بقرات في المتاهة
إنّ المتهات شائعة في الرياضيّات الجادة أكثر ممّا نتصوّر . و في الواقع فإنّ أي دراسة رياضياتيّة تتطلّب إيجاد ممرّ بين متاهة عبارات بحيث يتمّ الانتقال من أي عبارة إلى العبارة التاليو وفق استنتاج منطقي صحيح .
و ثمّة متاهة من نوع جديد أوجدها R. Abbot من مدينة جوبيتر بولاية فلوريدا سمّاها ( أين البقرات ؟ ) و هي متاهة منطقيّة و هندسيّة .
تعتمد متاهة أبوت على حيلة منطقية ، هي المرجعيّة الذاتيّة . و تسبّب عبارات المرجعيّة الذاتيّة الصداع لعلماء المنطق و الفلاسفة . و أحد الأمثلة المحيّرة ( المفارقة ) المتعلّقة بشخص يدعى Epimenides من جزيرة كريت ، حيث أعلن أنّ جميع الكريتيين كاذبون ، و تؤول هذه المحيّرة إلى : هذه العبارة خاطئة .
حسناً ، هل هي صحيحة أم لا ؟ أنت في ورطة أيّاً كان اختيارك . كما يوجد أيضاً عبارات مرجعيّة بالتبادل :
الجملة التالية صحيحة
الجملة السابقة خاطئة
إنـّـه حقل ألغام منطقي .
إنّ المرجعيّة الذاتية هي حقل دراسة مهمّ لعلماء المنطق ، إلا أنّ السؤال المهمّ بالفعل هو : هل يمكن استخدام المرجعيّة الذاتيّة لجلب تشويش أكثر للمتاهات ؟ يسعدني أن أبيّن أنّ الجواب هو ( نعم ) .
أبيّن في الأسفل متاهة أبوت . ليس فقط نصّ ذو مرجعيّة ذاتية ، و إنّما تتغيّر قواعد المتهاة وفقاً لطريقة انتقالك . و لكي تدخل في المتاهة فإنّك تحتاج كلتا يديك ، كما أنّ من المناسب أن تمسك قلماً أو أي مؤشّر آخر في كلّ يد لتذكّرك أين كنت ، و لكي تبدأ ضع أحد القلمين على الصندوق 1 و القلم الآخر على الصندوق 7 ، مع ملاحظة أنّ الترقيم ليس متسلسلاً و هذا الأمر مدروس ، و هدفك هو عمل سلسلة من الحركات بحيث ينتهي أحد القلمين على الأقلّ إلى أحد الصناديق الذي كتب عليه الهدف .
و من أجل أن تجري نقلة اختر أحد القلمين و اتبع التعليمات في الصندوق الذي يشير إليه هذا القلم . ذلك يعني أنه لا حاجة إلى عمل اختيارات أخرى ، ما عدا تلك التعليمات التي تتبعها في الصندوق 55 .
لنفترض مثلاً أنّ اختيارك الأوّل هو القلم المؤشّر على الصندق 7 . إنّ جواب سؤال الصندوق " هل القلم الآخر في صندوق رقمه عدد فردي ؟ " هو " نعم " وضوحاً . و هكذا عليك أن تنقل القلم في الصندوق 7 على طول الطريق الذي متب عليه " نعم " و الذي يقود إلى الصندوق رقم 26 .
و لنفرض أنّك اخترت القلم الموجود على الصندوق 26 ، سيكون السؤال " لو أنّك اخترت القلم الآخر فهل ستخرج من الطريق المشار إليه بـ لا ؟ " ، و لنوجد الجواب .. القلم الآخر كان و لا يزال على الصندوق 1 . لو كنت قد اخترته سيكون السؤال " هل يشير القلم الآخر إلى صندوق كتب نصّه بالأحمر أو بالأخضر ؟ " و لدينا الصندوق 26 نصّه بالأحمر إذاً الجواب سيكون نعم و هكذا يخرج القلم من الطريق المشار إليه بنعم و يعني كلّ هذا أنّ جواب السؤال في الصندوق 26 هو " لا " و هكذا فإنّ القلم يتحرّك على طول الطريق المشار إليه بـ " لا " و ينتهي في الصندوق 55 .. و هكذا .. عليك الانتقال بين الصناديق ...
إنّ معظم الصناديق تسأل أسئلة ، و يتعلّق طريق الخروج بالجواب إلا بعض الصناديق تعمل بصورة مختلفة ، فالصندوق 61 يخبرك بتحريك كلا القلمين ، و لا تتمّ النقلة حتى تفعل ذلك . أمّا الصندوق 55 فله مخرج مشار إليه بـ LUGNUT بدلاً من " لا " المألوفة و هناك فرق يتضح لو كان قلمك الآخر يشير إلى الصندوق 26 .
إنّ من الصناديق المتطرّفة حقيقة هما 60 و 65 . حيث يغيّر الصندوق 60 القاعدة للخروج من صندوق كتب نصّه بالأحمر ، لتحلّ محلّها القاعدة " فقط اخرج من الطريق المشار إليه بنعم " التي سنسمّيها القاعدة 60 . إذاً من الممكن أن يكون لديك قلم يشير إلى الصندوق 60 و الآخر يشير إلى 65 . إنّ كلاً من الصندوقين يطلب إليك فعليّاً أن تهمل الصندوق الآخر . إلا أنّ ذلك لا يولّد مسائل المرجعيّة الذاتيّة ، لأنّ عليك أن تختار أحدهما لتتبعه ، إذ لا يمكن تنفيذ الأمرين معاً .
تبدو بعض التعليمات غامضة ، فمثلاً يسأل الصندوق 5 إذا كان القلم الآخر يشير إلى صندوق يحوي نصّه كلمة أخضر أو أحمر . فلو كان القلم الآخر يشير إلى الصندوق 1 فإنّ من الواضح أنّ الجواب هو نعم ، لكن لو كان الالقلم في الصندوق 5 ، الذي يستشهد بالكلمتين الأخضر و الأحمر ؟ إنّ تفسير أبوت لذلك انّ هذا الاقتباس لا يدخل في حسابنا فالجواب هو نعم ، هناك أيضاً الصندوق رقم 50 الذي يسأل إذا كان الصندوق الآخر يشير إلى نصّ يشير إلى البقرات ، على أي حال فإنّ البقرات لم تظهر في أي صندوق آخر . و بالطبع يمكن أن يشير كلا القلمين إلى الصندوق 50 ، حيث تخرج في هذه الحالة إلى الهدف ، مالم تبرهن على أنّ الصندوق 50 لا يشير إلى البقرات بحدّ ذاته . إذاً تجنّب التشويش الفلسفي من هذا النوع و إلا فإنّك لن تحلّ المتاهة أبداً .
لعلّك الآن قد توصّلت إلى النتيجة التي مفادها بأنّنا لن نستطيع الوصول إلى الهدف ما لم يكن القلمان معاً في الصندوق 50 ، و هناك حالة أخرى تستطيع الوصول بها إلى الهدف دون أن يكون القلمان معاً في الصندوق 50 و هي أن يكون أحدهما فقط و القاعدة رقم 60 سارية المفعول عند ذلك تستطيع إهمال النصّ في الصندوق 50 و الخروج من الطريق المشار إليه بنعم إلى الهدف ، و لحسن الحظ يوجد طريقة ثالثة و لأدع إيجادها لكم و لا أعتقد أنّ هناك طريقة رابعة .
إنّ الحالة المشؤومة التي يمكن أن تقع هي أن يكون القلمان معاً في الصندوق 26 فلا يوجد عندئذ طريقة واضحة للإجابة ، لكن براعة أبوت في سبك متاهته قد حلّت هذه المشكلة فلا يمكن أن يصل القلمان معاً إلى هذه الحال إلا عندما تكون القاعدة 60 سارية المفعول ، و هنا يهمل النص المكتوب في الصندوق 60 ، أيضاً يتحقّق هذا الشيء بالنسبة للصندوق 61 .
و هنا أظنّ أنـّـنا أدركنا أهميّة القاعدة 60 حيث علينا الانتباه إلى تفعيلها أو إلغاء تفعيلها حتّى نصل إلى الهدف .
الآن لتحلّ هذه المتاهة لديك غريزتك و الاستراتجيات المشار إليها أعلاه إضافة لأنك يجب أن تتحلى بالكثير من الصبر و أنصحك بتسجيل الخطوات التي تنفذها و كذلك أذكر بأنّ الحلّ من الصعوبة بحيث لن تصل له من أول محاولة و قد وقعت في الكثير من الدوامات و الحلقات المفرغة قبل أن أصل للهدف .
إنّ المتهات شائعة في الرياضيّات الجادة أكثر ممّا نتصوّر . و في الواقع فإنّ أي دراسة رياضياتيّة تتطلّب إيجاد ممرّ بين متاهة عبارات بحيث يتمّ الانتقال من أي عبارة إلى العبارة التاليو وفق استنتاج منطقي صحيح .
و ثمّة متاهة من نوع جديد أوجدها R. Abbot من مدينة جوبيتر بولاية فلوريدا سمّاها ( أين البقرات ؟ ) و هي متاهة منطقيّة و هندسيّة .
تعتمد متاهة أبوت على حيلة منطقية ، هي المرجعيّة الذاتيّة . و تسبّب عبارات المرجعيّة الذاتيّة الصداع لعلماء المنطق و الفلاسفة . و أحد الأمثلة المحيّرة ( المفارقة ) المتعلّقة بشخص يدعى Epimenides من جزيرة كريت ، حيث أعلن أنّ جميع الكريتيين كاذبون ، و تؤول هذه المحيّرة إلى : هذه العبارة خاطئة .
حسناً ، هل هي صحيحة أم لا ؟ أنت في ورطة أيّاً كان اختيارك . كما يوجد أيضاً عبارات مرجعيّة بالتبادل :
الجملة التالية صحيحة
الجملة السابقة خاطئة
إنـّـه حقل ألغام منطقي .
إنّ المرجعيّة الذاتية هي حقل دراسة مهمّ لعلماء المنطق ، إلا أنّ السؤال المهمّ بالفعل هو : هل يمكن استخدام المرجعيّة الذاتيّة لجلب تشويش أكثر للمتاهات ؟ يسعدني أن أبيّن أنّ الجواب هو ( نعم ) .
أبيّن في الأسفل متاهة أبوت . ليس فقط نصّ ذو مرجعيّة ذاتية ، و إنّما تتغيّر قواعد المتهاة وفقاً لطريقة انتقالك . و لكي تدخل في المتاهة فإنّك تحتاج كلتا يديك ، كما أنّ من المناسب أن تمسك قلماً أو أي مؤشّر آخر في كلّ يد لتذكّرك أين كنت ، و لكي تبدأ ضع أحد القلمين على الصندوق 1 و القلم الآخر على الصندوق 7 ، مع ملاحظة أنّ الترقيم ليس متسلسلاً و هذا الأمر مدروس ، و هدفك هو عمل سلسلة من الحركات بحيث ينتهي أحد القلمين على الأقلّ إلى أحد الصناديق الذي كتب عليه الهدف .
و من أجل أن تجري نقلة اختر أحد القلمين و اتبع التعليمات في الصندوق الذي يشير إليه هذا القلم . ذلك يعني أنه لا حاجة إلى عمل اختيارات أخرى ، ما عدا تلك التعليمات التي تتبعها في الصندوق 55 .
لنفترض مثلاً أنّ اختيارك الأوّل هو القلم المؤشّر على الصندق 7 . إنّ جواب سؤال الصندوق " هل القلم الآخر في صندوق رقمه عدد فردي ؟ " هو " نعم " وضوحاً . و هكذا عليك أن تنقل القلم في الصندوق 7 على طول الطريق الذي متب عليه " نعم " و الذي يقود إلى الصندوق رقم 26 .
و لنفرض أنّك اخترت القلم الموجود على الصندوق 26 ، سيكون السؤال " لو أنّك اخترت القلم الآخر فهل ستخرج من الطريق المشار إليه بـ لا ؟ " ، و لنوجد الجواب .. القلم الآخر كان و لا يزال على الصندوق 1 . لو كنت قد اخترته سيكون السؤال " هل يشير القلم الآخر إلى صندوق كتب نصّه بالأحمر أو بالأخضر ؟ " و لدينا الصندوق 26 نصّه بالأحمر إذاً الجواب سيكون نعم و هكذا يخرج القلم من الطريق المشار إليه بنعم و يعني كلّ هذا أنّ جواب السؤال في الصندوق 26 هو " لا " و هكذا فإنّ القلم يتحرّك على طول الطريق المشار إليه بـ " لا " و ينتهي في الصندوق 55 .. و هكذا .. عليك الانتقال بين الصناديق ...
إنّ معظم الصناديق تسأل أسئلة ، و يتعلّق طريق الخروج بالجواب إلا بعض الصناديق تعمل بصورة مختلفة ، فالصندوق 61 يخبرك بتحريك كلا القلمين ، و لا تتمّ النقلة حتى تفعل ذلك . أمّا الصندوق 55 فله مخرج مشار إليه بـ LUGNUT بدلاً من " لا " المألوفة و هناك فرق يتضح لو كان قلمك الآخر يشير إلى الصندوق 26 .
إنّ من الصناديق المتطرّفة حقيقة هما 60 و 65 . حيث يغيّر الصندوق 60 القاعدة للخروج من صندوق كتب نصّه بالأحمر ، لتحلّ محلّها القاعدة " فقط اخرج من الطريق المشار إليه بنعم " التي سنسمّيها القاعدة 60 . إذاً من الممكن أن يكون لديك قلم يشير إلى الصندوق 60 و الآخر يشير إلى 65 . إنّ كلاً من الصندوقين يطلب إليك فعليّاً أن تهمل الصندوق الآخر . إلا أنّ ذلك لا يولّد مسائل المرجعيّة الذاتيّة ، لأنّ عليك أن تختار أحدهما لتتبعه ، إذ لا يمكن تنفيذ الأمرين معاً .
تبدو بعض التعليمات غامضة ، فمثلاً يسأل الصندوق 5 إذا كان القلم الآخر يشير إلى صندوق يحوي نصّه كلمة أخضر أو أحمر . فلو كان القلم الآخر يشير إلى الصندوق 1 فإنّ من الواضح أنّ الجواب هو نعم ، لكن لو كان الالقلم في الصندوق 5 ، الذي يستشهد بالكلمتين الأخضر و الأحمر ؟ إنّ تفسير أبوت لذلك انّ هذا الاقتباس لا يدخل في حسابنا فالجواب هو نعم ، هناك أيضاً الصندوق رقم 50 الذي يسأل إذا كان الصندوق الآخر يشير إلى نصّ يشير إلى البقرات ، على أي حال فإنّ البقرات لم تظهر في أي صندوق آخر . و بالطبع يمكن أن يشير كلا القلمين إلى الصندوق 50 ، حيث تخرج في هذه الحالة إلى الهدف ، مالم تبرهن على أنّ الصندوق 50 لا يشير إلى البقرات بحدّ ذاته . إذاً تجنّب التشويش الفلسفي من هذا النوع و إلا فإنّك لن تحلّ المتاهة أبداً .
لعلّك الآن قد توصّلت إلى النتيجة التي مفادها بأنّنا لن نستطيع الوصول إلى الهدف ما لم يكن القلمان معاً في الصندوق 50 ، و هناك حالة أخرى تستطيع الوصول بها إلى الهدف دون أن يكون القلمان معاً في الصندوق 50 و هي أن يكون أحدهما فقط و القاعدة رقم 60 سارية المفعول عند ذلك تستطيع إهمال النصّ في الصندوق 50 و الخروج من الطريق المشار إليه بنعم إلى الهدف ، و لحسن الحظ يوجد طريقة ثالثة و لأدع إيجادها لكم و لا أعتقد أنّ هناك طريقة رابعة .
إنّ الحالة المشؤومة التي يمكن أن تقع هي أن يكون القلمان معاً في الصندوق 26 فلا يوجد عندئذ طريقة واضحة للإجابة ، لكن براعة أبوت في سبك متاهته قد حلّت هذه المشكلة فلا يمكن أن يصل القلمان معاً إلى هذه الحال إلا عندما تكون القاعدة 60 سارية المفعول ، و هنا يهمل النص المكتوب في الصندوق 60 ، أيضاً يتحقّق هذا الشيء بالنسبة للصندوق 61 .
و هنا أظنّ أنـّـنا أدركنا أهميّة القاعدة 60 حيث علينا الانتباه إلى تفعيلها أو إلغاء تفعيلها حتّى نصل إلى الهدف .
الآن لتحلّ هذه المتاهة لديك غريزتك و الاستراتجيات المشار إليها أعلاه إضافة لأنك يجب أن تتحلى بالكثير من الصبر و أنصحك بتسجيل الخطوات التي تنفذها و كذلك أذكر بأنّ الحلّ من الصعوبة بحيث لن تصل له من أول محاولة و قد وقعت في الكثير من الدوامات و الحلقات المفرغة قبل أن أصل للهدف .