من الايات الكريمة وفي الاحاديث الشريفة صريحة وواضحة، مثل قوله تعالى"وان احكم بينهم بما انزل الله"وقوله تعالى"ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون"وكقوله تعالى"واما تخافن من قوم خيانة فانبذ اليهم على سواء"وقوله تعالى"وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر الا على قوم بينكم وبينهم ميثاق"وكما يقول"اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم"وكما يقول"واحل الله البيع وحرم الربا"وقوله"الا ان تكون تجارة عن تراض"وكقوله"ياايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه وليكتب كاتب بالعدل"كما يقول"والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما"ويقول"الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة"وكذلك تجده يقول"اقم الصلاة لدلوك الشمس"ويقول"فمن شهد منكم الشهر فليصمه"ويقول"وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما"هذا على سبيل المثال لا الحصر، وجاء في الاحاديث الشريفة ما بين وفصل ما جاء في الكتاب وغير ذلك مما جعل الاسلام بحق"تبيانا لكل شيء"وكما جاء فيه"ما فرطنا في الكتاب من شيء"ومن هنا نجد ان الاسلام نظام للحياة كامل متكامل . ونظام الحكم فيه فريد لا يشبه غيره، ولا غيره يشبهه، لانه نظام يقوم على اساس روحي، وهو احكام شرعية مستنبطة من ادلتها التفصيلية، وقد جعل الدولة فيه هي الطريقة لتنفيذ احكامه، وحفظ اهدافه العليا لصيانة المجتمع . فهو حين يخاطب كل فرد بعينه، فعلى الفرد ان يقوم بما خوطب به، قيام المؤمن بدينه، المتقي لربه، ولكنه حين يخاطب المسلمين بوصفهم جماعة، ويطلب منهم القيام بعمل بوصفهم جماعة لا بوصفهم افرادا، كقوله تعالى"السارق والسارقة فاقطعوا ايديهما"فان هذا الخطاب موجه للمسلمين بوصفهم جماعة، وعليهم جميعا يقع اثم تعطيل هذا الحكم، وكذلك الخطاب الموجه للرسول بصفته رئيس دولة، او قائدا للجيش، او راعيا للامة فهو خطاب للمسلمين بوصفهم جماعة، وكذلك بقية الاحكام المتعلقة بالحكم والسياسة والاقتصاد والاجتماع ورعاية الشؤون والعقوبات وغيرها فان اثم تعطيلها يقع على عامة المسلمين الذين لا يعلمون جديا الى تطبيقها . لذلك كان لا بد من ان ينيب المسلمون عنهم من يقوم بهذه الفروض وينفذ هذه الاحكام، فيسوس الامة، ويرعى الرعية، ويحمي بيضة الاسلام، ويقيم الحدود، ويحمي الثغور، ويحمل رسالة الاسلام الى العالم، ويتعامل مع الشعوب والامم الاخرى تبعا لهذه الاحكام والقواعد التي جاء بها الاسلام . وعلى هذا فقد شرع الاسلام لدولته ونظام حكمه قواعد يقوم عليها، واركانا واجهزة تنفذ ما جاء به من احكام، ومن ملاحظة هذه القواعد نجد ان نظام الحكم في الاسلام يختلــــــف بل يتناقض مع كافة النظم في العالم في الشكل والمضمون . ونود ان نبين ذلك في القاعدة الاولى من قواعد الحكم، مع ان تناقضه واختلافه مع غيره واضح وجلي في كل قاعدة فيه .
والقاعدة الاولى هي : السيادة للشرع لا للشعب .
هم يقولون ان السيادة للشعب وبالرغم من انها اصطلاح غربي ولكن لها مدلول معين وهو ممارسة الارادة . فالفرد الذي يملك ارادته ويمارسها دون جبر او اكراه يسمى حرا، والفرد الذي يملك ارادته ولكنه لا يمارسها بل يمارسها غيره فهو العبد . وكذلك الشعوب، فالشعب الذي يملك ارادته ويمارسها، فهو شعب حر . واما الشعب الذي يملك ارادته ولكنه لا يمارسها بل يمارسها غيره رغما عنه فهو شعب مستعبد . وممارسة الارادة تعني تسيير العلاقات بين الناس مع بعضهم او بينهم وبين غيرهم . ولذلك فانهم حينما يقولون ان السيادة للشعب انما يعني ذلك ان الشعب هو الذي يمارس ارادته مختارا، فهو يختار ممثلين عنه، يعهد اليهم بوضع الدستور والقوانين وهم من يسمون عادة بالهيئة التأسيسية، او مجلس النواب، باختيار لجنة منه تقوم بوضع الدستور او تعديله ثم يقرها مجلس النواب فتصبح تشريعا ملزما للجميع، وكذلك يقوم المجلس او الشعب مباشرة باختيار هيئة تنفيذية منها رئيس للدولة يستأجرونهم لتنفيذ ما وضعوا من تشريعات وقوانين، هذا واقع السيادة للشعب، اي ان الشعب هو واضع الدستور والقوانين، وهو المستأجر للحكام اي للهيئة التنفيذية . اي مجلس الوزراء، يعينهم ويعزلهم متى شاء . ولا يختلف هذا سواء اكان الحكم ملكيا مطلقا ام ملكيا دستوريا، وسواء اكان الحكم جمهوريا برلمانيا ام جمهوريا رئاسيا الا اختلافات شكلية باختلاف عقليات واضعي الدستور والقوانين فالشعب في جميع هذه الحالات هو صاحب السيادة .
ان انظمة الحكم في العالم كله لا تكاد تخرج عن هذه القاعدة، سواء وضع التشريعات مجلس النواب المنتخب او الجمعية التأسيسية، او الحزب الحاكم المؤيد من الشعب، اللهم الا الديكتاتوريات فالوضع فيها يختلف من حيث شمول الممارسة، فان كانت فئة منه ما هي المتسلطة، كالاحزاب الشيوعية، وديكتاتورية البروليتاريا ومن هم على شاكلتها كانت السيادة لهذه الفئة، او هذا الحزب، من حيث انه هو الممارس لارادة الشعب، اما ان كان الدكتاتور شخصا واحدا فانه يصبح هو السيد الممارس لارادة الشعب، يسيرها حسب رغبته وهواه، لا حسب رغبة الشعب . ومع ذلك فالجميع يلتقون على امر واحد وهو ان الذي يضع القوانين ويسن الشرائع هو الانسان . سواء اكان فردا ام مجموعة افراد، فمصدر التشريع عندهم، والممارس للارادة هو الانسان، فردا كان ام حزبا ام الشعب بمجموعه .
وعلى هذا فان نظام الحكم في الاسلام على النقيض من كافة انظمة الحكم في العالم . ملكية كانت ام جمهورية . ديمقراطية كانت ام شيوعية، رأسمالية ام اشتراكية، فهو على نقيضها جميعها لان القاعدة الاولى فيه تقول ان السيادة للشرع وليست للشعب . وهذا يعني ان الشعب يملك الارادة ولكن لا يمارسها بل الذي يمارسها هو الشرع، ويعني ذلك ان الشعب مقيد بالشرع . اي مستعبد لله تعالى منزل الشرع . وحين عرفنا ممارسة الارادة انها وضع التنظيمات والقوانين لتسيير علاقات الناس وتنظيم سلوكهم، فان الذي نظم علاقات الناس في الاسلام وحدد سلوكهم هو الشرع ولهذا فهو صاحب السيادة وليس الشعب . وحين يجعل العقيدة الاسلامية هي اساس الدولة بحيث لا يتأتى وجود شيء في كيانها، او جهازها، او محاسبتها، او كل ما يتعلق بها، الا بجعل العقيدة الاسلامية اساسا له، وهي في نفس الوقت اساس الدستور والقوانين الشرعية بحيث لا يسمح بوجود شيء مما له علاقة بأي منهما الا اذا كان منبثقا عن العقيدة الاسلامية، فالمسلم ملزم بتسيير اعماله جميعها حسب اوامر الله ونواهيه، والدولة ملزمة بتطبيق احكام الشرع في كافة اعمالها، واجهزة الحكم ينتظمها الشرع وتسير في تصريف اعمالها بحسب الشرع . وما من مسلم الا ويؤمن بان الله محاسبه على كل عمل قام به في دنياه حاكما كان ام محكوما . فالله تعالى يقول"لله ما في السموات وما في الارض وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله"ويقول"ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ."
اضف الى ذلك ان هذه الفكرة - فكرة السيادة للشعب - بالرغم من انها فكرة كفر ومتناقضة كل المناقضة للاسلام، وتجعل مع الله الهة اخرى، وبالرغم من فسادها وظهور عوارها، وبالرغم من جعلها المجتمع حقل تجارب . وحيوانات مختبر، يجري الحقوقيون والمشرعون تجاربهم عليه، بالرغم من كل ذلك، فقد استطاع الكفار ان يزينوها لابناء المسلمين وحملوها لهؤلاء النفر الذين تثقفوا بثقافتهم، وحملوا افكارهم، وما زالوا يعملون على ايجاد رأي عام لها . ليضيفوها الى مجموعة العقد - مجموعة افكارهم ومفاهيمهم - التي تسربت الى نفوس بعض ابناء المسلمين، ليصبح ضغثا على ابالة، ورجسا على مزبلة .
وخلاصة القول ان الاسلام، عقيدة وتشريعا، يقوم على ما يلي :
1 - ان نظام الحكم في الاسلام ينبثق عن العقيدة الاسلامية، ويحرم اخذ العقيدة بالظن . لان الظن لا يغني من الحق شيئا . وهي مبنية على العقل، وموافقة لفطرة الانسان .
2 - وان التشريع فيه مصدره الوحي، والوحي فقط، وان ما جاء به الوحي هو الكتاب والسنة، وما ارشدا اليه وليس هناك اي مصدر تشريعي اخر . وان مهمة العقل هي فهم ما جاء به الشرع ليس الا، فالانسان ليس بمشرع . وانما هو مكلف بالالتزام بالشرع .
3 - وان مصدر العزة والانفة عند المسلم ايمانه بانه عبد لله . وشعوره بعبوديته لله تعالى هي مصدر فخره ورفضه العبودية والانصياع لغيره كائنا ما كان . شعاره وميزان سلوكه"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"وهذا ما يبين اختلاف نظام الحكم في الاسلام عن غيره من النظم .