الفصل الرابع وحدانية الله سبحانه وتعالى
المطلب الثاني:أسلوب القران وأدلته على وحدانية الله.
الفرع الأول: تقديم الأدلة عن طريق الفطرة (دليل الفطرة).
الفطرة لغة:الفطرة الأصل فيها الخليقة،سواء خلق إنسان أو حيوان أو أي كائن آخر والفطرة مشتقة من فطر الثلاثي من باب نصر. والأصل في فطر بمعنى: أنشأ وبدأ.
فالفطرة الابتداع والاختراع (24)، وفي التنـزيل العزيز : الحمد لله فاطر السماوات والأرض .
قال ابن عباس y ما كنت أدري ما فاطر السماوات والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها (أي أنا ابتدأت حفرها )(25)
الفطرة اصطلاحاً:هي ما فطر الله عليه الخلق من المعرفة به(26). قال تعالى: )فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله(
(27) المقصود بهذه الفطرة هي فطرة الإسلام، لأن حقيقة الإسلام: هو الاستسلام لله وحده.
وقد ضرب رسول الله r مثلاً فقال: (كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟)(28) فأوضح أن سلامة القلب من النقص كسلامة البدن وأن العيب حادث طارئ(29).
المطلب الثاني: أسلوب القرآن وأدلته على وحدانية الله
الفرع الأول:الفطرة لا تعارض العقل، بل تسانده (والكون وما فيه من نظام، وإحكام وجمال وكمال وتناسق وإبداع ليس هو وحده الشاهد الوحيد على وجود قيوم السماوات والأرض،و إنما هناك شاهد أخر وهو الشعور المغروس في النفس الإنسانية بوجوده سبحانه، وهو شعور فطري فطر الله الناس عليه، وهو المعبر عنه بالغريزة الدينية، وهو المميز للإنسان عن الحيوان، وقد يغفو هذا الشعور بسبب ما من الأسباب، فلا يستيقظ إلا بمثير يبعث على يقظته من ألم ينـزل به، أو ضر يحيط به(30).
فالفطرة السليمة غير المشوشة تساند العقل في فهم الأدلة والبراهين فهماً صحيحاً واضحاً غير مزيف.
فالإنسان بفطرته متدين، ولو تركت الفطرة على طبيعتها دون أي تأثير عليها لاستدلت على خالقها.
قال تعالى: )فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله((31)،جاء في تفسير الظلال: "وبهذا يربط بين فطرة النفس البشرية وطبيعة هذا الدين وكلا هما من صنع الله، وكلاهما موافق لناموس الوجود، وكلاهما
متناسق مع الآخر في طبيعته واتجاهه، والله الذي خلق القلب البشري هو الذي أنـزل إليه هذا الدين ليحكمه ويصرفه ويعالج مرضه، ويقومه من الانحراف، وهو أعلم بمن خلق وهو اللطيف الخبير.
والفطرة ثابتة والدين ثابت ( لا تبديل لخلق الله) فإذا انحرفت النفوس عن الفطرة، لم يردها إليها إلا هذا الدين المتناسق مع الفطرة.
(32)
اختفاء نور الفطرة
إن الإحساس الفطري شعور أصيل في النفس الإنسانية، يستوي فيه العالم، والجاهل، والحضري، والبدوي، والرجال والنساء، والأولون والآخرون، وهو دليل مأخوذ من واقع الإنسان وتجاربه، فكم دعا الإنسان ربه فأجاب دعاءه، وكم ناداه فلبّى نداءه، وكم سأله فأعطاه، وكم توكل عليه فكفاه (33).
إن الإنسان عندما يتحول من حال الشدة والخوف إلى حال الرخاء والأمن وينسى ربه ويتلهى بدنياه، متناسياً صاحب الفضل عليه في كشف ما كان به من ضر.
قال تعالى وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيباً إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعوا إليه من قبل وجعل لله أنداداً ليضل عن سبيله((34) ؛جاء في تفسير هذه الآية: "إن فطرة الإنسان تبرز عارية حين يمسه الضر، ويسقط عنها الركام، وتزول عنها الحجب، وتتكشف عنها الأوهام، فتتجه إلى ربها، وتنيب إليه وحده، وهي تدرك أنه لا يكشف الضر غيره،وتعلم كذب ما تدعي من شركاء أو شفعاء فأما حين يذهب الضر ويأتي الرخاء، ويخوله الله نعمة منه ويرفع عنه البلاء، فإن هذا الإنسان الذي تعرت فطرته عند مس الضر يعود فيضع عليها الركام، وينسى تضرعه وإنابته وتوحيده لربه، وتطلعه إليه في المحنه وحده، حيث لم يكن غيره يملك أن يدفع عنه محنته... وينسى هذا كله ويذهب يجعل له أندادا "(35)،ثم يضرب الله لذلك مثلاً تفصيلياً ليتضح أكثر في الأذهان،قال تعالىهو الذي يسيركم في البر والبحر، حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جآءتها ريح عاصف*وجاءهم الموجُ من كل مكان* وظنوآ أنهم أحيط بهم*دعوا الله مخلصين له الدين* لئنا أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين* فلمآ أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق((36).
فمن يزيغ عن هذا الدين ، فإن الله يضله ولا يهديه قال تعالي فلما زاغوآ أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين ((37).
استيقاظ الفطرة في الشدائد
الناس جميعهم في كل العصور والأزمان ، وفي كل البقاع والأماكن ذكورهم وإناثهم ، كبيرهم وصغيرهم ،عالمهم وجاهلهم،فقيرهم وغنيهم ، رئيسهم ومرؤسهم ، كل أصناف البشر إذا ما تعرضوا لشدائد يعجز البشر عن إخراجهم منها .هنالك تستيقظ الفطرة ، وتنفض ما بها من غبار وما علق فيها من شوائب فتلجأ إلى خالقها ذليلة صاغرة تستنجد بربها وحده لا تلتفت إلى أحد سواه .
قال تعالى: ) وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلآ إياه((38).
مشهد الفلك في البحر نموذج للحظات الشدة والحرج ،لأن الشعور بيد الله في خضم أقوى وأشد حساسية،ونقطه من الخشب أو المعدن تائهة في الخضم ،تتقاذفها الأمواج والتيارات متشبثون بهذه النقطة على كف الرحمن ....( وفي المشهد) ينتقل بهم من الإزجاء الرخي إلى الاضطراب العتي ؛ حيث ينسى الركب في الفلك المتناوح بين الأمواج كل قوة وكل سند وكل مجير إلا الله فيتهجون إليه وحده في لحظة الخطر لا يدعون أحداً سواه "ضل من تدعون إلا إياه " (39).
بل دون هذا الشعور الفطري يعتري أشد الملحدين واعتى المنكرين إذا ما تعرضوا للخطر فهذا فرعون يدعي ، الربوبية ، عندما حلت به الشدة وأدركه الغرق آمن بالله وحده ، وآمن به رباً لا إله غيره.
قال تعالىحتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل((40) هكذا تستيقظ الفطرة لأن الإحساس الفطري بربوبيته أصيل في النفس الإنسانية فالإنسان متدين بطبعه .
توافق الفطرة مع تعاليم الإسلام
عقيدة الإسلام هي العقيدة التي لا تنناقض مع الفطرة بل تنطبق عليها كلياً قال تعالى فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها ( . (41)
وقال r: " كل مولود يولد على الفطرة ( أي على الإسلام ) فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " (42)
( والإسلام هو فطرة الله التي فطر الناس عليها والتي لا تحتاج إلى تأثير من الأبوين ، أما الأديان الأخرى من يهودية ، ونصرانية ومجوسية من تلقين الأباء )(43) فهذه الفطرة التي غرسها الله سبحانه وتعالىفي جميع البشر لا تتنافر مع الإسلام بل تنسجم معه ، لأنه دين الله الذي ارتضاه لعباده .
المطلب الثاني:أسلوب القران وأدلته على وحدانية الله.
الفرع الأول: تقديم الأدلة عن طريق الفطرة (دليل الفطرة).
الفطرة لغة:الفطرة الأصل فيها الخليقة،سواء خلق إنسان أو حيوان أو أي كائن آخر والفطرة مشتقة من فطر الثلاثي من باب نصر. والأصل في فطر بمعنى: أنشأ وبدأ.
فالفطرة الابتداع والاختراع (24)، وفي التنـزيل العزيز : الحمد لله فاطر السماوات والأرض .
قال ابن عباس y ما كنت أدري ما فاطر السماوات والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها (أي أنا ابتدأت حفرها )(25)
الفطرة اصطلاحاً:هي ما فطر الله عليه الخلق من المعرفة به(26). قال تعالى: )فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله(
(27) المقصود بهذه الفطرة هي فطرة الإسلام، لأن حقيقة الإسلام: هو الاستسلام لله وحده.
وقد ضرب رسول الله r مثلاً فقال: (كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟)(28) فأوضح أن سلامة القلب من النقص كسلامة البدن وأن العيب حادث طارئ(29).
المطلب الثاني: أسلوب القرآن وأدلته على وحدانية الله
الفرع الأول:الفطرة لا تعارض العقل، بل تسانده (والكون وما فيه من نظام، وإحكام وجمال وكمال وتناسق وإبداع ليس هو وحده الشاهد الوحيد على وجود قيوم السماوات والأرض،و إنما هناك شاهد أخر وهو الشعور المغروس في النفس الإنسانية بوجوده سبحانه، وهو شعور فطري فطر الله الناس عليه، وهو المعبر عنه بالغريزة الدينية، وهو المميز للإنسان عن الحيوان، وقد يغفو هذا الشعور بسبب ما من الأسباب، فلا يستيقظ إلا بمثير يبعث على يقظته من ألم ينـزل به، أو ضر يحيط به(30).
فالفطرة السليمة غير المشوشة تساند العقل في فهم الأدلة والبراهين فهماً صحيحاً واضحاً غير مزيف.
فالإنسان بفطرته متدين، ولو تركت الفطرة على طبيعتها دون أي تأثير عليها لاستدلت على خالقها.
قال تعالى: )فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله((31)،جاء في تفسير الظلال: "وبهذا يربط بين فطرة النفس البشرية وطبيعة هذا الدين وكلا هما من صنع الله، وكلاهما موافق لناموس الوجود، وكلاهما
متناسق مع الآخر في طبيعته واتجاهه، والله الذي خلق القلب البشري هو الذي أنـزل إليه هذا الدين ليحكمه ويصرفه ويعالج مرضه، ويقومه من الانحراف، وهو أعلم بمن خلق وهو اللطيف الخبير.
والفطرة ثابتة والدين ثابت ( لا تبديل لخلق الله) فإذا انحرفت النفوس عن الفطرة، لم يردها إليها إلا هذا الدين المتناسق مع الفطرة.
(32)
اختفاء نور الفطرة
إن الإحساس الفطري شعور أصيل في النفس الإنسانية، يستوي فيه العالم، والجاهل، والحضري، والبدوي، والرجال والنساء، والأولون والآخرون، وهو دليل مأخوذ من واقع الإنسان وتجاربه، فكم دعا الإنسان ربه فأجاب دعاءه، وكم ناداه فلبّى نداءه، وكم سأله فأعطاه، وكم توكل عليه فكفاه (33).
إن الإنسان عندما يتحول من حال الشدة والخوف إلى حال الرخاء والأمن وينسى ربه ويتلهى بدنياه، متناسياً صاحب الفضل عليه في كشف ما كان به من ضر.
قال تعالى وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيباً إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعوا إليه من قبل وجعل لله أنداداً ليضل عن سبيله((34) ؛جاء في تفسير هذه الآية: "إن فطرة الإنسان تبرز عارية حين يمسه الضر، ويسقط عنها الركام، وتزول عنها الحجب، وتتكشف عنها الأوهام، فتتجه إلى ربها، وتنيب إليه وحده، وهي تدرك أنه لا يكشف الضر غيره،وتعلم كذب ما تدعي من شركاء أو شفعاء فأما حين يذهب الضر ويأتي الرخاء، ويخوله الله نعمة منه ويرفع عنه البلاء، فإن هذا الإنسان الذي تعرت فطرته عند مس الضر يعود فيضع عليها الركام، وينسى تضرعه وإنابته وتوحيده لربه، وتطلعه إليه في المحنه وحده، حيث لم يكن غيره يملك أن يدفع عنه محنته... وينسى هذا كله ويذهب يجعل له أندادا "(35)،ثم يضرب الله لذلك مثلاً تفصيلياً ليتضح أكثر في الأذهان،قال تعالىهو الذي يسيركم في البر والبحر، حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جآءتها ريح عاصف*وجاءهم الموجُ من كل مكان* وظنوآ أنهم أحيط بهم*دعوا الله مخلصين له الدين* لئنا أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين* فلمآ أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق((36).
فمن يزيغ عن هذا الدين ، فإن الله يضله ولا يهديه قال تعالي فلما زاغوآ أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين ((37).
استيقاظ الفطرة في الشدائد
الناس جميعهم في كل العصور والأزمان ، وفي كل البقاع والأماكن ذكورهم وإناثهم ، كبيرهم وصغيرهم ،عالمهم وجاهلهم،فقيرهم وغنيهم ، رئيسهم ومرؤسهم ، كل أصناف البشر إذا ما تعرضوا لشدائد يعجز البشر عن إخراجهم منها .هنالك تستيقظ الفطرة ، وتنفض ما بها من غبار وما علق فيها من شوائب فتلجأ إلى خالقها ذليلة صاغرة تستنجد بربها وحده لا تلتفت إلى أحد سواه .
قال تعالى: ) وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلآ إياه((38).
مشهد الفلك في البحر نموذج للحظات الشدة والحرج ،لأن الشعور بيد الله في خضم أقوى وأشد حساسية،ونقطه من الخشب أو المعدن تائهة في الخضم ،تتقاذفها الأمواج والتيارات متشبثون بهذه النقطة على كف الرحمن ....( وفي المشهد) ينتقل بهم من الإزجاء الرخي إلى الاضطراب العتي ؛ حيث ينسى الركب في الفلك المتناوح بين الأمواج كل قوة وكل سند وكل مجير إلا الله فيتهجون إليه وحده في لحظة الخطر لا يدعون أحداً سواه "ضل من تدعون إلا إياه " (39).
بل دون هذا الشعور الفطري يعتري أشد الملحدين واعتى المنكرين إذا ما تعرضوا للخطر فهذا فرعون يدعي ، الربوبية ، عندما حلت به الشدة وأدركه الغرق آمن بالله وحده ، وآمن به رباً لا إله غيره.
قال تعالىحتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل((40) هكذا تستيقظ الفطرة لأن الإحساس الفطري بربوبيته أصيل في النفس الإنسانية فالإنسان متدين بطبعه .
توافق الفطرة مع تعاليم الإسلام
عقيدة الإسلام هي العقيدة التي لا تنناقض مع الفطرة بل تنطبق عليها كلياً قال تعالى فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها ( . (41)
وقال r: " كل مولود يولد على الفطرة ( أي على الإسلام ) فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " (42)
( والإسلام هو فطرة الله التي فطر الناس عليها والتي لا تحتاج إلى تأثير من الأبوين ، أما الأديان الأخرى من يهودية ، ونصرانية ومجوسية من تلقين الأباء )(43) فهذه الفطرة التي غرسها الله سبحانه وتعالىفي جميع البشر لا تتنافر مع الإسلام بل تنسجم معه ، لأنه دين الله الذي ارتضاه لعباده .