التضاريس الحركية ـ المناخية
وتعني دراسة منظومات الحت الحيوي المناخي، أي مجموعة تطورات الحت والتراكم العائدة لشروط الحرارة والرطوبة والغطاء النباتي الخاص بكل نطاق، وتهدف مثل هذه الدراسة إلى فهم خصائص مورفولوجية كل نطاق. وإن الأشكال المورفولوجية الكائنة في النطاقات الحالية، قد تكون موروثة من عصور سابقة، كانت تسود فيها مناخات مغايرة للمناخات الحالية، كما هو الحال في أوربة الغربية وأمريكة الشمالية، حيث لم تستطع الأحوال المناخية الحالية تبديل معالم الأشكال السابقة وتغييرها بعد. فهذه المساحات صارت تحت تأثير الدور الحتي الكبير لاستعمالات الأراضي، ولاسيما في الزراعة وحراثة الأرض، التي كان يغطيها قبل ذلك الغطاء النباتي قبل نحو خمسة آلاف سنة فقط.
فالنظام الحتي الحالي عبارة عن نظام ناتج عن تدخل الإنسان، لذا يجب البحث في مناخات الماضي عن العوامل المسؤولة عن الجيومورفولوجية الحالية. فلكل مناخ غطاء نباتي محدد يؤثر في سير تكييف الملامح الجيوموفولوجية، فالغابة تكبح جماح الحت بنسبة عالية، بينما السهوب والصحراء الجرداء تسمح بظهور الأرض العارية، وسيادة التعرية الريحية.
وتشير الدلائل الكثيرة إلى حدوث تغيرات مناخية عبر العصور الجيولوجية، وقد قامت هذه المناخات القديمة بدور مهم في التاريخ الجيومورفولوجي للأشكال الحالية، وخاصة حركة الجليديات وزحوفها في الحقب الرابع الذي تعرض إلى عدة عصور جليدية منفصلة بعضها عن بعض بعصور مابين جليدية (بينية) دافئة. ومنذ انتهاء آخر زحف جليدي، صار المناخ مماثلاً للمناخ الحالي، بيد أن الزحف الجليدي لم ينته دفعة واحدة، بل بتدرج رافقته تبدلات مناخية صغيرة لم تكن ذات تأثير مورفولوجي كبير.
ولكن العصور البينية الدافئة التي حدثت وعصور الزحوف الجمودية خلفت بصماتها البارزة على قسم كبير من العالم.
التضاريس النهرية
تتكون التضاريس النهرية نتيجة لحركة الماء الجاري، إذ تعمل الجاذبية الأرضية والثقالة على تحريك ذرات الماء من المناطق المرتفعة باتجاه المناطق المنخفضة، ونتيجة لحركة الماء فإنه يحمل المواد الذائبة والعالقة ويحرك المواد التي لا يمكنه حملها. ولكل نهر طاقة حدية على الحمل والنقل، فإذا زادت المواد على هذه الطاقة حصل الترسيب، وإذا نقصت يقوم النهر بحز مجراه. وللماء خاصية فرز المواد، إذ أول ما يترسب المواد الخشنة، تليها المواد الأقل خشونة وهكذا، كما يزداد الحفر عموماً بوساطة الماء والمواد الصلبة فيه، إذا كان خالياً من المجروفات، إذ تزداد قدرته على حمل المجروفات من القاع. وبنتيجة اجتماع العمليات المذكورة أعلاه، يتم تكون المجرى المائي الذي يتميز بمقطعه العرضاني ومقطعه الطولي وأعماقه وشكل جوانبه، فلكل مجرى مائي ارتفاع معين عند منبعه، حتى مصبه الذي يُطلق عليه اسم مستوى الأساس، إذ يعمل النهر خلال حياته بقوة للوصول إلى حالة التوازن في مقطعه الطولاني، بالقيام بعمليات الحت التراجعي الذي يبلغ تركيزه الأقصى عند المصب، ثم ينتقل تدريجياً نحو المنبع ليصير الفارق بين المنبع والمصب شبه معدوم، وهي حالة نظرية، عندها يصير له شكل منحن منتظم، أما المقطع العرضاني فإن طاقة النهر لا تنصب على تعميق المجرى فحسب، وإنما على توسيع مجراه بوساطة ذرات الماء والمواد الصلبة التي تضغط على الجوانب، وتزداد هذه الطاقة عند المنعطفات محدثةً الدوارات العنيفة التي تقوم بالحت عندما تكون سريعة، وبالترسيب عندما تتباطأ. وتبلغ طاقة الحت الجانبي أقصاها عندما تعترض طريق المجرى، عند المنعطف، أشكال تضريسية تجبره على الانحراف. ويساعد على تخفيف شدة انحدار الجوانب النهرية وهطول الأمطار التي تعمل على إذابة الصخور وحتها، ويمكن أن يحدث من جراء ذلك الانهيارات والانهيالات.
إن تلاحم عمليتي الحت الصاعد والحت الجانبي تعطي الأودية النهرية أشكالاً مختلفة، فقد تكون متناظرة أو غير متناظرة، وتؤثر في هذه العملية عوامل مختلفة أهمها طبيعة توضع الطبقات واتجاه الرياح الماطرة والحركات التكتونية وغيرها.
وعندما ينتهي المجرى المائي من تطوير جوانبه بالحت والترسيب الجانبيين ورسم مقطعه الطولاني، ثم يتعرض لسبب ما (نهوض اليابسة أو انخفاض مستوى الأساس) إلى تجديد حته وحفره يبدأ من جديد بحز مجراه ضمن التوضعات الرسوبية، ومن ثم يشق طريقه ضمن الصخور الصلبة مكوناً تحتها ما يشبه الفج، وتصبح هذه التوضعات الرسوبية أعلى من مستوى السهل الفيضي للنهر، فلا تصله مياه الفيضانات النهرية، ويطلق عليها اسم المصاطب النهرية. ويمكن أن تتكرر هذه العملية أكثر من مرة، وفي كل مرة يتجدد الحت فيها من جديد بسبب هبوط مستوى الأساس أو نهوض القارة، تتشكل مصطبة جديدة، وتكون المصاطب الأقدم في الأعلى والحديثة أقرب إلى مجرى النهر.
وتعني دراسة منظومات الحت الحيوي المناخي، أي مجموعة تطورات الحت والتراكم العائدة لشروط الحرارة والرطوبة والغطاء النباتي الخاص بكل نطاق، وتهدف مثل هذه الدراسة إلى فهم خصائص مورفولوجية كل نطاق. وإن الأشكال المورفولوجية الكائنة في النطاقات الحالية، قد تكون موروثة من عصور سابقة، كانت تسود فيها مناخات مغايرة للمناخات الحالية، كما هو الحال في أوربة الغربية وأمريكة الشمالية، حيث لم تستطع الأحوال المناخية الحالية تبديل معالم الأشكال السابقة وتغييرها بعد. فهذه المساحات صارت تحت تأثير الدور الحتي الكبير لاستعمالات الأراضي، ولاسيما في الزراعة وحراثة الأرض، التي كان يغطيها قبل ذلك الغطاء النباتي قبل نحو خمسة آلاف سنة فقط.
فالنظام الحتي الحالي عبارة عن نظام ناتج عن تدخل الإنسان، لذا يجب البحث في مناخات الماضي عن العوامل المسؤولة عن الجيومورفولوجية الحالية. فلكل مناخ غطاء نباتي محدد يؤثر في سير تكييف الملامح الجيوموفولوجية، فالغابة تكبح جماح الحت بنسبة عالية، بينما السهوب والصحراء الجرداء تسمح بظهور الأرض العارية، وسيادة التعرية الريحية.
وتشير الدلائل الكثيرة إلى حدوث تغيرات مناخية عبر العصور الجيولوجية، وقد قامت هذه المناخات القديمة بدور مهم في التاريخ الجيومورفولوجي للأشكال الحالية، وخاصة حركة الجليديات وزحوفها في الحقب الرابع الذي تعرض إلى عدة عصور جليدية منفصلة بعضها عن بعض بعصور مابين جليدية (بينية) دافئة. ومنذ انتهاء آخر زحف جليدي، صار المناخ مماثلاً للمناخ الحالي، بيد أن الزحف الجليدي لم ينته دفعة واحدة، بل بتدرج رافقته تبدلات مناخية صغيرة لم تكن ذات تأثير مورفولوجي كبير.
ولكن العصور البينية الدافئة التي حدثت وعصور الزحوف الجمودية خلفت بصماتها البارزة على قسم كبير من العالم.
التضاريس النهرية
تتكون التضاريس النهرية نتيجة لحركة الماء الجاري، إذ تعمل الجاذبية الأرضية والثقالة على تحريك ذرات الماء من المناطق المرتفعة باتجاه المناطق المنخفضة، ونتيجة لحركة الماء فإنه يحمل المواد الذائبة والعالقة ويحرك المواد التي لا يمكنه حملها. ولكل نهر طاقة حدية على الحمل والنقل، فإذا زادت المواد على هذه الطاقة حصل الترسيب، وإذا نقصت يقوم النهر بحز مجراه. وللماء خاصية فرز المواد، إذ أول ما يترسب المواد الخشنة، تليها المواد الأقل خشونة وهكذا، كما يزداد الحفر عموماً بوساطة الماء والمواد الصلبة فيه، إذا كان خالياً من المجروفات، إذ تزداد قدرته على حمل المجروفات من القاع. وبنتيجة اجتماع العمليات المذكورة أعلاه، يتم تكون المجرى المائي الذي يتميز بمقطعه العرضاني ومقطعه الطولي وأعماقه وشكل جوانبه، فلكل مجرى مائي ارتفاع معين عند منبعه، حتى مصبه الذي يُطلق عليه اسم مستوى الأساس، إذ يعمل النهر خلال حياته بقوة للوصول إلى حالة التوازن في مقطعه الطولاني، بالقيام بعمليات الحت التراجعي الذي يبلغ تركيزه الأقصى عند المصب، ثم ينتقل تدريجياً نحو المنبع ليصير الفارق بين المنبع والمصب شبه معدوم، وهي حالة نظرية، عندها يصير له شكل منحن منتظم، أما المقطع العرضاني فإن طاقة النهر لا تنصب على تعميق المجرى فحسب، وإنما على توسيع مجراه بوساطة ذرات الماء والمواد الصلبة التي تضغط على الجوانب، وتزداد هذه الطاقة عند المنعطفات محدثةً الدوارات العنيفة التي تقوم بالحت عندما تكون سريعة، وبالترسيب عندما تتباطأ. وتبلغ طاقة الحت الجانبي أقصاها عندما تعترض طريق المجرى، عند المنعطف، أشكال تضريسية تجبره على الانحراف. ويساعد على تخفيف شدة انحدار الجوانب النهرية وهطول الأمطار التي تعمل على إذابة الصخور وحتها، ويمكن أن يحدث من جراء ذلك الانهيارات والانهيالات.
إن تلاحم عمليتي الحت الصاعد والحت الجانبي تعطي الأودية النهرية أشكالاً مختلفة، فقد تكون متناظرة أو غير متناظرة، وتؤثر في هذه العملية عوامل مختلفة أهمها طبيعة توضع الطبقات واتجاه الرياح الماطرة والحركات التكتونية وغيرها.
وعندما ينتهي المجرى المائي من تطوير جوانبه بالحت والترسيب الجانبيين ورسم مقطعه الطولاني، ثم يتعرض لسبب ما (نهوض اليابسة أو انخفاض مستوى الأساس) إلى تجديد حته وحفره يبدأ من جديد بحز مجراه ضمن التوضعات الرسوبية، ومن ثم يشق طريقه ضمن الصخور الصلبة مكوناً تحتها ما يشبه الفج، وتصبح هذه التوضعات الرسوبية أعلى من مستوى السهل الفيضي للنهر، فلا تصله مياه الفيضانات النهرية، ويطلق عليها اسم المصاطب النهرية. ويمكن أن تتكرر هذه العملية أكثر من مرة، وفي كل مرة يتجدد الحت فيها من جديد بسبب هبوط مستوى الأساس أو نهوض القارة، تتشكل مصطبة جديدة، وتكون المصاطب الأقدم في الأعلى والحديثة أقرب إلى مجرى النهر.