لتقرع الأجراس لبلادي
تحجّري يا صيحة الخناجر العريانه
وراية الخيانه
فلن تجرّ بالسلاسل الخيام والمعسكرات
لن تجرّ أمهات
شعبي ومن شعورهنّ من عروقهنّ
في يديك كالحبال
إلى مسيرة الفناء
مخالب البنادق التي أطلقتها كالوحوش
على ربيعنا الذي يعيش
في الصدور لؤلؤا في الصدف
أتحلمين !
وأنت في إغماءة المطاف
أن تكلاري الأصداف
وتقطفي من الصدور لؤلؤ الربيع
لكي تزيّني به صقيع
نيران " شاهك " القزم
أتحلمين !
أن تسحبي نابلسنا حديقة الثوّار
وزهرها الذي يذوذ نحلك المزّيف المشؤوم
في قلبه شذاه لا يفوح
أتحلمين !
أن تسحبي نابلسنا حديقة الثوّار
أن تسحبي سلفيت
بما غزلت من خيوط عنكبوت
أن تكنسي الشرر
تقدحه أقدامنا العريانة العطشى على الطريق
أن تحرقي أحلام إخوتي الذين يحلمون
في " الجفر " بالخيانه
راكعة عريانه
معصوبة العيون
وظهرها إلى الجدار
وحولها دماؤها وحول
من قلبها تسيل
أخي وصيحة الخلاص
قد أوشكت تضيء والأغلال
على معاصم الثوّار تحتضر
والرصاص
في بنادق العصابة السوداء ينتحر
فلتشرق الرياح
في أجراس شعبنا , لشعبنا فلتقرع الأجراس
البداية
لصوص الصلبان
أحبابي ,
ألواح صليبي ليست
أرجوحة جلاّدي
فلتقرع أجراس الأصفاد
لسنا نخلا من رمل تحنيه الريح
ليلثم ظلّ السجّان
لسنا ربّانا قد نحر الأشرعة
على الشطآن
قربانا للقرصان
فلقد ولّت كدخان
ملء مناقير الغربان
أيام لصوص الصلبان ..
***
كعطاش كنّا
نتعثّر بخرير الأنهار ,
كنّا كنهار
يتعثّر بالأنوار
سنبلة لله وسنبلة للقيصر
أمّا قبض الريح فللحصّاد
أحبابي :
أن نحمل هودج سلطان
أن نصلب كي يتسلّق
ألواح الصلبان
لصوص الصلبان ..
أن تصبح أعلامي ..
أقنعة نوافذ سجّاني ..
لا , أحبابي ,
قد كفّ الجرح يغرّد
لسياط الجلاّد ..
أحبابي :
إن ضلّ الجدول عن منبعه
تمضغه أشداق الكثبان ,
فحذار , حذار
أن نخطف موجا من بحر ,
أن نزرعه في صحراء
أن نحلم أن يصبح
حقل بحار ,
وحذار , حذار
من حصّاد أفاق
من فرط الخوف الكذّاب
من لصّ الحقل
حماه , بسياج جراد ..
أحبابي :
لا يبني الطائر عشّا
في جحر الثعبان..
الطائر لا يدفا
تحت جناح الحدأة , أحبابي
فكفاكم , وكفاني
نفخا في الأكفان ,
ليس يضمدّ جرح البركان
أكوام من حطب ودخان
لنضمّد جرح البركان
بنار البركان ,
أحبابي :
والفأس المدفونة في الجدران
تستيقظ ,
فليستيقظ حرّاس الجدران
البداية
من مذكرة الليل
على جدار ليلي الرهيب
رسمت صوتك الحبيب
وآسمك الحبيب زنبقه
من شطّ بحرنا وموجة مؤرّقه
على رمال سهدها الطويل تنتظر
من الغيوم فارس القمر
رسمت صوتك الحبيب
واسمك الحبيب
برعما من النسيم
منوّرا في جحيم
صحراء عزلتي وليلي الرهيب
البداية
الشرارة في الهشيم
أن أطير
على جواد
مجنّح عريان
وأن تكوني لي وأن نطير
معا على أمواجنا البيضاء
وخلفنا تطير موجة مزغرده
وتقدح السنابك الخضراء
شرارة انطلاقنا العظيم
في هشيم
من يشهرون
في فجرنا الصليب
كالخنجر المسنون
أن نطير
على جوادنا المجنّح العريان
يا وردتي التي تفوح في أصفاد
عجزنا الرهيب
حلمي وحلمك الجريح أن يذوب
نجمة وبلبلا في مهد حبنّا الصليب
البداية
الصوت ما يزال
مدينتي , أقراطها الزنابق البيضاء
وعقدها حبّاته براعم الأنداء
يحبّها علاء
أخي الذي يجوع والربيع في مدينتي ذراع
وبرتقاله على الشجر
أخي الذي يرشّه الرصاص والمطر
إليك من دمائه اللألأة السّلام
ومن مدينتي السلام
مدينتي الشاهرة السلاح والجراح
متراسها الأمواج والنيران والرياح
وخلفه تلألأت خوذتها الحمراء
سحابة حمراء
من اللهيب والدماء
ومن قيودي التي تهزّني إلى النضال
إلى الخنادق البعيدة المنال
إلى البنادق الرفرافة الظلال
وفوّهاتها العيون لا تنام
سهرانة على السلام
ومن يدي التي تحنّ للزناد
وضغطة على الزناد
وصرخة الرصاصة الثاقبة الهواء
هواؤك المقاتل الغزاه
الهابطين بالأكفان
من مقابر الفضاء
مصلّبين كالدمى على الهواء
وصرخة القنبلة الثاقبة الأمواج
فتنهض الأمواج
أعماقها المسنونة المياه
تحفر القبور في المياه
ووقفة في أرضك المنبتة العناد
والحقد في النوافذ المكلاورة الزجاج
قناعه اللهيب والدخان
فوّهة لبندقية بلا إصبع على الزناد
تقاتل الغزاه
ويحرس الحياه
رصاصها المقاتل الغزاه
وتطلق المدافع الحارسة الفضاء
حمامة من اللهيب والدخان
في الفضاء تحرس الفضاء
والصوت ما يزال
صوت المقاتل العنيد ما يزال
صوت المدينة العنيدة النضال
يرنّ في الأنقاض والدخان
يرنّ في جدارنا هنا فنلعن الجدار
هنا ترفرف الشجاعة المكلاورة الجناح
هنا يد بلا سلاح
هنا دم بلا جراح
وبيننا وبين نارك الصديقة اللّهيب
يا بور سعيد هذه الأسوار
لكّنها لم تثننا الأسوار
تطلّعي تري ظلالنا تهبّ كالرياح
إلى خنادق الكفاح
تسلّقت ظلالنا القضبان والأسوار
ظلالنا الشاهرة السلاح
ظلالنا تقاتل الغزاه
والصوت ما يزال
صوت المقاتل العنيد ما يزال
يهبّ في المدينة العنيدة النضال
فتزهر الرجال في الأنقاض والدروب
وتومض الأنفاس في الصدور
وينبض السلاح من جديد
في يد المقاتل الشهيد
وتشهر النيران في النوافذ المكلاورة الزجاج
قبضاتها لتلهب الغزاه
وتعصف الرياح كالمدى
تسمّر الغزاه
على مسالك الدروب
وفي مدينتي التي تهزّها
عواصف الكفاح
تهزّها من الجذور
مدينتي التي نهارها رصاص
وليلها رصاص
وأرضها التي تعضّ في خطى الغزاه
الصوت ما يزال
صوت المقاتل العنيد ما يزال
يرنّ في المعسكرات والتلال
وفي خطى النساء والأطفال والرجال
إلى الأمام , والسلام يا ابتسامة الكفاح
إلى الأمام , والسلام يا يدا بلا سلاح
إلى الأمام , والسلام يا رصاصة تطيش
من رعشة الحقد على الوحوش
إلى الأمام , والسلام يا رصاصة تصيب
سلامنا لخندق يشمخ بالمتراس
سلامنا لخندق عار بلا متراس
سلامنا إليك يا فراشة ,
قد رفرفت على غزال
ومن حموا إشراقة النضال
ومن حموا جمال
وأقبلوا عليك بابتسامة السلام والسلاح
وبابتسامة الكفاح
البداية
المتاريس
قد أقبلوا فلا مساومه
المجد للمقاومه
لراية الإصرار شاهقه
للموجة الحمراء من صيحاتنا المعلّقه
على الشوارع الممزّقه
ولليد المكّبله
ولليد الطّليقة المناضله
المد للجريح والمثقوب قلبه وللمطارد
مدينتي ! قد أقبلوا ليلا من الأظفار والخناجر
وكنت نجمة تقاتل
أضواؤها العريانة السلاسل
وكانت الذئاب تقتفي خطى الجداول
وكنت ماردا من السنابل
يداه منجلان والجراد زاحف قوافل
يريد أن يجرّ للطاحون مارد السنابل
***
مدينتي يا أدمع البركان قد جرت مشاعل
ويا ابتسامة الزلازل
مطبوعة سيفا على جبين شعبي المكافح
مدينتي زنبقة خضراء لم تنم على سرير فاتح
ولم تصبّ الزيت في مصباح خائن
رموشه بساط كلّ مقبل ورائح
من صانعي المذابح
ولم تهب ضفيرة أسلاك معتقل
ولم تقبّل سوط طاغيه
كجاريه
مدينتي ! رأيت كيف تنسج الأمل
خطى حبيبك البطل
وكيف قد نشرت من دمائك الشراع
يمخر الحرائق
النار لا تمسه ولا الصواعق
ولا الرصاص طائرا حصى من البنادق
مدينتي ! واحسرة القيثارة الخرساء
للغناء والبلابل
تشدو إلى الأبطال , واعذاب شاعر
في السلاسل
وأنت في السلاسل
ولم تكن تناضل
غير الحروف من شريانه جرت قصائد
***
مدينتي ! وأيّ رعشة تهزّني وأيّ عاصف !!
من ذكرياتك العواصف
من ذكريات السجن والسّجان والأبطال والمعارك !
وخائن تهالك
وفوق صرخة القتيل
والمعذّبين في انتظار
الموت سار ,
وحشا يشدّ للرّحى السوداء ,
كي تدور تطحن الدماء
يداه حبلا كلّ خانق
عيناه شبّاكان للعدوّ منهما أطلّ بالبنادق
على الخيام والمنازل
يصيد إخوتي
أبناء شعبي البواسل
***
الآن يرفع الستار يا مدينتي عن المجازر
عن وجه كلّ ثائر
عن الرياح كيف أصبحت تحارب
راية العدوّ في فضائنا مسنونة المخالب
وكيف قد هوت كحيّة
تعضّ في جراحها السواكب
عن اسمك المهيب يا جمال ,
كيف ينسج الغرائب
والمعجزات والعجائب
وكيف كان شمسنا الخضراء في الدياجر
ووردة حمراء في ضفائر
أختي , وفي شبّاكها سربا من البلابل
وكيف كان بور سعيد
صخرة من اللهيب , غابة من السواعد
يا فارس الفوارس
صغنا لك الجواد من صباحنا
وشعبنا أهداك بيرق البيارق
خضنا به الرصاص
موجة من الزنابق
والنار موجة من النسائم
وكانت القيود في المعاصم
كعنكبوت في جنون جوعها
رمت خيوطها على العواصف
وفتح الإصرار زهرة
صدّاحة البراعم
وعضّ في جراحه العدو , والمتراس شاهق
وبورسعيد بندقية البنادق
وخندق الخنادق
شمس من الجراح قد تسمّرت في الليل
فوق جبهة المحارب
يا بورسعيد.. الفجر طالع ,
هذا صياح الديك يوقظ الرصاص في البنادق
والرياح في الحرائق
وأوشك الصباح أن يمسّ راية المحارب
يا بور سعيد ليس روحك الوهّاج ,
وحده يقاتل
ولا مدينتي وحيدة تقاتل
لك الشعوب رفرفت بنادق
وسرّجت لك البحار والسحائب
وصرخة الأحجار حجّرت
رصاص نيرانه فلم تعد قواطع
أنيابها القواطع
وفي عيونه تسمّر الدخان كالحصى ,
كالشوك كالأظافر
***
مدينتي تطلّعت إلى الجراد وهو راحل
فرفرفت بها الشوارع
مدينتي تحبّ ,
آه يا سليلة الأصداف
يا زيتونة الأمواج
يا حورية الخنادق
يا وردة الورد في حديقة الحدائق
يا نجمة مجنّحة
يا زهرة مسلّحة
من قال إنّ الفارس الحبيب مات في الطريق
فجاء راكبا جواده
ولابسا دروعه صديق
كي – يا حبيبي – ترمي بخاتم الحبيب
في خوذة الغريب
ولست يا مدينتي غمدا لكلّ سيف
كرمة لكلّ قاطف
قيثارة لكلّ عازف
فلن تكوني غير شعب قد توهجت
خطاه خلف قائد
مزغرد الجراح صامد
مدينتي ! عروس شعبي التي تغار
من إكليلها العرائس
قد أقبلوا فيالق
الحيّة الرقطاء والحمامة البيضاء
والغربان والعنادل ..
وجاء اصدقاؤك الهنود بالمغازل
ومن على أكتافهم ترفرف المطارق الحمراء والمناجل
وتضحك السّنابل
من لم تبلّ خبزهم دماء ثائر
وجاءك الذين خبّأوا القيود
في الخوذات والبيارق
وفي معاطف من الزجاج ,
طرّزت بأعين الثعالب
الحالمين بالحرائق
بغابة من المشانق
الطامعين أن تكوني حانة ومخدعا وقنطره
وأن تكوني يا مدينتي مؤامره
وأن يكفّ القلب عن خفوقه إلى جمال
وأن تموت في الوحول راية النضال
***
إليك عن أجفاننا الخضراء
يا أحلام زارعي الجرائم
وناصبي الخيام للمآتم
وأقبلي وفي ظلام القحط
مشعلا من السنابل
ورفرفي على رمالنا جداول
تقدّمي إلى الأمام بالغبار بالدماء
بالبيارق المغبّره
بالخوذة المعفّره
بالبندقية المزمجره
بأغنيات النصر كالبراعم المنّوره ..
تقدّمي بكلّ ما قد ألبستك أمّك الحرية المظفّره
في بور سعيد في المدينة الملوّحه
بزهرة انتصارنا على المدى مفتّحه ..
تقدّمي يا – مصرنا – المجنّحه
حمامة مسلّحه ..
تقدّمي , ففي الطريق مارد
قد أطلقته من أحشائها العواصف
ومن يقل عثار مارد
كبت به الجراح غير مارد ....
فليحتشد فلاّحنا الهمام بالمحراث والشراشر
وليأت كلّ غائب
ليأت عامل النسيج والمشرّد الطريد
والجائع المسافر الذي غدا خبز الطريق
ليأت صيادوك يا أمواجنا المهجورة الهوادر
ليقطفوا ثمارك النواضر
الآن في سمائنا أسراب أنجم الشعوب
تزرع السلاح والسّنابل
فلنرم إخوتي البواسل
شباكنا على السلاسل
***
يا إخوتي وطائر الحصاد
لا يبرح الأسلاك والحدود
رغم غزوة الجراد والرماد
وأنه من غير زاد
ورغم ألف ليلة وليلة من السهاد
في الصباح حينما جرت , جداول الصباح
أبصرته موّرد الجناح
في عنفوان سكرة الأحلام
...إنّ ماردا من صلب بور سعيد
من صلب بندقية سورية على الحدود
يحمله في هودج من السنابل
وأنّ ألف ألف مارد
يشيّدون حوله وهم يغرّدون
قصرا من السنابل
وأنّ منها ماردا قد طار ثم عاد
من معسكر الجياع
من الخيام
الراعشات في مشانق الظلام
قد طار ثم عاد
على الجناح
هودج الفلاّح
لعرشك المجيد يا أخي المجيد
يا سلطان ..
ففي الركاب ألف ألف شمعدان
و ألف ألف صولجان
***
هذا الذي رآه طائر الأمل
أوحى له بأن يطير في الصباح
لخيمة الفلاّح
وأن يقول ما رأى ...
يا إخوتي فلنفرد الخطى
على الطريق أشرعه
ولنمخر الحدود
الدرب لا تقل طويل
وزادنا قليل
قنديلنا بلا قتيل
فخبزنا من موسم السنابل الجديد
ومن بعيد
ترفرف الميناء
حمامة بيضاء
في منقارها غصن من الضياء
البداية
المخلص الكذاب المستر جون فوستر دلاس
على صليب
من ورق الزيتون
تمدّد المخلّص الكذّاب
كالغراب
على بساط نور
" ابكين يا جواري "
" بأدمع الحواري "
يا كلّ فرسان الوحول
حوطّوا عجل الذهب
من قبل في عشائه الأخير
قال لن يخونني منكم أحد
يا إخوتي لحمي لكم قرص عسل
خمر دمي لكم كفرحة الحياة
كذّابتان
عيناه تغمضان
المخلّص الكذّاب قام
كلاارق بين النيام
بخنجر من اللهيب
قد راح يقطع المسعور
لحم إخوتي خبز بنادق
دماء إخوتي بها يسقي المشانق
البداية
المهاجرون
أخي في الكفاح أخي في العذاب
أتسمع مثلي عواء الذئاب
تفزّع أطفالنا النائمين
وتنذر أحلامهم بالخراب
ويفتح أعينهم في الظلام دويّ الرصاص ولمع الحراب
وتخنق صرخاتهم كالنّجوم إذا خنقتها حبال السحاب
ولكّنه سوف يأتي الصباح ويكلار أبواب هذا الضباب
يضيء لنا أرض آبائنا
وأرض طفولتنا والشباب
فتورق آمالنا كالغصون وكانت جذورا ببطن التراب
فقم وادع مثلي ليوم الخلاص وميلاد تلك الأماني العذاب
وإن قيدّوك وإن عذّبوك وإن هدّدوك بشرّ العقاب
فلا تستكن يا ابن هذا التراب أمام وحوش الحياة الغضاب
بل اغرس قيودك في صدرها
كما غرست فيك ظفرا وناب
وإنّ وراءك شعبا يصيح وإنّ أمامك فجرا مذاب
أخي يا ابن هذا التراب الحزين أتسمع مثلي أنين التراب
وقد ملأته جيوش العراة أسارى الرغيف سكارى العذاب
يشدّهم الغاصب المستبدّ كما شدّت العنكبوت الذّباب
يخدّرهم بفتات الرغيف ويسكرهم ببقايا الشراب
ويسكنهم هاويات الخيام ويلبسهم باليات الثياب
طريقهم ملأتها القبور ورنّت بها ضحكات الغراب
ولكنّ خلف دجاها الكئيب تطلّ نوافذهم والقباب
وهم يرفعون إليها العيون ولا يملكون إليها الذهاب
وهم والليالي تنسّي الغريب وتلقي على الذكريات الحجاب
مضوا يحفرون بدمع العيون ودمع القلوب طريق الإياب
البداية
بلابل الدموع
الانتظار
بلا رسالة ولا حبيبة ولا قطار
والنهار
ممدّد معي على الأسوار
وقلبي المغروس في السّحاب
بلا ثمار
كنحلة في قفص الأشواك
تدمي إلى الفكاك
وحولها الظلال
في منديلها الزهور
على شفاهها المخضبّات بالعبير
براعم القبل
بلابل الدموع يا بلابل الدموع
عيناي أطلقتاك في الإعصار
بلا رجاء
أن تنفذي من قفص الإعصار
أن تسمعي غناء
قلبي المكبّل الجريح
فلينثر الإعصار يا بلابل الدموع
قلوبك الخضراء
نسيم نور
على خدود
أبطالنا الذين يحضنون
وهم ممزّقون
فرحة الحياة صاعقه
وعلى أمواج
جراح شعبي الخضيبة الهدير
وعلى زجاج
شبّاك بيتنا الوحيد
ينتظر الشريد
أنا هنا في العزلة الخرساء
أوقد الشموع للمأساة
وأرسم الحنين لؤلؤه
على جبين الريح
متى من الصحراء
تطير بي أجنحة الينبوع
يا شعبي الذي يطير
على بساط الدموع
لخيمة الربيع
البداية
تاريخ
فمك المكبّل بالحديد وفمي المكبّل بالنشيد
صوتان للحريّة الحمراء في وطن العبيد
متكسّران تكلاّر الأمواج فوق الزورق
متعاظما بحطامه وكأنّه لم يغرق
قيدان في هذي الطريق يتطلّعان إلى الحريق
كالشاطىء الراسي يحاول سحبه نفس الغريق
متهافتان تهافت الظمآن فوق الجدول
متحصّنا بصخوره حصن الظلام بمشعل
عينان في سجن الخريف تتحرّقان إلى الحفيف
كتحرّق الحرّ المقيّد للنّسيم وللرصيف
منذورتان إلى الربيع استيقظي وتحرّري
يا هذه الأزهار من غصن الدّجى المتحجّر
جرحان في خرق وطين لا يعرفان من السنين
غير السّياط الراشحات حبالها بدم السجين
كحمامتين طريحتين على جدار مظلم
تتنفسّان نسائم القفص الملطّخ بالدّم
شعبان في الوادي الخصيب شنقا بأمراس اللهيب
وتطوّحا كتطوّح النسّمات في القفر الجديب
كشعاعتين رضيعتين على ذراعي كوكب
نزل السّحاب عليهما بالخنجر المتوثّب
البداية
جنازة الجلاّد
إغسلوه بما جرى من دمائه فتراب العطاش أولى بمائه
وارجموا نعشه كما ترجم البومة بالباقيات من أشلائه
وامنعوا الشمس أن تضيء على الخائن حتى في مهرجان فنائه
وإذا سارت الجنازة والنّجم مشيح عن ركبها بضيائه
فاطردوا حافر القبور عن الأرض التي لطخّت بوحل دمائه
واحرقوا الجيفة الخبيئة وامشوا وأطلّوا بها على أبنائه
ولتكن كومة الرماد إلى الذئب فراشا وللغراب التائه
أيها الهالك الممدّد في الكهف يلوك الطريح من أنفاسه
أنسيت الجلاّد لمّا تزل ترعش عنق المشنوق في أمراسه ؟
أنسيت الجلاّد لمّا تزل تسمع صوت الفناء من أجراسه ؟
والوحول التي شربت ألا تذكر يا من نقشت جدران كاسه
أنت ميّت إن لم تشر ثورة الريح وتهوي بسقفه وأساسه
وتعيد المنهوب من هذه الأرض التي تستغيث من أغراسه
فتدبّ الجياع تحرث بالكفّ ثراها المحروم من أعراسه
البداية
أغنية إلى جبل النار
جبل النار
يا خيمة دم
في ريح الثورة منصوبه
ما زال وراء المتراس الثائر
ومن الوطن الهادر
وطن الزنبق
والأفق الأزرق
والأيدي المسنونة كالصخر الأحمر
في ليل الخنجر
في الليل الأصفر
من كلّ معسكر
يهديك ضحايانا قمصان الدم
والفجر الأحمر أنشوده
جبل النار
والصيحة في القلب
يا شعلة ورد
تتوهّج في أشواقي
ويضيء شذاها القلب
فترفرف في عينيّ الدرب
وترفرف أصوات رفاق
أسراب رعود
في آفاقي
جبل النار
يا صوت الزيتون الأخضر
يا صوت " زيادين " الهدّار
يا ظلّ السيف على عنق الخائن
لبيك أضأت لك البيرق
وأنا في الدرب
البداية
إله أورشليم
لتنسني يميني
لتنسني عيون
حبيبتي
لينسني أخي
لينسني صديقي الوحيد
لينسني الكرى
على سرير سهاد
مثلما السلاح
في عنفوان المعركه
ينسى يد المحارب
ومثلما الناطور
ينسى على كرومه الثعالب
إذا نسيت
أنّ بين ثديي أرضنا ببيت
إله أورشليم
وأنّ من قطوف
دمنا يعتصر
الشهد واللبن
وخمرة السّنين
لكي يعيش
ويفرخ الوحوش
وكي أشيد
من الدموع
جدار مبكى وكي أحيل
خيمتي منديل
للعويل
على الذهاب
بلا إياب
***
لتنسني يميني
لتنسني عيون شعبي المغرّده
إذا نسيت
أن أغرس الطريق
لصدر بيّاراتنا وللكروم
سيفا من الجحيم
في عينيّ إله أورشليم
البداية
إلى عيني غزة في منتصف ليل الإحتلال الإسرائيلي
حينما أرسف بالأسوار في كلّ مساء
ولكم مرّ مساء مساء
ويحوم الليل كالطائر في منقاره خيط ضياء
لنجوم لا أراها في السماء
يفرد القلب جناحيه بعيدا ويطير
لبساتينك يا غزتّي الخضراء في ليل الجحيم
ولجدرانك تغلي كالصدور
جرحوها بالرصاص
والمناشير عليها كالقناديل تقول
يا جدار المستحيل
خافقا في كلّ صدر ثقبوه
وهو شبّاكي الذي قد فتحوه
لأرى شعبي الذي لم يخضعوه
خافقا في شفتي من عذّبوه
أحرقوه ليفوه
غير أنّ القلب خفّاق ولكن لا يفوه
خافقا في ظلّك الشامخ يا من طاردوه
وعلى درب لحدّ السيف قد راح يسير
كيف يكبو والجماهير أبوه
يدها في يده أنّى يسير
ويهوذا ورنين الفضة الدّاجي الرهيب
قد مضت تنهش عيناه الدروب
واقف يحلم فيها بمسيح وصليب
***
غزتي أنا لم يصدأ دمي في الظّلمات
فدمي النيران في قشّ الغزاة
وشرارات دمي في الريح طارت كلمات
كعصافيرك يا قوس قزح
أنت يا إكليل شعبي وهو يدمي في القيود
إنّنا سوف نعود
وعلى درب كألوانك يا قوس قزح
وستذرو الريح أشلاء الشبح
البداية
ارفعوا الأيدي عن أرض القناة
يا سهير
أنا في المنفى أغنّي للقطار
وأغنّي للمحطّه
أيّ هزّه
حينما تومض في عينيّ غزه
حينما تلمع أصوات الرفاق
حينما تنمو كغابه
من بروق ورياح
حينما يلمع برق الكلمات
كلمات من حديد
تطرق الباب الحديد
اطرقي يا قاهره
واطرقي يا غزّتي
واطرقوا يا إخوتي
ولتضيء كلّ شبابيك القطار
بعيون كالنّجوم
بعيون العائدين
لمتاريس الكفاح
في بلادي وبلاد الآخرين
ولتكن كلّ الأيادي عائله
***
أيّ أيام عذاب
أن يكون الحلم دوري في الكفاح
وأنا أكتب دوري في الكفاح
وأنا أخشى الإطاله
في الرساله
وأنا أكتب من أجل القناه
وأنا أحذر من همس القلم
وخطى السجّان فوق الورقه
وبقلب القاهره
قصف رعد المطبعه
قصف رعد الكلمه
يا لمجد الكلمه
حينما تغدو عناقيد ضياء
في أيادي الشعراء
***
أيّ أيام عذاب
وهنا ظلّ سماء من حديد
وظلام في الظّهيره
وسماء القاهره
السماء الظّافره
بنجوم الدّم تزهو في النّهار
نجمة تومض من كلّ رصاصه
أطلقتها من يد التلّ الكبير
يد فلاّح شهيد
لم تزل تنبض في التلّ الكبير
نجمة من عرق الفلاّح حفّار القناه
دمه الأبيض والنازف من نبع الجبين
دمه الأبيض والنازف أمواه القناه
نجمة من كلّ فلاّح وعامل
في العراق
رغم " نوري " والوثاق
نجمة من كلّ ثائئر
في الجزائر
نجمة من كلّ أبناء السلام
فوق أسوار بكين
نجمة من كلّ شغيّل على أرض لينين
نجمة من قلب عمّال المحطات البعيده
فردوا الرايات مثل الأجنحه
لن تمرّ الأسلحه
نجمة من قلب بكداش الصديق
نجمة من قلب عمّان المجاهد
أبو خالد
نجمة من كلّ جرح لم يضمّد
في بلادي لمشرّد
نجمة من ثغرك الزاهي النضير
يا سهير
يا سهير
وخطى المستعمرين
تفزع الأرض ضجيجا وجنون
تهدّد
تتوعّد
بأساطيل ورق
عائمات
في وحول القرصنه
الأساطيل التي سارت بريح القنبله
وبريح السلب والنّهب وإعصار السموم
وإلى السّور العظيم
تضرب الشعب العظيم
وبأفيون حشته في القنابل
تفرض الوحل على الشعب العظيم
الأساطيل التي حطّت على الهند الرحال
وكأعاصير جراد
تنهش الأرض وتمتصّ الحياه
الأساطيل التي بيضّت السهل الكبير
بعظام الكادحين الأشقياء
الأساطيل التي جرّت شعوبا في المياه
خلفها وهي تسير
نحو أسواق الرقيق
وهم أجداد " روبنسون "
وهمو من يرعشون
مثل أغصان الشجر
وهمو من يبصرون
خلف صلبان اللهيب
نجمة سبارتاكوس المشتعله
الأساطيل وما زالت شظايا القنبله
بدماء الشهداء الأبرياء
وهجا يلمع في موج ورمل اسكندريّه
وعلى أمواج بيروت الضحيّه
وهجا يصرخ لن تلقي الأيادي الهمجيه
بمراسيها على أرض القناه
فارفعوا الأيدي عن أرض القناه
فبحار العالم المصطخبه
لم تعد أمواجها للقرصنه
والأيادي العفنه
ليس هذا عصر توفيق الجبان
لا ولا عصر ديجول
مونتجومري والفلول
ليس هذا عصر نوري مندريس
عصر صيّادي الرؤوس
عصر سفّاحي الشعوب القتله
عصر حرّاس كنوز القرصنه
ليس ذا عصر دالاس
الأب الوارث من صدر الوحوش
ما تبقّى من نفس
إنه عصر جديد
عصر إنسان جديد
ولدته فوق أطلال " دين بين فو "
الخضاب
ابتسامات جياب
عصر باندونج وأعراس الأمل
عصر خبز وعسل
عصر أطفال الجزائر
عصر أطفال أمّ صابر
عصر رايات عرابي العائده
فوق أكتاف حمامه
عصر غابات الملايو اللامعه
وبومضات الرصاص
وبأنوار الخلاص
***
إنّه عصرك مفتوح الذراعين يسير
وينادي يا سهير
أنت لن تلعب أيامك في ظلّ المدافع
أنت لن تطغى على شدوك رنّات السلاسل
وانفجارات القنابل
فستنمين تحبين ةتغدين عروس
وستنمو زهرة الحبّ وتكبر
عمرها تسعة أشهر
وستهدين إلى العالم طفله
أيّ طفله
هي لن تدرج في ظلمة خيمه
لا ولن يجرحها سلك معسكر
فستنمو وعلى درب ربيع ومسير
وفلسطين ربيع ومصير
رسمته بالجناحين حمامه
حلم تحرسه كلّ الأيادي عائله
إنّه عصرك مفتوح الذراعين يسير
وينادي يا سهير
إنّه عصر يسير
وأنا أيضا أسير
ومع العصر الكبير
رغم عجزي وأنا أبني المصير
وأنادي يا سهير
وتنادين أخي
وبصوت كحفيف الأجنحه
وذراعاي أخي مفتوحان
منذ عام وشهور
وهما تنتظران
وهما تشتعلان
كلّما صفّر في الليل قطار
كلّما صاح مشرّد
وهو يلقي وعلى منزلنا المطفأ نظره
أيّ ثغره
في متاريس الكفاح
وكفى دقّا بكعب البندقيه
لشبابيك بيوت الأصدقاء
وأنا مثلك أغلي كلّما مرّ قطار
وأنا ألعن عجزي كلّما طار خبر
عن أياد صادقات كالشراشر
طاردوها لتهاجر
ولكي تعرق في أرض غريبه
ولها أرض خصيبه
ورحيبه
وأنا ألعن عجزي
كلّما طار خبر
عن يد خلف الحدود
أثقلت صدر المدينه
بدخان المحرقه
عن يد خلف الحدود
لم تزل تنهش في كنز عرق
لم تزل تنهش في كنز دماء
لرجال ونساء
في معسكر
ضربت قبضة أيّار المعسكر
وأنا ألعن عجزي كلّما هبّ ضياء
عن رجال شرفاء
وعلى أبواب غزّه
و يد خلف الحدود
ورنين القيد في كلّ رصاصه
أثقلت أصداؤه أرض العراق
وهي لم تثقل أمواه القناه
***
أهنا معركتي خلف اللهب
أهنا أقتات خبزا وغضب
ودروب المعركه
رحبه تحضن كلّ الخطوات
رحبة ليست تضيق
بصديق أو رفيق
بأيادينا التي تبني الصداقه
وعلى أنقاض أسلاك غريبه
بين شعبين على أرض خضيبه
وعدو يرتعش
وهو في رعشته يطلق أنفاسا أخيره
لرصاصات أخيره
لم يعد يملك زادا أو ذخيره
لم يعد يملك من أمر الحياه
غير أشلاء مياه
وهو يرميها على أرض القناه
وعلى كلّ مكان
قد غدا أرض القناه
وبلادي قد غدت أرض القناه
أوتدرين عذابي يا سهير
وأنا أنهض في كلّ صباح
ويدي أيّ يد جرداء من غير سلاح
وهي لن تخضرّ إلاّ بالكفاح
وهي لن تخضرّ إلاّ فوق أرض المعركه
حينما تضرب جذرا من دماء
في تراب المعركع
أوتدرين عذابي يا سهير
وأنا أنهض في كلّ صباح
وبعينيّ شذى حلم الكفاح
أنا أمشي في دروب القاهره
تحت أقواس ربيع الكبرياء
بين أغراس الدماء
أحضن الأيدي التي تبني الضياء
أحضن الأيدي التي تحرس أمواه القناه
بالظلال الراعشات الساطعات
ولحفّاري القناه
وهمو يستقبلون
وهمو يحتضنون
كلّ بحّار على ظهر سفينه
لم يخن مجد العرق
وهو وضّاء على صدر القناه
صوته يلمع كالبرق بإصرار الحياه
إرفعوا الأيدي عن أرض القناه
البداية
استمعوا لي
استمعوا لي ,
اسمعني يا وطني ,
فالآن خريف الأغلال يوليّ ,
والآن سأحرق ظلّي
كي لا أتمدّد في ظلّي ,
صمتا , صمتا , يا حملة أبواق
- الخفاش الخشبي - ,
يا أكلة قربان – العجل الذهبي –
صمتا , ولترفع بيرقها
العاصفة السرّية , والبرق السرّي ,
ولتفرد أجنحة صليبك ,
يا قلبي ,
طر بي , طر بي ,
فهنالك نافذة لم تصبغ
بالبرق الأسود في وطني ,
نافذة تذكرني ,
دالية تحلم بي
أن أقطفها ,
أن تقطفني ..
يا وطني , من لي ,
من لي ,
وبجرعة برق من سحبك ,
وبكلارة رعد ؟
لو جمعوا كلّ الأنهار بكأسي
لصرخت , وألقيت بنفسي
من عطشي لعيونك في الشمس
البداية
الأردن على الصليب
أنا مصلوب أغرّد
ولعمّان ونابلس وإربد
وإلى الليل الصديق
صار بيتا للمطارد
لم يحب شبّاكه طرقة كعب البندقيه
وإلى شبّاك ثائر
في جحيم " الجفر " مفتوح على أقواس نصر
وعلى فردوس فجر
ليس ما تبصر عيناك سراب
يا أخي المثقل بالأثمار في ريح الخريف
يا أخي البازغ في ليل العذاب
فالسراب
حلم سجّانك أن يجني من الأغلال أقراص العسل
وبأن بجلد بالقش أعاصير الأمل
وبأن يغرس حتى المقبض الخنجر في قبر " رجاء "
إنّ سجّانك ما كفّ العواء
طارقا أبوابك الخضر الشهيده
" إفتحوا يا أصدقائي الطيبين "!
" واللصوص الأربعون "
في حصان من ذهب
في تماثيل مآذن
خائن مرتعش يزحف في أعقاب خائن
يلدون العار في ضوء النهار
ويقيمون الصليب
سمّروا الشارع ما ضمّت ذراعاه ظلال اللقطاء
وبكفّيه لقد دقّوا السلاسل
غير أنّ الشارع المصلوب ما كفّ يقاتل
والمناشير تقاتل
ويد من " نقرة السلمان " " للجفر " تلوّح:
" سيفتّح "
" برعم الزلزال لا بدّ يفتّح "
إيه يا أيتام " لورنس " و " شاها " قد ترعرع
تحت أقدام " أبي حجميل " ترعرع
يا ثعابين من الخوذة تظهر
كلّما الحاوي في " واشنطن " الشوهاء صفّر
يا خفافيش بلا أجنحة ترفع رايات الجريمه
إمضغي جمر الهزيمه
فعلى أبواب عمّان أيادينا ترفرف
بأكاليل الدّماء
ويدي صوت يرفرف
" يا أفاعي ..يا أفاعي
" سنصبّ السمّ يغلي , وعلى جحر الأفاعي
" وسنمضي في الصراع
" كشراع في رياح الدم نمضي كشراع
" وسأمضي شامخ الصوت أغرّد
" والملايين تغرّد
" ولعمّان ونابلس وإربد "
البداية
الأغنية المعصوبة العينين
أين القمر المعصوب العينين يساق...؟
وسط السّحب الفاغرة الأشداق ,
أسوار تفتح وظلال عارية
تركض , أبواب
تذبح خلف الأبواب ,
الصرخة علم خفّاق
الصرخة.. أوراق
تسقط من شجر اللّحم ,
غصون.. وثمار
***
يا وطني أين الأغنية تساق ؟
خيط من دمك الخفّاق يراق
من أجلك شلاّل مرايا صفر ,
يتكلاّر في وجهي ,
شلاّل مرايا سوداء ,
من أجلك أقحم أسواري..
من أجلك أرجم بالنّار..
من أجلك أحمل أغلالي
في منفى الأرض كجوّال
من أجلك خبزي بدمائي ..
معجون , خبزي بدمائي
والوجه المشحوذ كناب
في ظلّي غرز وأشعاري ..
البداية
الببغاء والأفيون
الببغاء
طليقة بلا قفص
تنقر في الأفيون
وتشهر الجناح
كالسلاح
لكي تحارب البلاشفه
والعاصفه!!
الببغاء
في اللّيل والنهار
في غيبوبة اسطوانة تدور
منقارها يشير
كما أراد أن يشير
السيد الكبير
لنجمة البلاشفه!
فوق جبين العاصفه !
الببغاء في غيبوبة المصير
في نزعها الأخير
ترتجف
في مصفّحه
الببغاء في الخريف
صوتها هرم
وريشها استحال
إلى رماد
والببغاء حينما يذبل في منقارها الكلام
يا أيها الأقزام
ينبذها أسيادها الكبار في قفص
قضبانه خيوط عنكبوت
تنقر في الأفيون
حتى تموت ..
البداية
البحار العائد من الشطآن المحتلة
لو أنّ يا حبيبتي أشعاري
تعيش كالزيتون كالأنهار ..
لو أنّ يا حبيبتي الدّوالي
في العام مرتين تثمر الدّوالي
لو أنّ يا حبيبتي أشجاري
تعيش في بستان سندباد
تثمر الطيور كالأوراق
وتثمر الأطفال كالأثمار
***
لو أنّ يا حبيبتي ملاّحي
يعود من جزيرة الرياح
يعود يرتمي على الضفاف
بالجرح والشّراع والمجداف
في صدره عجائب البحار
يعود فوق ظهره شراعي
وسلّة الهدير والثّمار ..
والعشب والأسماك والمحار
وحزمة من السّحاب والرمال
من شطنّا المشرّد الظّلال ..
يا عاصر الشراع في أقداحي
موجة قد أمسكت شراعي
من بحرنا كقطرة الشعّاع
لم ترخه ومخلب الرياح
في قلبها , يا عاصر الشراع
في قلبي العطشان في جراحي
لتبق قطرتين للمصباح
البداية
الخيط الذي ينمو في الريح
كلّ الرايات المنفيّة قد عادت ,
يا وطني..
إلاّ رايتك المنفيّة من أفق
ترتحل إلى أفق ,
في سوق – لصوص الرايات - ,
تباع بلا ثمن ,
صاح – النخّاس – تقدّم , بالحنجرة الملعونة ,
والحشوّة بالخطب ,
خذها لا تخجل
خذ راية وطني ,
ما أرخصها بجناح من – ورق - ,
أو سيف من خشب ,
ضفّر منها إكليلا من ريش
لتزيّن رأس – الديك الهرم –
الصائح في كلّ الأسطح
والرّاقد في كلّ السرر
لكن من يتبع في وطني ؟
خطوات السيف الخشبي ؟
من يلقي
سنبلة واحدة في طاحون من ورق ؟
ألقوا بإكليل الرّيش ,
وألقوا بالسيف الخشبي ,
ما زال من الرّاية خيط ,
ينمو في ريحك .. يا وطني
البداية
السجن الكبير
سيظلّ يحرسه العراق
سيظلّ يخفق في العراق
في ظلّ أقواس المشانق والرصاص
قلب المقاومة العنيدة , والخلاص
جنبا إلى جنب يدقّ مع القلوب
في جبهة السّلم العريضة والشعوب
أترى إلى شعب العراق
يعدو بأشلاء الوثاق ؟
وعلى جواد من لهب
في أرض معركة الشعوب
أترى سنابكه الخّضيبه
بدما مخالبك الرهيبه
هو ليس حلما ما ترى
أم أنت أعمى لا تري
إلاّ كراتشي أنقره ؟
إلاّ كلاب المقبره
والأرجل المتكلاّره
أترى إلى فهد الشهيد
قد عاد يا نوري السعيد
قد عاد يركب مشنقه
أولم يعدك بمشنقه
من صنع أيدي الكادحين
وجميع صرعى حكمك الدّموي عادوا يركبون
ظهر المشانق والبنادق والسّلاسل والسّجون
أحسبتهم قتلوا كما دبّرت ذلك في الخفاء ؟
لكنّهم عادوا ودلّ عليهم زهر الدماء
يهدونه الشعب الذي وقفت قواه بلا ركوع
وبلا فرار أو رجوع
في وجه ما أسميته حلف الدفاع
وهو الخيانة والضيّاع
وهو المرور بلا انقطاع
من تحت أقواس السجون
ولكي يظلّ النفط يدفق في فم المستعمرين
ولكي تظلّ وبالسياط تهزّ للمستثمرين
أثمار أيدي الكادحين وإنّ أيديهم غصون
أنا لا أقول بأنّ إمضاء الرصاص على الصدور
أنا لا أقول بأنّ إمضاء السياط على الظهور
هو ليس إمضاء الذين وراء ظهرك يا أجير
ولكي يمرّ الحلف مختالا على ظهر القبور
لكّنه كذب وتزوير إذا قلت العراق
أو أنّ فلاّحي وعمال العراق
أو أرضهم وسماءهم ذات النّجوم من الدماء
قد طوّقوا أو طوّقت أوطانهم بالسّلسلة
وغدوا عبيد القنبله
بل أنّ صدرك وحده هو موطن الحلف الطريد
وهو القواعد والخنادق والمعسكر للجنود
فيا عدوّ المطبعه
وعدّو أشواق الورق
وإلى حروف المطبعه
إن كنت صادرت الورق
فلسوف نطبع بالعرق
فوق الأيادي والجباه
منشور حبّ للحياه
فانشر لصوصك في البلاد
ليصادروا
كلّ الأيادي والجباه
لنصفّ يا نوري الحساب
فليسمع المتآمرون بلا التواء
هذا الكلام من الدّماء
لو يجرؤون ويدخلون
فسيركض الدم في الدروب
معلّقا نيرانه
فليقرأوا نيرانه
فستستحيل إلى سيوف , كلّ أغصان السلام
ولطائرات قاصفات كلّ أسراب الحمام
وستقفز القضبان غضبى من زنازين السجون
وستستحيل إلى سواعد تضرب المتسلّلين
ومن الجراخ النابضات الفاغره
أفواهها لقواكم المتآمره
سنقيم متراسا ونحفر خندقا للمعركه
ونمدّ أسلاكا من الدم شاهقات شائكه
وفم الدم الغالي يسيل وقد تعانقت الخنادق
لن تحلبوا إلاّ أيادي من حديد من حرائق
إنّي ألوح بالقيود إليك يا نوري السعيد
أنا في عذاب لن تمرّ به فتدرك ما أريد
أنا في عذاب واشتعالي في صعود في امتداد
هو ليس من تشريد عائلتي وفي شتّى البلاد
هو ليس من شوقي وليس من الحنين إلى الرفاق
لكن لأنّي لست في أرض العراق مع العراق
أو في الشوارع أينما كان انفجار وانطلاق
أبدأت تعرف ما المصير وما الجريمة والعقاب ؟
أبدأت تلمح ذلك الشرر المهدّد في الضباب ؟
وإلى ضحايا الحلف سوط الإضطهاد والاغتصاب
تمتدّ أيديهم دما ولظى ومن تحت التراب
أبدأت تحصي إرث ما سجنت وما اغتالت يداك ؟
إرث المشانق والمذابح والمنافي والهلاك
ولكي يقسّم بين أعداء الشعوب قذى وعار
أبدأت تحزم في الحقائب أين أزمعت الفرار
ويد الجماهير العريضة في الطريق وكالجدار
أين المفرّ فلا طريق إلى القطار أو المطار
تحجّري يا صيحة الخناجر العريانه
وراية الخيانه
فلن تجرّ بالسلاسل الخيام والمعسكرات
لن تجرّ أمهات
شعبي ومن شعورهنّ من عروقهنّ
في يديك كالحبال
إلى مسيرة الفناء
مخالب البنادق التي أطلقتها كالوحوش
على ربيعنا الذي يعيش
في الصدور لؤلؤا في الصدف
أتحلمين !
وأنت في إغماءة المطاف
أن تكلاري الأصداف
وتقطفي من الصدور لؤلؤ الربيع
لكي تزيّني به صقيع
نيران " شاهك " القزم
أتحلمين !
أن تسحبي نابلسنا حديقة الثوّار
وزهرها الذي يذوذ نحلك المزّيف المشؤوم
في قلبه شذاه لا يفوح
أتحلمين !
أن تسحبي نابلسنا حديقة الثوّار
أن تسحبي سلفيت
بما غزلت من خيوط عنكبوت
أن تكنسي الشرر
تقدحه أقدامنا العريانة العطشى على الطريق
أن تحرقي أحلام إخوتي الذين يحلمون
في " الجفر " بالخيانه
راكعة عريانه
معصوبة العيون
وظهرها إلى الجدار
وحولها دماؤها وحول
من قلبها تسيل
أخي وصيحة الخلاص
قد أوشكت تضيء والأغلال
على معاصم الثوّار تحتضر
والرصاص
في بنادق العصابة السوداء ينتحر
فلتشرق الرياح
في أجراس شعبنا , لشعبنا فلتقرع الأجراس
البداية
لصوص الصلبان
أحبابي ,
ألواح صليبي ليست
أرجوحة جلاّدي
فلتقرع أجراس الأصفاد
لسنا نخلا من رمل تحنيه الريح
ليلثم ظلّ السجّان
لسنا ربّانا قد نحر الأشرعة
على الشطآن
قربانا للقرصان
فلقد ولّت كدخان
ملء مناقير الغربان
أيام لصوص الصلبان ..
***
كعطاش كنّا
نتعثّر بخرير الأنهار ,
كنّا كنهار
يتعثّر بالأنوار
سنبلة لله وسنبلة للقيصر
أمّا قبض الريح فللحصّاد
أحبابي :
أن نحمل هودج سلطان
أن نصلب كي يتسلّق
ألواح الصلبان
لصوص الصلبان ..
أن تصبح أعلامي ..
أقنعة نوافذ سجّاني ..
لا , أحبابي ,
قد كفّ الجرح يغرّد
لسياط الجلاّد ..
أحبابي :
إن ضلّ الجدول عن منبعه
تمضغه أشداق الكثبان ,
فحذار , حذار
أن نخطف موجا من بحر ,
أن نزرعه في صحراء
أن نحلم أن يصبح
حقل بحار ,
وحذار , حذار
من حصّاد أفاق
من فرط الخوف الكذّاب
من لصّ الحقل
حماه , بسياج جراد ..
أحبابي :
لا يبني الطائر عشّا
في جحر الثعبان..
الطائر لا يدفا
تحت جناح الحدأة , أحبابي
فكفاكم , وكفاني
نفخا في الأكفان ,
ليس يضمدّ جرح البركان
أكوام من حطب ودخان
لنضمّد جرح البركان
بنار البركان ,
أحبابي :
والفأس المدفونة في الجدران
تستيقظ ,
فليستيقظ حرّاس الجدران
البداية
من مذكرة الليل
على جدار ليلي الرهيب
رسمت صوتك الحبيب
وآسمك الحبيب زنبقه
من شطّ بحرنا وموجة مؤرّقه
على رمال سهدها الطويل تنتظر
من الغيوم فارس القمر
رسمت صوتك الحبيب
واسمك الحبيب
برعما من النسيم
منوّرا في جحيم
صحراء عزلتي وليلي الرهيب
البداية
الشرارة في الهشيم
أن أطير
على جواد
مجنّح عريان
وأن تكوني لي وأن نطير
معا على أمواجنا البيضاء
وخلفنا تطير موجة مزغرده
وتقدح السنابك الخضراء
شرارة انطلاقنا العظيم
في هشيم
من يشهرون
في فجرنا الصليب
كالخنجر المسنون
أن نطير
على جوادنا المجنّح العريان
يا وردتي التي تفوح في أصفاد
عجزنا الرهيب
حلمي وحلمك الجريح أن يذوب
نجمة وبلبلا في مهد حبنّا الصليب
البداية
الصوت ما يزال
مدينتي , أقراطها الزنابق البيضاء
وعقدها حبّاته براعم الأنداء
يحبّها علاء
أخي الذي يجوع والربيع في مدينتي ذراع
وبرتقاله على الشجر
أخي الذي يرشّه الرصاص والمطر
إليك من دمائه اللألأة السّلام
ومن مدينتي السلام
مدينتي الشاهرة السلاح والجراح
متراسها الأمواج والنيران والرياح
وخلفه تلألأت خوذتها الحمراء
سحابة حمراء
من اللهيب والدماء
ومن قيودي التي تهزّني إلى النضال
إلى الخنادق البعيدة المنال
إلى البنادق الرفرافة الظلال
وفوّهاتها العيون لا تنام
سهرانة على السلام
ومن يدي التي تحنّ للزناد
وضغطة على الزناد
وصرخة الرصاصة الثاقبة الهواء
هواؤك المقاتل الغزاه
الهابطين بالأكفان
من مقابر الفضاء
مصلّبين كالدمى على الهواء
وصرخة القنبلة الثاقبة الأمواج
فتنهض الأمواج
أعماقها المسنونة المياه
تحفر القبور في المياه
ووقفة في أرضك المنبتة العناد
والحقد في النوافذ المكلاورة الزجاج
قناعه اللهيب والدخان
فوّهة لبندقية بلا إصبع على الزناد
تقاتل الغزاه
ويحرس الحياه
رصاصها المقاتل الغزاه
وتطلق المدافع الحارسة الفضاء
حمامة من اللهيب والدخان
في الفضاء تحرس الفضاء
والصوت ما يزال
صوت المقاتل العنيد ما يزال
صوت المدينة العنيدة النضال
يرنّ في الأنقاض والدخان
يرنّ في جدارنا هنا فنلعن الجدار
هنا ترفرف الشجاعة المكلاورة الجناح
هنا يد بلا سلاح
هنا دم بلا جراح
وبيننا وبين نارك الصديقة اللّهيب
يا بور سعيد هذه الأسوار
لكّنها لم تثننا الأسوار
تطلّعي تري ظلالنا تهبّ كالرياح
إلى خنادق الكفاح
تسلّقت ظلالنا القضبان والأسوار
ظلالنا الشاهرة السلاح
ظلالنا تقاتل الغزاه
والصوت ما يزال
صوت المقاتل العنيد ما يزال
يهبّ في المدينة العنيدة النضال
فتزهر الرجال في الأنقاض والدروب
وتومض الأنفاس في الصدور
وينبض السلاح من جديد
في يد المقاتل الشهيد
وتشهر النيران في النوافذ المكلاورة الزجاج
قبضاتها لتلهب الغزاه
وتعصف الرياح كالمدى
تسمّر الغزاه
على مسالك الدروب
وفي مدينتي التي تهزّها
عواصف الكفاح
تهزّها من الجذور
مدينتي التي نهارها رصاص
وليلها رصاص
وأرضها التي تعضّ في خطى الغزاه
الصوت ما يزال
صوت المقاتل العنيد ما يزال
يرنّ في المعسكرات والتلال
وفي خطى النساء والأطفال والرجال
إلى الأمام , والسلام يا ابتسامة الكفاح
إلى الأمام , والسلام يا يدا بلا سلاح
إلى الأمام , والسلام يا رصاصة تطيش
من رعشة الحقد على الوحوش
إلى الأمام , والسلام يا رصاصة تصيب
سلامنا لخندق يشمخ بالمتراس
سلامنا لخندق عار بلا متراس
سلامنا إليك يا فراشة ,
قد رفرفت على غزال
ومن حموا إشراقة النضال
ومن حموا جمال
وأقبلوا عليك بابتسامة السلام والسلاح
وبابتسامة الكفاح
البداية
المتاريس
قد أقبلوا فلا مساومه
المجد للمقاومه
لراية الإصرار شاهقه
للموجة الحمراء من صيحاتنا المعلّقه
على الشوارع الممزّقه
ولليد المكّبله
ولليد الطّليقة المناضله
المد للجريح والمثقوب قلبه وللمطارد
مدينتي ! قد أقبلوا ليلا من الأظفار والخناجر
وكنت نجمة تقاتل
أضواؤها العريانة السلاسل
وكانت الذئاب تقتفي خطى الجداول
وكنت ماردا من السنابل
يداه منجلان والجراد زاحف قوافل
يريد أن يجرّ للطاحون مارد السنابل
***
مدينتي يا أدمع البركان قد جرت مشاعل
ويا ابتسامة الزلازل
مطبوعة سيفا على جبين شعبي المكافح
مدينتي زنبقة خضراء لم تنم على سرير فاتح
ولم تصبّ الزيت في مصباح خائن
رموشه بساط كلّ مقبل ورائح
من صانعي المذابح
ولم تهب ضفيرة أسلاك معتقل
ولم تقبّل سوط طاغيه
كجاريه
مدينتي ! رأيت كيف تنسج الأمل
خطى حبيبك البطل
وكيف قد نشرت من دمائك الشراع
يمخر الحرائق
النار لا تمسه ولا الصواعق
ولا الرصاص طائرا حصى من البنادق
مدينتي ! واحسرة القيثارة الخرساء
للغناء والبلابل
تشدو إلى الأبطال , واعذاب شاعر
في السلاسل
وأنت في السلاسل
ولم تكن تناضل
غير الحروف من شريانه جرت قصائد
***
مدينتي ! وأيّ رعشة تهزّني وأيّ عاصف !!
من ذكرياتك العواصف
من ذكريات السجن والسّجان والأبطال والمعارك !
وخائن تهالك
وفوق صرخة القتيل
والمعذّبين في انتظار
الموت سار ,
وحشا يشدّ للرّحى السوداء ,
كي تدور تطحن الدماء
يداه حبلا كلّ خانق
عيناه شبّاكان للعدوّ منهما أطلّ بالبنادق
على الخيام والمنازل
يصيد إخوتي
أبناء شعبي البواسل
***
الآن يرفع الستار يا مدينتي عن المجازر
عن وجه كلّ ثائر
عن الرياح كيف أصبحت تحارب
راية العدوّ في فضائنا مسنونة المخالب
وكيف قد هوت كحيّة
تعضّ في جراحها السواكب
عن اسمك المهيب يا جمال ,
كيف ينسج الغرائب
والمعجزات والعجائب
وكيف كان شمسنا الخضراء في الدياجر
ووردة حمراء في ضفائر
أختي , وفي شبّاكها سربا من البلابل
وكيف كان بور سعيد
صخرة من اللهيب , غابة من السواعد
يا فارس الفوارس
صغنا لك الجواد من صباحنا
وشعبنا أهداك بيرق البيارق
خضنا به الرصاص
موجة من الزنابق
والنار موجة من النسائم
وكانت القيود في المعاصم
كعنكبوت في جنون جوعها
رمت خيوطها على العواصف
وفتح الإصرار زهرة
صدّاحة البراعم
وعضّ في جراحه العدو , والمتراس شاهق
وبورسعيد بندقية البنادق
وخندق الخنادق
شمس من الجراح قد تسمّرت في الليل
فوق جبهة المحارب
يا بورسعيد.. الفجر طالع ,
هذا صياح الديك يوقظ الرصاص في البنادق
والرياح في الحرائق
وأوشك الصباح أن يمسّ راية المحارب
يا بور سعيد ليس روحك الوهّاج ,
وحده يقاتل
ولا مدينتي وحيدة تقاتل
لك الشعوب رفرفت بنادق
وسرّجت لك البحار والسحائب
وصرخة الأحجار حجّرت
رصاص نيرانه فلم تعد قواطع
أنيابها القواطع
وفي عيونه تسمّر الدخان كالحصى ,
كالشوك كالأظافر
***
مدينتي تطلّعت إلى الجراد وهو راحل
فرفرفت بها الشوارع
مدينتي تحبّ ,
آه يا سليلة الأصداف
يا زيتونة الأمواج
يا حورية الخنادق
يا وردة الورد في حديقة الحدائق
يا نجمة مجنّحة
يا زهرة مسلّحة
من قال إنّ الفارس الحبيب مات في الطريق
فجاء راكبا جواده
ولابسا دروعه صديق
كي – يا حبيبي – ترمي بخاتم الحبيب
في خوذة الغريب
ولست يا مدينتي غمدا لكلّ سيف
كرمة لكلّ قاطف
قيثارة لكلّ عازف
فلن تكوني غير شعب قد توهجت
خطاه خلف قائد
مزغرد الجراح صامد
مدينتي ! عروس شعبي التي تغار
من إكليلها العرائس
قد أقبلوا فيالق
الحيّة الرقطاء والحمامة البيضاء
والغربان والعنادل ..
وجاء اصدقاؤك الهنود بالمغازل
ومن على أكتافهم ترفرف المطارق الحمراء والمناجل
وتضحك السّنابل
من لم تبلّ خبزهم دماء ثائر
وجاءك الذين خبّأوا القيود
في الخوذات والبيارق
وفي معاطف من الزجاج ,
طرّزت بأعين الثعالب
الحالمين بالحرائق
بغابة من المشانق
الطامعين أن تكوني حانة ومخدعا وقنطره
وأن تكوني يا مدينتي مؤامره
وأن يكفّ القلب عن خفوقه إلى جمال
وأن تموت في الوحول راية النضال
***
إليك عن أجفاننا الخضراء
يا أحلام زارعي الجرائم
وناصبي الخيام للمآتم
وأقبلي وفي ظلام القحط
مشعلا من السنابل
ورفرفي على رمالنا جداول
تقدّمي إلى الأمام بالغبار بالدماء
بالبيارق المغبّره
بالخوذة المعفّره
بالبندقية المزمجره
بأغنيات النصر كالبراعم المنّوره ..
تقدّمي بكلّ ما قد ألبستك أمّك الحرية المظفّره
في بور سعيد في المدينة الملوّحه
بزهرة انتصارنا على المدى مفتّحه ..
تقدّمي يا – مصرنا – المجنّحه
حمامة مسلّحه ..
تقدّمي , ففي الطريق مارد
قد أطلقته من أحشائها العواصف
ومن يقل عثار مارد
كبت به الجراح غير مارد ....
فليحتشد فلاّحنا الهمام بالمحراث والشراشر
وليأت كلّ غائب
ليأت عامل النسيج والمشرّد الطريد
والجائع المسافر الذي غدا خبز الطريق
ليأت صيادوك يا أمواجنا المهجورة الهوادر
ليقطفوا ثمارك النواضر
الآن في سمائنا أسراب أنجم الشعوب
تزرع السلاح والسّنابل
فلنرم إخوتي البواسل
شباكنا على السلاسل
***
يا إخوتي وطائر الحصاد
لا يبرح الأسلاك والحدود
رغم غزوة الجراد والرماد
وأنه من غير زاد
ورغم ألف ليلة وليلة من السهاد
في الصباح حينما جرت , جداول الصباح
أبصرته موّرد الجناح
في عنفوان سكرة الأحلام
...إنّ ماردا من صلب بور سعيد
من صلب بندقية سورية على الحدود
يحمله في هودج من السنابل
وأنّ ألف ألف مارد
يشيّدون حوله وهم يغرّدون
قصرا من السنابل
وأنّ منها ماردا قد طار ثم عاد
من معسكر الجياع
من الخيام
الراعشات في مشانق الظلام
قد طار ثم عاد
على الجناح
هودج الفلاّح
لعرشك المجيد يا أخي المجيد
يا سلطان ..
ففي الركاب ألف ألف شمعدان
و ألف ألف صولجان
***
هذا الذي رآه طائر الأمل
أوحى له بأن يطير في الصباح
لخيمة الفلاّح
وأن يقول ما رأى ...
يا إخوتي فلنفرد الخطى
على الطريق أشرعه
ولنمخر الحدود
الدرب لا تقل طويل
وزادنا قليل
قنديلنا بلا قتيل
فخبزنا من موسم السنابل الجديد
ومن بعيد
ترفرف الميناء
حمامة بيضاء
في منقارها غصن من الضياء
البداية
المخلص الكذاب المستر جون فوستر دلاس
على صليب
من ورق الزيتون
تمدّد المخلّص الكذّاب
كالغراب
على بساط نور
" ابكين يا جواري "
" بأدمع الحواري "
يا كلّ فرسان الوحول
حوطّوا عجل الذهب
من قبل في عشائه الأخير
قال لن يخونني منكم أحد
يا إخوتي لحمي لكم قرص عسل
خمر دمي لكم كفرحة الحياة
كذّابتان
عيناه تغمضان
المخلّص الكذّاب قام
كلاارق بين النيام
بخنجر من اللهيب
قد راح يقطع المسعور
لحم إخوتي خبز بنادق
دماء إخوتي بها يسقي المشانق
البداية
المهاجرون
أخي في الكفاح أخي في العذاب
أتسمع مثلي عواء الذئاب
تفزّع أطفالنا النائمين
وتنذر أحلامهم بالخراب
ويفتح أعينهم في الظلام دويّ الرصاص ولمع الحراب
وتخنق صرخاتهم كالنّجوم إذا خنقتها حبال السحاب
ولكّنه سوف يأتي الصباح ويكلار أبواب هذا الضباب
يضيء لنا أرض آبائنا
وأرض طفولتنا والشباب
فتورق آمالنا كالغصون وكانت جذورا ببطن التراب
فقم وادع مثلي ليوم الخلاص وميلاد تلك الأماني العذاب
وإن قيدّوك وإن عذّبوك وإن هدّدوك بشرّ العقاب
فلا تستكن يا ابن هذا التراب أمام وحوش الحياة الغضاب
بل اغرس قيودك في صدرها
كما غرست فيك ظفرا وناب
وإنّ وراءك شعبا يصيح وإنّ أمامك فجرا مذاب
أخي يا ابن هذا التراب الحزين أتسمع مثلي أنين التراب
وقد ملأته جيوش العراة أسارى الرغيف سكارى العذاب
يشدّهم الغاصب المستبدّ كما شدّت العنكبوت الذّباب
يخدّرهم بفتات الرغيف ويسكرهم ببقايا الشراب
ويسكنهم هاويات الخيام ويلبسهم باليات الثياب
طريقهم ملأتها القبور ورنّت بها ضحكات الغراب
ولكنّ خلف دجاها الكئيب تطلّ نوافذهم والقباب
وهم يرفعون إليها العيون ولا يملكون إليها الذهاب
وهم والليالي تنسّي الغريب وتلقي على الذكريات الحجاب
مضوا يحفرون بدمع العيون ودمع القلوب طريق الإياب
البداية
بلابل الدموع
الانتظار
بلا رسالة ولا حبيبة ولا قطار
والنهار
ممدّد معي على الأسوار
وقلبي المغروس في السّحاب
بلا ثمار
كنحلة في قفص الأشواك
تدمي إلى الفكاك
وحولها الظلال
في منديلها الزهور
على شفاهها المخضبّات بالعبير
براعم القبل
بلابل الدموع يا بلابل الدموع
عيناي أطلقتاك في الإعصار
بلا رجاء
أن تنفذي من قفص الإعصار
أن تسمعي غناء
قلبي المكبّل الجريح
فلينثر الإعصار يا بلابل الدموع
قلوبك الخضراء
نسيم نور
على خدود
أبطالنا الذين يحضنون
وهم ممزّقون
فرحة الحياة صاعقه
وعلى أمواج
جراح شعبي الخضيبة الهدير
وعلى زجاج
شبّاك بيتنا الوحيد
ينتظر الشريد
أنا هنا في العزلة الخرساء
أوقد الشموع للمأساة
وأرسم الحنين لؤلؤه
على جبين الريح
متى من الصحراء
تطير بي أجنحة الينبوع
يا شعبي الذي يطير
على بساط الدموع
لخيمة الربيع
البداية
تاريخ
فمك المكبّل بالحديد وفمي المكبّل بالنشيد
صوتان للحريّة الحمراء في وطن العبيد
متكسّران تكلاّر الأمواج فوق الزورق
متعاظما بحطامه وكأنّه لم يغرق
قيدان في هذي الطريق يتطلّعان إلى الحريق
كالشاطىء الراسي يحاول سحبه نفس الغريق
متهافتان تهافت الظمآن فوق الجدول
متحصّنا بصخوره حصن الظلام بمشعل
عينان في سجن الخريف تتحرّقان إلى الحفيف
كتحرّق الحرّ المقيّد للنّسيم وللرصيف
منذورتان إلى الربيع استيقظي وتحرّري
يا هذه الأزهار من غصن الدّجى المتحجّر
جرحان في خرق وطين لا يعرفان من السنين
غير السّياط الراشحات حبالها بدم السجين
كحمامتين طريحتين على جدار مظلم
تتنفسّان نسائم القفص الملطّخ بالدّم
شعبان في الوادي الخصيب شنقا بأمراس اللهيب
وتطوّحا كتطوّح النسّمات في القفر الجديب
كشعاعتين رضيعتين على ذراعي كوكب
نزل السّحاب عليهما بالخنجر المتوثّب
البداية
جنازة الجلاّد
إغسلوه بما جرى من دمائه فتراب العطاش أولى بمائه
وارجموا نعشه كما ترجم البومة بالباقيات من أشلائه
وامنعوا الشمس أن تضيء على الخائن حتى في مهرجان فنائه
وإذا سارت الجنازة والنّجم مشيح عن ركبها بضيائه
فاطردوا حافر القبور عن الأرض التي لطخّت بوحل دمائه
واحرقوا الجيفة الخبيئة وامشوا وأطلّوا بها على أبنائه
ولتكن كومة الرماد إلى الذئب فراشا وللغراب التائه
أيها الهالك الممدّد في الكهف يلوك الطريح من أنفاسه
أنسيت الجلاّد لمّا تزل ترعش عنق المشنوق في أمراسه ؟
أنسيت الجلاّد لمّا تزل تسمع صوت الفناء من أجراسه ؟
والوحول التي شربت ألا تذكر يا من نقشت جدران كاسه
أنت ميّت إن لم تشر ثورة الريح وتهوي بسقفه وأساسه
وتعيد المنهوب من هذه الأرض التي تستغيث من أغراسه
فتدبّ الجياع تحرث بالكفّ ثراها المحروم من أعراسه
البداية
أغنية إلى جبل النار
جبل النار
يا خيمة دم
في ريح الثورة منصوبه
ما زال وراء المتراس الثائر
ومن الوطن الهادر
وطن الزنبق
والأفق الأزرق
والأيدي المسنونة كالصخر الأحمر
في ليل الخنجر
في الليل الأصفر
من كلّ معسكر
يهديك ضحايانا قمصان الدم
والفجر الأحمر أنشوده
جبل النار
والصيحة في القلب
يا شعلة ورد
تتوهّج في أشواقي
ويضيء شذاها القلب
فترفرف في عينيّ الدرب
وترفرف أصوات رفاق
أسراب رعود
في آفاقي
جبل النار
يا صوت الزيتون الأخضر
يا صوت " زيادين " الهدّار
يا ظلّ السيف على عنق الخائن
لبيك أضأت لك البيرق
وأنا في الدرب
البداية
إله أورشليم
لتنسني يميني
لتنسني عيون
حبيبتي
لينسني أخي
لينسني صديقي الوحيد
لينسني الكرى
على سرير سهاد
مثلما السلاح
في عنفوان المعركه
ينسى يد المحارب
ومثلما الناطور
ينسى على كرومه الثعالب
إذا نسيت
أنّ بين ثديي أرضنا ببيت
إله أورشليم
وأنّ من قطوف
دمنا يعتصر
الشهد واللبن
وخمرة السّنين
لكي يعيش
ويفرخ الوحوش
وكي أشيد
من الدموع
جدار مبكى وكي أحيل
خيمتي منديل
للعويل
على الذهاب
بلا إياب
***
لتنسني يميني
لتنسني عيون شعبي المغرّده
إذا نسيت
أن أغرس الطريق
لصدر بيّاراتنا وللكروم
سيفا من الجحيم
في عينيّ إله أورشليم
البداية
إلى عيني غزة في منتصف ليل الإحتلال الإسرائيلي
حينما أرسف بالأسوار في كلّ مساء
ولكم مرّ مساء مساء
ويحوم الليل كالطائر في منقاره خيط ضياء
لنجوم لا أراها في السماء
يفرد القلب جناحيه بعيدا ويطير
لبساتينك يا غزتّي الخضراء في ليل الجحيم
ولجدرانك تغلي كالصدور
جرحوها بالرصاص
والمناشير عليها كالقناديل تقول
يا جدار المستحيل
خافقا في كلّ صدر ثقبوه
وهو شبّاكي الذي قد فتحوه
لأرى شعبي الذي لم يخضعوه
خافقا في شفتي من عذّبوه
أحرقوه ليفوه
غير أنّ القلب خفّاق ولكن لا يفوه
خافقا في ظلّك الشامخ يا من طاردوه
وعلى درب لحدّ السيف قد راح يسير
كيف يكبو والجماهير أبوه
يدها في يده أنّى يسير
ويهوذا ورنين الفضة الدّاجي الرهيب
قد مضت تنهش عيناه الدروب
واقف يحلم فيها بمسيح وصليب
***
غزتي أنا لم يصدأ دمي في الظّلمات
فدمي النيران في قشّ الغزاة
وشرارات دمي في الريح طارت كلمات
كعصافيرك يا قوس قزح
أنت يا إكليل شعبي وهو يدمي في القيود
إنّنا سوف نعود
وعلى درب كألوانك يا قوس قزح
وستذرو الريح أشلاء الشبح
البداية
ارفعوا الأيدي عن أرض القناة
يا سهير
أنا في المنفى أغنّي للقطار
وأغنّي للمحطّه
أيّ هزّه
حينما تومض في عينيّ غزه
حينما تلمع أصوات الرفاق
حينما تنمو كغابه
من بروق ورياح
حينما يلمع برق الكلمات
كلمات من حديد
تطرق الباب الحديد
اطرقي يا قاهره
واطرقي يا غزّتي
واطرقوا يا إخوتي
ولتضيء كلّ شبابيك القطار
بعيون كالنّجوم
بعيون العائدين
لمتاريس الكفاح
في بلادي وبلاد الآخرين
ولتكن كلّ الأيادي عائله
***
أيّ أيام عذاب
أن يكون الحلم دوري في الكفاح
وأنا أكتب دوري في الكفاح
وأنا أخشى الإطاله
في الرساله
وأنا أكتب من أجل القناه
وأنا أحذر من همس القلم
وخطى السجّان فوق الورقه
وبقلب القاهره
قصف رعد المطبعه
قصف رعد الكلمه
يا لمجد الكلمه
حينما تغدو عناقيد ضياء
في أيادي الشعراء
***
أيّ أيام عذاب
وهنا ظلّ سماء من حديد
وظلام في الظّهيره
وسماء القاهره
السماء الظّافره
بنجوم الدّم تزهو في النّهار
نجمة تومض من كلّ رصاصه
أطلقتها من يد التلّ الكبير
يد فلاّح شهيد
لم تزل تنبض في التلّ الكبير
نجمة من عرق الفلاّح حفّار القناه
دمه الأبيض والنازف من نبع الجبين
دمه الأبيض والنازف أمواه القناه
نجمة من كلّ فلاّح وعامل
في العراق
رغم " نوري " والوثاق
نجمة من كلّ ثائئر
في الجزائر
نجمة من كلّ أبناء السلام
فوق أسوار بكين
نجمة من كلّ شغيّل على أرض لينين
نجمة من قلب عمّال المحطات البعيده
فردوا الرايات مثل الأجنحه
لن تمرّ الأسلحه
نجمة من قلب بكداش الصديق
نجمة من قلب عمّان المجاهد
أبو خالد
نجمة من كلّ جرح لم يضمّد
في بلادي لمشرّد
نجمة من ثغرك الزاهي النضير
يا سهير
يا سهير
وخطى المستعمرين
تفزع الأرض ضجيجا وجنون
تهدّد
تتوعّد
بأساطيل ورق
عائمات
في وحول القرصنه
الأساطيل التي سارت بريح القنبله
وبريح السلب والنّهب وإعصار السموم
وإلى السّور العظيم
تضرب الشعب العظيم
وبأفيون حشته في القنابل
تفرض الوحل على الشعب العظيم
الأساطيل التي حطّت على الهند الرحال
وكأعاصير جراد
تنهش الأرض وتمتصّ الحياه
الأساطيل التي بيضّت السهل الكبير
بعظام الكادحين الأشقياء
الأساطيل التي جرّت شعوبا في المياه
خلفها وهي تسير
نحو أسواق الرقيق
وهم أجداد " روبنسون "
وهمو من يرعشون
مثل أغصان الشجر
وهمو من يبصرون
خلف صلبان اللهيب
نجمة سبارتاكوس المشتعله
الأساطيل وما زالت شظايا القنبله
بدماء الشهداء الأبرياء
وهجا يلمع في موج ورمل اسكندريّه
وعلى أمواج بيروت الضحيّه
وهجا يصرخ لن تلقي الأيادي الهمجيه
بمراسيها على أرض القناه
فارفعوا الأيدي عن أرض القناه
فبحار العالم المصطخبه
لم تعد أمواجها للقرصنه
والأيادي العفنه
ليس هذا عصر توفيق الجبان
لا ولا عصر ديجول
مونتجومري والفلول
ليس هذا عصر نوري مندريس
عصر صيّادي الرؤوس
عصر سفّاحي الشعوب القتله
عصر حرّاس كنوز القرصنه
ليس ذا عصر دالاس
الأب الوارث من صدر الوحوش
ما تبقّى من نفس
إنه عصر جديد
عصر إنسان جديد
ولدته فوق أطلال " دين بين فو "
الخضاب
ابتسامات جياب
عصر باندونج وأعراس الأمل
عصر خبز وعسل
عصر أطفال الجزائر
عصر أطفال أمّ صابر
عصر رايات عرابي العائده
فوق أكتاف حمامه
عصر غابات الملايو اللامعه
وبومضات الرصاص
وبأنوار الخلاص
***
إنّه عصرك مفتوح الذراعين يسير
وينادي يا سهير
أنت لن تلعب أيامك في ظلّ المدافع
أنت لن تطغى على شدوك رنّات السلاسل
وانفجارات القنابل
فستنمين تحبين ةتغدين عروس
وستنمو زهرة الحبّ وتكبر
عمرها تسعة أشهر
وستهدين إلى العالم طفله
أيّ طفله
هي لن تدرج في ظلمة خيمه
لا ولن يجرحها سلك معسكر
فستنمو وعلى درب ربيع ومسير
وفلسطين ربيع ومصير
رسمته بالجناحين حمامه
حلم تحرسه كلّ الأيادي عائله
إنّه عصرك مفتوح الذراعين يسير
وينادي يا سهير
إنّه عصر يسير
وأنا أيضا أسير
ومع العصر الكبير
رغم عجزي وأنا أبني المصير
وأنادي يا سهير
وتنادين أخي
وبصوت كحفيف الأجنحه
وذراعاي أخي مفتوحان
منذ عام وشهور
وهما تنتظران
وهما تشتعلان
كلّما صفّر في الليل قطار
كلّما صاح مشرّد
وهو يلقي وعلى منزلنا المطفأ نظره
أيّ ثغره
في متاريس الكفاح
وكفى دقّا بكعب البندقيه
لشبابيك بيوت الأصدقاء
وأنا مثلك أغلي كلّما مرّ قطار
وأنا ألعن عجزي كلّما طار خبر
عن أياد صادقات كالشراشر
طاردوها لتهاجر
ولكي تعرق في أرض غريبه
ولها أرض خصيبه
ورحيبه
وأنا ألعن عجزي
كلّما طار خبر
عن يد خلف الحدود
أثقلت صدر المدينه
بدخان المحرقه
عن يد خلف الحدود
لم تزل تنهش في كنز عرق
لم تزل تنهش في كنز دماء
لرجال ونساء
في معسكر
ضربت قبضة أيّار المعسكر
وأنا ألعن عجزي كلّما هبّ ضياء
عن رجال شرفاء
وعلى أبواب غزّه
و يد خلف الحدود
ورنين القيد في كلّ رصاصه
أثقلت أصداؤه أرض العراق
وهي لم تثقل أمواه القناه
***
أهنا معركتي خلف اللهب
أهنا أقتات خبزا وغضب
ودروب المعركه
رحبه تحضن كلّ الخطوات
رحبة ليست تضيق
بصديق أو رفيق
بأيادينا التي تبني الصداقه
وعلى أنقاض أسلاك غريبه
بين شعبين على أرض خضيبه
وعدو يرتعش
وهو في رعشته يطلق أنفاسا أخيره
لرصاصات أخيره
لم يعد يملك زادا أو ذخيره
لم يعد يملك من أمر الحياه
غير أشلاء مياه
وهو يرميها على أرض القناه
وعلى كلّ مكان
قد غدا أرض القناه
وبلادي قد غدت أرض القناه
أوتدرين عذابي يا سهير
وأنا أنهض في كلّ صباح
ويدي أيّ يد جرداء من غير سلاح
وهي لن تخضرّ إلاّ بالكفاح
وهي لن تخضرّ إلاّ فوق أرض المعركه
حينما تضرب جذرا من دماء
في تراب المعركع
أوتدرين عذابي يا سهير
وأنا أنهض في كلّ صباح
وبعينيّ شذى حلم الكفاح
أنا أمشي في دروب القاهره
تحت أقواس ربيع الكبرياء
بين أغراس الدماء
أحضن الأيدي التي تبني الضياء
أحضن الأيدي التي تحرس أمواه القناه
بالظلال الراعشات الساطعات
ولحفّاري القناه
وهمو يستقبلون
وهمو يحتضنون
كلّ بحّار على ظهر سفينه
لم يخن مجد العرق
وهو وضّاء على صدر القناه
صوته يلمع كالبرق بإصرار الحياه
إرفعوا الأيدي عن أرض القناه
البداية
استمعوا لي
استمعوا لي ,
اسمعني يا وطني ,
فالآن خريف الأغلال يوليّ ,
والآن سأحرق ظلّي
كي لا أتمدّد في ظلّي ,
صمتا , صمتا , يا حملة أبواق
- الخفاش الخشبي - ,
يا أكلة قربان – العجل الذهبي –
صمتا , ولترفع بيرقها
العاصفة السرّية , والبرق السرّي ,
ولتفرد أجنحة صليبك ,
يا قلبي ,
طر بي , طر بي ,
فهنالك نافذة لم تصبغ
بالبرق الأسود في وطني ,
نافذة تذكرني ,
دالية تحلم بي
أن أقطفها ,
أن تقطفني ..
يا وطني , من لي ,
من لي ,
وبجرعة برق من سحبك ,
وبكلارة رعد ؟
لو جمعوا كلّ الأنهار بكأسي
لصرخت , وألقيت بنفسي
من عطشي لعيونك في الشمس
البداية
الأردن على الصليب
أنا مصلوب أغرّد
ولعمّان ونابلس وإربد
وإلى الليل الصديق
صار بيتا للمطارد
لم يحب شبّاكه طرقة كعب البندقيه
وإلى شبّاك ثائر
في جحيم " الجفر " مفتوح على أقواس نصر
وعلى فردوس فجر
ليس ما تبصر عيناك سراب
يا أخي المثقل بالأثمار في ريح الخريف
يا أخي البازغ في ليل العذاب
فالسراب
حلم سجّانك أن يجني من الأغلال أقراص العسل
وبأن بجلد بالقش أعاصير الأمل
وبأن يغرس حتى المقبض الخنجر في قبر " رجاء "
إنّ سجّانك ما كفّ العواء
طارقا أبوابك الخضر الشهيده
" إفتحوا يا أصدقائي الطيبين "!
" واللصوص الأربعون "
في حصان من ذهب
في تماثيل مآذن
خائن مرتعش يزحف في أعقاب خائن
يلدون العار في ضوء النهار
ويقيمون الصليب
سمّروا الشارع ما ضمّت ذراعاه ظلال اللقطاء
وبكفّيه لقد دقّوا السلاسل
غير أنّ الشارع المصلوب ما كفّ يقاتل
والمناشير تقاتل
ويد من " نقرة السلمان " " للجفر " تلوّح:
" سيفتّح "
" برعم الزلزال لا بدّ يفتّح "
إيه يا أيتام " لورنس " و " شاها " قد ترعرع
تحت أقدام " أبي حجميل " ترعرع
يا ثعابين من الخوذة تظهر
كلّما الحاوي في " واشنطن " الشوهاء صفّر
يا خفافيش بلا أجنحة ترفع رايات الجريمه
إمضغي جمر الهزيمه
فعلى أبواب عمّان أيادينا ترفرف
بأكاليل الدّماء
ويدي صوت يرفرف
" يا أفاعي ..يا أفاعي
" سنصبّ السمّ يغلي , وعلى جحر الأفاعي
" وسنمضي في الصراع
" كشراع في رياح الدم نمضي كشراع
" وسأمضي شامخ الصوت أغرّد
" والملايين تغرّد
" ولعمّان ونابلس وإربد "
البداية
الأغنية المعصوبة العينين
أين القمر المعصوب العينين يساق...؟
وسط السّحب الفاغرة الأشداق ,
أسوار تفتح وظلال عارية
تركض , أبواب
تذبح خلف الأبواب ,
الصرخة علم خفّاق
الصرخة.. أوراق
تسقط من شجر اللّحم ,
غصون.. وثمار
***
يا وطني أين الأغنية تساق ؟
خيط من دمك الخفّاق يراق
من أجلك شلاّل مرايا صفر ,
يتكلاّر في وجهي ,
شلاّل مرايا سوداء ,
من أجلك أقحم أسواري..
من أجلك أرجم بالنّار..
من أجلك أحمل أغلالي
في منفى الأرض كجوّال
من أجلك خبزي بدمائي ..
معجون , خبزي بدمائي
والوجه المشحوذ كناب
في ظلّي غرز وأشعاري ..
البداية
الببغاء والأفيون
الببغاء
طليقة بلا قفص
تنقر في الأفيون
وتشهر الجناح
كالسلاح
لكي تحارب البلاشفه
والعاصفه!!
الببغاء
في اللّيل والنهار
في غيبوبة اسطوانة تدور
منقارها يشير
كما أراد أن يشير
السيد الكبير
لنجمة البلاشفه!
فوق جبين العاصفه !
الببغاء في غيبوبة المصير
في نزعها الأخير
ترتجف
في مصفّحه
الببغاء في الخريف
صوتها هرم
وريشها استحال
إلى رماد
والببغاء حينما يذبل في منقارها الكلام
يا أيها الأقزام
ينبذها أسيادها الكبار في قفص
قضبانه خيوط عنكبوت
تنقر في الأفيون
حتى تموت ..
البداية
البحار العائد من الشطآن المحتلة
لو أنّ يا حبيبتي أشعاري
تعيش كالزيتون كالأنهار ..
لو أنّ يا حبيبتي الدّوالي
في العام مرتين تثمر الدّوالي
لو أنّ يا حبيبتي أشجاري
تعيش في بستان سندباد
تثمر الطيور كالأوراق
وتثمر الأطفال كالأثمار
***
لو أنّ يا حبيبتي ملاّحي
يعود من جزيرة الرياح
يعود يرتمي على الضفاف
بالجرح والشّراع والمجداف
في صدره عجائب البحار
يعود فوق ظهره شراعي
وسلّة الهدير والثّمار ..
والعشب والأسماك والمحار
وحزمة من السّحاب والرمال
من شطنّا المشرّد الظّلال ..
يا عاصر الشراع في أقداحي
موجة قد أمسكت شراعي
من بحرنا كقطرة الشعّاع
لم ترخه ومخلب الرياح
في قلبها , يا عاصر الشراع
في قلبي العطشان في جراحي
لتبق قطرتين للمصباح
البداية
الخيط الذي ينمو في الريح
كلّ الرايات المنفيّة قد عادت ,
يا وطني..
إلاّ رايتك المنفيّة من أفق
ترتحل إلى أفق ,
في سوق – لصوص الرايات - ,
تباع بلا ثمن ,
صاح – النخّاس – تقدّم , بالحنجرة الملعونة ,
والحشوّة بالخطب ,
خذها لا تخجل
خذ راية وطني ,
ما أرخصها بجناح من – ورق - ,
أو سيف من خشب ,
ضفّر منها إكليلا من ريش
لتزيّن رأس – الديك الهرم –
الصائح في كلّ الأسطح
والرّاقد في كلّ السرر
لكن من يتبع في وطني ؟
خطوات السيف الخشبي ؟
من يلقي
سنبلة واحدة في طاحون من ورق ؟
ألقوا بإكليل الرّيش ,
وألقوا بالسيف الخشبي ,
ما زال من الرّاية خيط ,
ينمو في ريحك .. يا وطني
البداية
السجن الكبير
سيظلّ يحرسه العراق
سيظلّ يخفق في العراق
في ظلّ أقواس المشانق والرصاص
قلب المقاومة العنيدة , والخلاص
جنبا إلى جنب يدقّ مع القلوب
في جبهة السّلم العريضة والشعوب
أترى إلى شعب العراق
يعدو بأشلاء الوثاق ؟
وعلى جواد من لهب
في أرض معركة الشعوب
أترى سنابكه الخّضيبه
بدما مخالبك الرهيبه
هو ليس حلما ما ترى
أم أنت أعمى لا تري
إلاّ كراتشي أنقره ؟
إلاّ كلاب المقبره
والأرجل المتكلاّره
أترى إلى فهد الشهيد
قد عاد يا نوري السعيد
قد عاد يركب مشنقه
أولم يعدك بمشنقه
من صنع أيدي الكادحين
وجميع صرعى حكمك الدّموي عادوا يركبون
ظهر المشانق والبنادق والسّلاسل والسّجون
أحسبتهم قتلوا كما دبّرت ذلك في الخفاء ؟
لكنّهم عادوا ودلّ عليهم زهر الدماء
يهدونه الشعب الذي وقفت قواه بلا ركوع
وبلا فرار أو رجوع
في وجه ما أسميته حلف الدفاع
وهو الخيانة والضيّاع
وهو المرور بلا انقطاع
من تحت أقواس السجون
ولكي يظلّ النفط يدفق في فم المستعمرين
ولكي تظلّ وبالسياط تهزّ للمستثمرين
أثمار أيدي الكادحين وإنّ أيديهم غصون
أنا لا أقول بأنّ إمضاء الرصاص على الصدور
أنا لا أقول بأنّ إمضاء السياط على الظهور
هو ليس إمضاء الذين وراء ظهرك يا أجير
ولكي يمرّ الحلف مختالا على ظهر القبور
لكّنه كذب وتزوير إذا قلت العراق
أو أنّ فلاّحي وعمال العراق
أو أرضهم وسماءهم ذات النّجوم من الدماء
قد طوّقوا أو طوّقت أوطانهم بالسّلسلة
وغدوا عبيد القنبله
بل أنّ صدرك وحده هو موطن الحلف الطريد
وهو القواعد والخنادق والمعسكر للجنود
فيا عدوّ المطبعه
وعدّو أشواق الورق
وإلى حروف المطبعه
إن كنت صادرت الورق
فلسوف نطبع بالعرق
فوق الأيادي والجباه
منشور حبّ للحياه
فانشر لصوصك في البلاد
ليصادروا
كلّ الأيادي والجباه
لنصفّ يا نوري الحساب
فليسمع المتآمرون بلا التواء
هذا الكلام من الدّماء
لو يجرؤون ويدخلون
فسيركض الدم في الدروب
معلّقا نيرانه
فليقرأوا نيرانه
فستستحيل إلى سيوف , كلّ أغصان السلام
ولطائرات قاصفات كلّ أسراب الحمام
وستقفز القضبان غضبى من زنازين السجون
وستستحيل إلى سواعد تضرب المتسلّلين
ومن الجراخ النابضات الفاغره
أفواهها لقواكم المتآمره
سنقيم متراسا ونحفر خندقا للمعركه
ونمدّ أسلاكا من الدم شاهقات شائكه
وفم الدم الغالي يسيل وقد تعانقت الخنادق
لن تحلبوا إلاّ أيادي من حديد من حرائق
إنّي ألوح بالقيود إليك يا نوري السعيد
أنا في عذاب لن تمرّ به فتدرك ما أريد
أنا في عذاب واشتعالي في صعود في امتداد
هو ليس من تشريد عائلتي وفي شتّى البلاد
هو ليس من شوقي وليس من الحنين إلى الرفاق
لكن لأنّي لست في أرض العراق مع العراق
أو في الشوارع أينما كان انفجار وانطلاق
أبدأت تعرف ما المصير وما الجريمة والعقاب ؟
أبدأت تلمح ذلك الشرر المهدّد في الضباب ؟
وإلى ضحايا الحلف سوط الإضطهاد والاغتصاب
تمتدّ أيديهم دما ولظى ومن تحت التراب
أبدأت تحصي إرث ما سجنت وما اغتالت يداك ؟
إرث المشانق والمذابح والمنافي والهلاك
ولكي يقسّم بين أعداء الشعوب قذى وعار
أبدأت تحزم في الحقائب أين أزمعت الفرار
ويد الجماهير العريضة في الطريق وكالجدار
أين المفرّ فلا طريق إلى القطار أو المطار