أبيات غزل
سألتك : هزي بأجمل كف على الأرض
غصن الزمان!
لتسقط أوراق ماض وحاضر
ويولد في لمحة توأمان:
ملاك . . وشاعر!
ونعرف كيف يعود الرماد لهيبا
إذا اعترف العاشقان!
أتفاحتي ! يا أحب حرام يباح
إذا فهمت مقلتاك شرودي وصمتي
أنا ، عجبا ، كيف تشكو الرياح
بقائي لديك ؟ وأنت
خلود النبيذ بصوتي
وطعم الأساطير والأرض . . أنت!
لمذا يسافر نجم على برتقاله
ويشرب يشرب يشرب حتى الثماله
إذا كنت بين يدي
تفتت لحن وصوت ابتهاله
لماذ أحبك ؟
كيف تخر بروقي لديك ؟
وتتعب ريحي على شفتيك
فأعرف في لحظة
بأن الليالي مخده
وأن القمر
جميل كطلعة ورده
وإني وسيم . . لأني لديك!
أتبقين فوق ذراعي حمامه
تغمس منقارها في فمي ؟
وكفك فوق جبيني شامه
تخلد وعد الهوى في دمي؟
أتبقين فوق ذراعي حمامه
تجنّحني . . كي أطير
تهدهدني . . كي أنام
وتجعل لاسمي نبض العبير
وتجعل بيتي برج حمام ؟
أريدك عندي
خيالا يسير على قدمين !
وصخر حقيقة
يطير بغمزة عين
البداية
عاشق من فلسطين
عيونك شوكةٌ في القلب
توجعني... وأعبدها
وأحميها من الريح
وأغمدها وراء الليل والأوجاع... أغمدها
فيشعل جرحها ضوء المصابيح
ويجعل حاضري غدها
أعزّ عليّ من روحي
وأنسى، بعد حينٍ، في لقاء العين بالعين
بأنّا مرة كنّا، وراء الباب، إثنين!
كلامك... كان أغنيه
وكنت أحاول الإنشاد
ولكنّ الشقاء أحاط بالشفة الربيعيّة
كلامك، كالسنونو، طار من بيتي
فهاجر باب منزلنا، وعتبتنا الخريفيّه
وراءك، حيث شاء الشوق...
وانكلارت مرايانا
فصار الحزن ألفين
ولملمنا شظايا الصوت...
لم نتقن سوى مرثيّة الوطن!
سنزرعها معاً في صدر جيتار
وفق سطوح نكبتنا، سنعرفها
لأقمارٍ مشوّهةٍٍ...وأحجار
ولكنّي نسيت... نسيت... يا مجهولة الصوت:
رحيلك أصدأ الجيتار... أم صمتي؟!
رأيتك أمس في الميناء
مسافرة بلا أهل... بلا زاد
ركضت إليك كالأيتام،
أسأل حكمة الأجداد:
لماذا تسحب البيّارة الخضراء
إلى سجن، إلى منفى، إلى ميناء
وتبقى، رغم رحلتها
ورغم روائح الأملاح والأشواق،
تبقى دائماً خضراء؟
وأكتب في مفكرتي:
أحبّ البرتقال. وأكره الميناء
وأردف في مفكرتي:
على الميناء
وقفت. وكانت الدنيا عيون شتاء
وقشر البرتقال لنا. وخلفي كانت الصحراء!
رأيتك في جبال الشوك
راعيةً بلا أغنام
مطاردةً، وفي الأطلال...
وكنت حديقتي، وأنا غريب الدّار
أدقّ الباب يا قلبي
على قلبي...
يقرم الباب والشبّاك والإسمنت والأحجار!
رأيتك في خوابي الماء والقمح
محطّمةً. رأيتك في مقاهي الليل خادمةً
رأيتك في شعاع الدمع والجرح.
وأنت الرئة الأخرى بصدري...
أنت أنت الصوت في شفتي...
وأنت الماء، أنت النار!
رأيتك عند باب الكهف... عند النار
معلّقةً على حبل الغسيل ثياب أيتامك
رأيتك في المواقد... في الشوارع...
في الزرائب... في دم الشمس
رأيتك في أغاني اليتم والبؤس!
رأيتك ملء ملح البحر والرمل
وكنت جميلة كالأرض... كالأطفال... كالفلّ
وأقسم:
من رموش العين سوف أخيط منديلا
وأنقش فوقه شعراً لعيجميل
وإسماً حين أسقيه فؤاداً ذاب ترتيلا...
يمدّ عرائش الأيك...
سأكتب جملة أغلى من الشهداء والقبل:
"فلسطينيةً كانت. ولم تزل!"
فتحت الباب والشباك في ليل الأعاصير
على قمرٍ تصلّب في ليالينا
وقلت لليلتي: دوري!
وراء الليل والسور...
فلي وعد مع الكلمات والنور.
وأنت حديقتي العذراء...
ما دامت أغانينا
سيوفاً حين نشرعها
وأنت وفيّة كالقمح...
ما دامت أغانينا
سماداً حين نزرعها
وأنت كنخلة في البال،
ما انكلارت لعاصفةٍ وحطّاب
وما جزّت ضفائرها
وحوش البيد والغاب...
ولكني أنا المنفيّ خلف السور والباب
خذيني تحت عيجميل
خذيني، أينما كنت
خذيني، كيفما كنت
أردّ إليّ لون الوجه والبدن
وضوء القلب والعين
وملح الخبز واللحن
وطعم الأرض والوطن!
خذيني تحت عيجميل
خذيني لوحة زيتيّةً في كوخ حسرات
خذيني آيةً من سفر مأساتي
خذيني لعبة... حجراً من البيت
ليذكر جيلنا الآتي
مساربه إلى البيت!
فلسطينية العينين والوشم
فلسطينية الإسم
فلسطينية الأحلام والهمّ
فلسطينية المنديل والقدمين والجسم
فلسطينية الكلمات والصمت
فلسنينية الصوت
فلسطينية الميلاد والموت
حملتك في دفاتري القديمة
نار أشعاري
حملتك زاد أسفاري
وباسمك، صحت في الوديان:
خيول الروم!... أعرفها
وإن يتبدّل الميدان!
خذوا حذراً...
من البرق الذي صكّته أغنيتي على الصوّان
أنا زين الشباب، وفارس الفرسان
أنا. ومحطّم الأوثان.
حدود الشام أزرعها
قصائد تطلق العقبان!
وباسمك، صحت بالأعداء:
كلي لحمي إذا نمت ياديدان
فبيض النمل لا يلد النسور
وبيضة الأفعى...
يخبىء قشرها ثعبان!
خيول الروم... أعرفها
وأعرف قبلها أني
أنا زين الشباب، وفارس الفرسان!
البداية
إلى أمي
أحنّ إلى خبز أمي
وقهوة أمي
ولمسة أمي..
وتكبر فيّ الطفولة
يومًا على صدر يوم
وأعشق عمري لأني
إذا متّ،
أخجل من دمع أمي!
خذيني، إذا عدت يومًا
وشاحًا لهدبك
وغطّي عظامي بعشب
تعمّد من طهر كعبك
وشدّي وثاقي ..
بخصلة شعر ..
بخيطٍ يلوّح في ذيل ثوبك ..
عساني أصير إلهًا
إلهًا أصير ..
إذا ما لمست قرارة قلبك !
ضعيني، إذا ما رجعت
وقودًا بتنور نارك ..
وحبل غسيل على سطح دارك
لأني فقدت الوقوف
بدون صلاة نهارك
هرمت، فردّي نجوم الطفولة
حتى أشارك
صغار العصافير
درب الرجوع ..
لعش انتظارك !
البداية
خائف من القمر
خبّئيني. أتى القمر
ليت مرآتنا حجر!
ألف سرّ سرّي
وصدرك عارٍ
وعيون على الشجر
لا تغطّي كواكباً
ترشح الملح والخدر
خبّئيني... من القمر!
وجه أمسي مسافرٌ
ويدانا على سفر
منزلي كان خندقاً
لا أراجيح للقمر...
خبّئيني... بوحدتي
وخذي المجد... والسهر
ودعي لي مخدّتي
أنت عندي
أم القمر؟!
البداية
السجن
تغير عنوان بيتي
وموعد أكلي
ومقدار تبغي تغير
ولون ثيابي ووجهي وشكلي
وحتى القمر
عزيز علي هنا
صار أحلى وأكبر
ورائحة الأرض : عطر
وطعم الطبيعة : سكر
كأني على سطح بيتي القديم
ونجم جديد
بعيني تسمر
البداية
خواطر في شارع
يا شارع الأضواء! ما لون السماء
وعلام يرقص هؤلاء؟
من أين أعبر، والصدور على الصدور
والساق فوق الساق. ما جدوى بكائي
أي عاصفة يفتنها البكاء؟
فتيممي يا مقلتي حتى يصير الماء ماء
وتحجّري يا خطوتي!
هذا المساء...
قدرٌ أسلّمه سعير الكبرياء!
من أي عام...
أمشي بلا لون، فلا أصحو ولا أغفو
وأبحث عن كلام؟
أتسلق الأشجار أحياناً
وأحياناً أجدّف في الرغام
والشمس تشرق ثم تغرب... والظلام
يعلو ويهبط. والحمام
ما زال يرمز للسلام!
يا شارع الأضواء، ما لون الظلام
وعلام يرقص هؤلاء؟
ومتى تكفّ صديقتي بالأمس، قاتلتي
تكفّ عن الخيانة والغناء؟
الجاز يدعوها؟
ولكني أناديها... أناديها... أناديها.
وصوت الجاز مصنوع
وصوتي ذوب قلب تحت طاحون المساء
لو مرة في العمر أبكي،
يا هدوء الأنبياء
لكن زهر النار يأبى أن يعرّض للشتاء
يا وجه جدي
يا نبياً ما ابتسم
من أي قبر جئتني،
ولبست قمبازاً بلون دم عتيق
فوق صخره
وعباءة في لون حفره
يا وجه جدي
يا نبياً ما ابتسم
من أي قبر جئتني
لتحيلني تمثال سم.
الدين أكبر
لم أبع شبراً، ولم أخضع لضيم
لكنهم رقصوا وغنوا فوق قبرك...
فلتنم
صاحٍ أنا... صاحٍ أنا... صاحٍ أنا
حتى العدم
البداية
تحد
شدّوا وثاقي
وامنعوا عني الدفاتر
والسجائر
وضعوا التراب على فمي
فالشعر دمّ القلب...
ملح الخبز...
ماء العين
يكتب بالأظافر
والمحاجر
والخناجر
سأقولها
في غرفة التوقيف...
في الحمام...
في الإسطبل...
تحت السوط...
تحت القيد...
في عنف السلاسل:
مليون عصفور
على أغصان قلبي
يخلق اللحن المقاتل
البداية
أمل
ما زال في صحونكم بقية من العسل
ردوا الذباب عن صحونكم
لتحفظوا العسل
ما زال في كرومكم عناقيد من العنب
ردوا بنات آوى
يا حارسي الكروم
لينضج العنب
ما زال في بيوتكم حصيرة . . وباب
سدوا طريق الريح عن صغاركم
ليرقد الأطفال
الريح برد قاس . . فلتغلقوا الأبواب
ما زال في قلوبكم دماء
لا تسفحوها أيها الآباء
فإن في أحشائكم جنين
ما زال في موقدكم حطب
وقهوة . . وحزمة من اللهب
البداية
عن إنسان
وضعوا على فمه السلاسل
ربطوا يديه بصخرة الموتى،
وقالوا: أنت قاتل
أخذوا طعامه، والملابس، والبيارق
ورموه في زنزانة الموتى،
وقالوا : أنت سارق!
طردوه من كل المرافئ
أخذوا حبيبته الصغيرة،
ثم قالوا: أنت لاجئ!
يا دامي العينين، والكفين!
إن الليل زائل
لا غرفة التوقيف باقيةٌ
ولا زرد السلاسل!
نيرون مات، ولم تمت روما...
بعينيها تقاتل!
وحبوب سنبلةٍ تموت
ستملأ الوادي سنابل... !
البداية
سونا
أزهارها الصفراء . . والشفة المشاع
وسريرها العشرون مهترئ الغطاء
نامت على الإسفلت . . لا أحد يبيع . . ولا يباع
وتقيأت سأم المدينة . . فالطريق
. . عار من الأضواء
والمتسولين على النساء
نامت على الإسفلت . . لا أحد يبيع . . ولا يباع
يا بائع الأزهار إغمد في فؤادي
زهرة صفراء تنبت في الوحل
هذا أوان الخوف ، لا أحد سيفهم ما أقول
أحكي لكم عن مومس . . كانت تتاجر في بلادي
بالفتية المتسولين على النساء
أزهارها صفراء ، نهداها مشاع
وسريرها العشرون مهترئ الغطاء
هذي بلاد الخوف لا أحد سيفهم ما أقول
إلا الذين رأوا سحاب الوحل . . يمطر في بلادي
يا بائع الأزهار . . إغمد في فؤادي
زهر الوحل . . عساي أبصق
ما يضيق به فؤادي
البداية
أجمل حب
كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة
وجدنا غريبين يوما
وكانت سماء الربيع تؤلف نجماً... ونجما
وكنت أؤلف فقرة حب...
لعيجميل... غنيتها!
أتعلم عيناك أني انتظرت طويلا
كما انتظر الصيف طائر
ونمت... كنوم المهاجر
فعينٌ تنام، لتصحو عين... طويلا
وتبكي على أختها،
حبيبان نحن، إلى أن ينام القمر
ونعلم أن العناق، وأن القبل
طعام ليالي الغزل
وأن الصباح ينادي خطاي لكي تستمر
على الدرب يوماً جديداً!
صديقان نحن، فسيري بقربي كفاً بكف
معاً، نصنع الخبز والأغنيات
لماذا نسائل هذا الطريق... لأي مصير
يسير بنا؟
ومن أين لملم أقدامنا؟
فحسبي، وحسبك أنا نسير...
معاً، للأبد
لماذا نفتش عن أغنيات البكاء
بديوان شعر قديم؟
ونسأل: يا حبنا! هل تدوم؟
أحبك حبّ القوافل واحة عشب وماء
وحب الفقير الرغيف!
كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة
وجدنا غريبين يوماً
ونبقى رفيقين دوماً.
سألتك : هزي بأجمل كف على الأرض
غصن الزمان!
لتسقط أوراق ماض وحاضر
ويولد في لمحة توأمان:
ملاك . . وشاعر!
ونعرف كيف يعود الرماد لهيبا
إذا اعترف العاشقان!
أتفاحتي ! يا أحب حرام يباح
إذا فهمت مقلتاك شرودي وصمتي
أنا ، عجبا ، كيف تشكو الرياح
بقائي لديك ؟ وأنت
خلود النبيذ بصوتي
وطعم الأساطير والأرض . . أنت!
لمذا يسافر نجم على برتقاله
ويشرب يشرب يشرب حتى الثماله
إذا كنت بين يدي
تفتت لحن وصوت ابتهاله
لماذ أحبك ؟
كيف تخر بروقي لديك ؟
وتتعب ريحي على شفتيك
فأعرف في لحظة
بأن الليالي مخده
وأن القمر
جميل كطلعة ورده
وإني وسيم . . لأني لديك!
أتبقين فوق ذراعي حمامه
تغمس منقارها في فمي ؟
وكفك فوق جبيني شامه
تخلد وعد الهوى في دمي؟
أتبقين فوق ذراعي حمامه
تجنّحني . . كي أطير
تهدهدني . . كي أنام
وتجعل لاسمي نبض العبير
وتجعل بيتي برج حمام ؟
أريدك عندي
خيالا يسير على قدمين !
وصخر حقيقة
يطير بغمزة عين
البداية
عاشق من فلسطين
عيونك شوكةٌ في القلب
توجعني... وأعبدها
وأحميها من الريح
وأغمدها وراء الليل والأوجاع... أغمدها
فيشعل جرحها ضوء المصابيح
ويجعل حاضري غدها
أعزّ عليّ من روحي
وأنسى، بعد حينٍ، في لقاء العين بالعين
بأنّا مرة كنّا، وراء الباب، إثنين!
كلامك... كان أغنيه
وكنت أحاول الإنشاد
ولكنّ الشقاء أحاط بالشفة الربيعيّة
كلامك، كالسنونو، طار من بيتي
فهاجر باب منزلنا، وعتبتنا الخريفيّه
وراءك، حيث شاء الشوق...
وانكلارت مرايانا
فصار الحزن ألفين
ولملمنا شظايا الصوت...
لم نتقن سوى مرثيّة الوطن!
سنزرعها معاً في صدر جيتار
وفق سطوح نكبتنا، سنعرفها
لأقمارٍ مشوّهةٍٍ...وأحجار
ولكنّي نسيت... نسيت... يا مجهولة الصوت:
رحيلك أصدأ الجيتار... أم صمتي؟!
رأيتك أمس في الميناء
مسافرة بلا أهل... بلا زاد
ركضت إليك كالأيتام،
أسأل حكمة الأجداد:
لماذا تسحب البيّارة الخضراء
إلى سجن، إلى منفى، إلى ميناء
وتبقى، رغم رحلتها
ورغم روائح الأملاح والأشواق،
تبقى دائماً خضراء؟
وأكتب في مفكرتي:
أحبّ البرتقال. وأكره الميناء
وأردف في مفكرتي:
على الميناء
وقفت. وكانت الدنيا عيون شتاء
وقشر البرتقال لنا. وخلفي كانت الصحراء!
رأيتك في جبال الشوك
راعيةً بلا أغنام
مطاردةً، وفي الأطلال...
وكنت حديقتي، وأنا غريب الدّار
أدقّ الباب يا قلبي
على قلبي...
يقرم الباب والشبّاك والإسمنت والأحجار!
رأيتك في خوابي الماء والقمح
محطّمةً. رأيتك في مقاهي الليل خادمةً
رأيتك في شعاع الدمع والجرح.
وأنت الرئة الأخرى بصدري...
أنت أنت الصوت في شفتي...
وأنت الماء، أنت النار!
رأيتك عند باب الكهف... عند النار
معلّقةً على حبل الغسيل ثياب أيتامك
رأيتك في المواقد... في الشوارع...
في الزرائب... في دم الشمس
رأيتك في أغاني اليتم والبؤس!
رأيتك ملء ملح البحر والرمل
وكنت جميلة كالأرض... كالأطفال... كالفلّ
وأقسم:
من رموش العين سوف أخيط منديلا
وأنقش فوقه شعراً لعيجميل
وإسماً حين أسقيه فؤاداً ذاب ترتيلا...
يمدّ عرائش الأيك...
سأكتب جملة أغلى من الشهداء والقبل:
"فلسطينيةً كانت. ولم تزل!"
فتحت الباب والشباك في ليل الأعاصير
على قمرٍ تصلّب في ليالينا
وقلت لليلتي: دوري!
وراء الليل والسور...
فلي وعد مع الكلمات والنور.
وأنت حديقتي العذراء...
ما دامت أغانينا
سيوفاً حين نشرعها
وأنت وفيّة كالقمح...
ما دامت أغانينا
سماداً حين نزرعها
وأنت كنخلة في البال،
ما انكلارت لعاصفةٍ وحطّاب
وما جزّت ضفائرها
وحوش البيد والغاب...
ولكني أنا المنفيّ خلف السور والباب
خذيني تحت عيجميل
خذيني، أينما كنت
خذيني، كيفما كنت
أردّ إليّ لون الوجه والبدن
وضوء القلب والعين
وملح الخبز واللحن
وطعم الأرض والوطن!
خذيني تحت عيجميل
خذيني لوحة زيتيّةً في كوخ حسرات
خذيني آيةً من سفر مأساتي
خذيني لعبة... حجراً من البيت
ليذكر جيلنا الآتي
مساربه إلى البيت!
فلسطينية العينين والوشم
فلسطينية الإسم
فلسطينية الأحلام والهمّ
فلسطينية المنديل والقدمين والجسم
فلسطينية الكلمات والصمت
فلسنينية الصوت
فلسطينية الميلاد والموت
حملتك في دفاتري القديمة
نار أشعاري
حملتك زاد أسفاري
وباسمك، صحت في الوديان:
خيول الروم!... أعرفها
وإن يتبدّل الميدان!
خذوا حذراً...
من البرق الذي صكّته أغنيتي على الصوّان
أنا زين الشباب، وفارس الفرسان
أنا. ومحطّم الأوثان.
حدود الشام أزرعها
قصائد تطلق العقبان!
وباسمك، صحت بالأعداء:
كلي لحمي إذا نمت ياديدان
فبيض النمل لا يلد النسور
وبيضة الأفعى...
يخبىء قشرها ثعبان!
خيول الروم... أعرفها
وأعرف قبلها أني
أنا زين الشباب، وفارس الفرسان!
البداية
إلى أمي
أحنّ إلى خبز أمي
وقهوة أمي
ولمسة أمي..
وتكبر فيّ الطفولة
يومًا على صدر يوم
وأعشق عمري لأني
إذا متّ،
أخجل من دمع أمي!
خذيني، إذا عدت يومًا
وشاحًا لهدبك
وغطّي عظامي بعشب
تعمّد من طهر كعبك
وشدّي وثاقي ..
بخصلة شعر ..
بخيطٍ يلوّح في ذيل ثوبك ..
عساني أصير إلهًا
إلهًا أصير ..
إذا ما لمست قرارة قلبك !
ضعيني، إذا ما رجعت
وقودًا بتنور نارك ..
وحبل غسيل على سطح دارك
لأني فقدت الوقوف
بدون صلاة نهارك
هرمت، فردّي نجوم الطفولة
حتى أشارك
صغار العصافير
درب الرجوع ..
لعش انتظارك !
البداية
خائف من القمر
خبّئيني. أتى القمر
ليت مرآتنا حجر!
ألف سرّ سرّي
وصدرك عارٍ
وعيون على الشجر
لا تغطّي كواكباً
ترشح الملح والخدر
خبّئيني... من القمر!
وجه أمسي مسافرٌ
ويدانا على سفر
منزلي كان خندقاً
لا أراجيح للقمر...
خبّئيني... بوحدتي
وخذي المجد... والسهر
ودعي لي مخدّتي
أنت عندي
أم القمر؟!
البداية
السجن
تغير عنوان بيتي
وموعد أكلي
ومقدار تبغي تغير
ولون ثيابي ووجهي وشكلي
وحتى القمر
عزيز علي هنا
صار أحلى وأكبر
ورائحة الأرض : عطر
وطعم الطبيعة : سكر
كأني على سطح بيتي القديم
ونجم جديد
بعيني تسمر
البداية
خواطر في شارع
يا شارع الأضواء! ما لون السماء
وعلام يرقص هؤلاء؟
من أين أعبر، والصدور على الصدور
والساق فوق الساق. ما جدوى بكائي
أي عاصفة يفتنها البكاء؟
فتيممي يا مقلتي حتى يصير الماء ماء
وتحجّري يا خطوتي!
هذا المساء...
قدرٌ أسلّمه سعير الكبرياء!
من أي عام...
أمشي بلا لون، فلا أصحو ولا أغفو
وأبحث عن كلام؟
أتسلق الأشجار أحياناً
وأحياناً أجدّف في الرغام
والشمس تشرق ثم تغرب... والظلام
يعلو ويهبط. والحمام
ما زال يرمز للسلام!
يا شارع الأضواء، ما لون الظلام
وعلام يرقص هؤلاء؟
ومتى تكفّ صديقتي بالأمس، قاتلتي
تكفّ عن الخيانة والغناء؟
الجاز يدعوها؟
ولكني أناديها... أناديها... أناديها.
وصوت الجاز مصنوع
وصوتي ذوب قلب تحت طاحون المساء
لو مرة في العمر أبكي،
يا هدوء الأنبياء
لكن زهر النار يأبى أن يعرّض للشتاء
يا وجه جدي
يا نبياً ما ابتسم
من أي قبر جئتني،
ولبست قمبازاً بلون دم عتيق
فوق صخره
وعباءة في لون حفره
يا وجه جدي
يا نبياً ما ابتسم
من أي قبر جئتني
لتحيلني تمثال سم.
الدين أكبر
لم أبع شبراً، ولم أخضع لضيم
لكنهم رقصوا وغنوا فوق قبرك...
فلتنم
صاحٍ أنا... صاحٍ أنا... صاحٍ أنا
حتى العدم
البداية
تحد
شدّوا وثاقي
وامنعوا عني الدفاتر
والسجائر
وضعوا التراب على فمي
فالشعر دمّ القلب...
ملح الخبز...
ماء العين
يكتب بالأظافر
والمحاجر
والخناجر
سأقولها
في غرفة التوقيف...
في الحمام...
في الإسطبل...
تحت السوط...
تحت القيد...
في عنف السلاسل:
مليون عصفور
على أغصان قلبي
يخلق اللحن المقاتل
البداية
أمل
ما زال في صحونكم بقية من العسل
ردوا الذباب عن صحونكم
لتحفظوا العسل
ما زال في كرومكم عناقيد من العنب
ردوا بنات آوى
يا حارسي الكروم
لينضج العنب
ما زال في بيوتكم حصيرة . . وباب
سدوا طريق الريح عن صغاركم
ليرقد الأطفال
الريح برد قاس . . فلتغلقوا الأبواب
ما زال في قلوبكم دماء
لا تسفحوها أيها الآباء
فإن في أحشائكم جنين
ما زال في موقدكم حطب
وقهوة . . وحزمة من اللهب
البداية
عن إنسان
وضعوا على فمه السلاسل
ربطوا يديه بصخرة الموتى،
وقالوا: أنت قاتل
أخذوا طعامه، والملابس، والبيارق
ورموه في زنزانة الموتى،
وقالوا : أنت سارق!
طردوه من كل المرافئ
أخذوا حبيبته الصغيرة،
ثم قالوا: أنت لاجئ!
يا دامي العينين، والكفين!
إن الليل زائل
لا غرفة التوقيف باقيةٌ
ولا زرد السلاسل!
نيرون مات، ولم تمت روما...
بعينيها تقاتل!
وحبوب سنبلةٍ تموت
ستملأ الوادي سنابل... !
البداية
سونا
أزهارها الصفراء . . والشفة المشاع
وسريرها العشرون مهترئ الغطاء
نامت على الإسفلت . . لا أحد يبيع . . ولا يباع
وتقيأت سأم المدينة . . فالطريق
. . عار من الأضواء
والمتسولين على النساء
نامت على الإسفلت . . لا أحد يبيع . . ولا يباع
يا بائع الأزهار إغمد في فؤادي
زهرة صفراء تنبت في الوحل
هذا أوان الخوف ، لا أحد سيفهم ما أقول
أحكي لكم عن مومس . . كانت تتاجر في بلادي
بالفتية المتسولين على النساء
أزهارها صفراء ، نهداها مشاع
وسريرها العشرون مهترئ الغطاء
هذي بلاد الخوف لا أحد سيفهم ما أقول
إلا الذين رأوا سحاب الوحل . . يمطر في بلادي
يا بائع الأزهار . . إغمد في فؤادي
زهر الوحل . . عساي أبصق
ما يضيق به فؤادي
البداية
أجمل حب
كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة
وجدنا غريبين يوما
وكانت سماء الربيع تؤلف نجماً... ونجما
وكنت أؤلف فقرة حب...
لعيجميل... غنيتها!
أتعلم عيناك أني انتظرت طويلا
كما انتظر الصيف طائر
ونمت... كنوم المهاجر
فعينٌ تنام، لتصحو عين... طويلا
وتبكي على أختها،
حبيبان نحن، إلى أن ينام القمر
ونعلم أن العناق، وأن القبل
طعام ليالي الغزل
وأن الصباح ينادي خطاي لكي تستمر
على الدرب يوماً جديداً!
صديقان نحن، فسيري بقربي كفاً بكف
معاً، نصنع الخبز والأغنيات
لماذا نسائل هذا الطريق... لأي مصير
يسير بنا؟
ومن أين لملم أقدامنا؟
فحسبي، وحسبك أنا نسير...
معاً، للأبد
لماذا نفتش عن أغنيات البكاء
بديوان شعر قديم؟
ونسأل: يا حبنا! هل تدوم؟
أحبك حبّ القوافل واحة عشب وماء
وحب الفقير الرغيف!
كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة
وجدنا غريبين يوماً
ونبقى رفيقين دوماً.