استئناس النبات والزراعة
هذا معين اقتصادي انتاجي اخر ينتفع به الانسان ويلبي انتاج هذا المعين حجما هائلا من حاجاته الاساسية والكمالية على حد سواء وكان ضروريا ان يسعى الانسان في كل مجال من المجالات التى يستجيب فيها أى معين اقتصادي بقسط من انتاج للغذاء وذلك شأن حيوي يشترك فيه كل كائن حى يجاوب حاجة الحياة فيكون البحث والجهد والاداء حيثما يكون العطاء ويتأتى الحصول على الغذاء .
ومع ذلك فان بحث الانسان عن الغذاء وعن عناصر حاجاته الاخرى كان منطلقا من واقع وتطلع هادف يتناسق مع قدراته ومنطق حياته الاجتماعية و الحضارية أو من تطلع هادف يستند الى منطق التفوق العقلي والقدرة على الخلق والابتكار والاضافة. ومن ثم لم يتوفق الانسان عن حد معين في مجال التعامل مع الارض طلبا للانتفاع بها بل قل انه لم يكف عن كل ما من شأنه ان يتخذ من منطق الملاحظ والمحاكاة سبيلا لا يستخدام الارض في الزراعة .
و لئن كان استئناس النبات والكشف عن امكانية الانتفاع بالارض ومحاكاة النمو الطبيعي بالطريقة التي تكفل انتاجا لمحاصيل منتخبة تلبي الحاجة فانه ليس سهلا ان نتبين وقتا معينا ولا مكانا محددا لكي نتصور النشأة المبكرة للزراعة والانتفاع بالثروة الزراعية. ومع ذلك فلابد ان الامر قد تطلب وقتا طويلا شهد التجربة وهى تجني ثمرات الصواب والخطأ وكانت الملاحظة تنمي خبرات الانسان بالنمو الطبيعي فيما بين ظهور الغرس او نبتة الوليدة واكتمال النمو والنضج ثم الذبول والجفاف كما كانت هذه الملاحظة تنمي خبراته بالعلاقات بين هذه المراحل جميعها رتيبة منتظمة مرة وظروف طبيعية منتظمة معينة مرة أخرى وهى تؤثر في هذا النمو .
ويغلب على الظن لدى معظم الباحثين ان المراة قد اتيحت لها فرصة هذه الملاحظة ونمو الخبرات وتسجيل العلاقات عندما كانت تترقب في صبر ودون ملل عودة الرجل من رحلة صيده . وبيدو ان العصر الحجري الحديث قد شهد ذلك الحدث الضخم و التحول الخطير في حياة الانسان وثمة اتفاق يجمع فيه الباحثون على ان استئناس النبات وانتفاع الانسان بالزراعة في موقع او في مواقع مناسبة قد تأتي في نفس الوقت الذي تعرف فيه الانسان على استئناس الحيوان والانتفاع بالحيون في مواقع مناسبة أخرى.
وهذا معناه ان التحول الاقتصلدي الانتاجي قد تأتي الى الزراعة والانتاج الزراعي في بيئات ومساحات من الارض كما تأتي الى الرعى واقتناء القطعان في بيئات ومساحات اخرى من الارض ومعناه أيضا ان الانتفاع بالحيوان من خلال الرعى والانتفاع بالنبات من خلال الزراعة كانا يحققان نموا متوازيا ومتزامنا من وجهتى النظر الحضارية والاقتصادية. وكان النمو المتوازي و المتزامن يمثل انفتاحا وانتفاعا بنوعين من الثروة هما الثروة الحيوانية والثروة الزراعية وحتى لو افتقدنا التوازن بين جدوى او قيمة كل منهما اقتصاديا وحضاريا .
ويتفق فريق من الباحثين على ان ارض مصر على ضفاف النيل قد شهدت الصورة المبكرة لا ستئناس النبات ونشأة الزراعة ويشير البعض الاخر الى انه ليس من المستعبد ان يكون استئناس النبات والتحول الى الزراعة قد تأتي في بيئات متنوعة ومساحات متباعدة وانه ليس ثمة ما يمنع ان تكون نشأتها المبكرة في الصين والعراق وغيرهما وليس من الواقع في شىء ان نتمسك بوطن أصلىللزراعة وان نتصور هذه النشأة المبكرة في اطار من وحدة الزمان والمكان . وليس غريبا ان يكتشف الانسان في بيئة او اقليم ما يمكن ان يكتشفه في بيئة او اقليم أخر .
ومهما يكن من امر فان الزراعة كأسلوب انتفاع بالارض قد اسهمت وتسهم بحق في نمو وتطور الحضارة المادية . ويكون التطور والنمو _ في حد ذاته من قبيل الاستجابة بالفعل لواقع مادي يرتكز الى الزراعة والقيمة الفعلية للانتاج الزراعي وتدعو الزراعة الانسان الى الاستقرار بالضرورة لكي يتابع العمل وأداء العمليات الزراعية ولكي يرقب النمو ويحيطه بقسط من عناية وصيانة ومحافظة .
والزراعة والانتفاع بالانتاج الزراعي ليست من بعد ذلك كله على حال واحد في كل المساحات او في كل البيئات والاقليم ولا تكاد تعبر الصورة في بيئة او اقليم عن الزراعة بمثل ما تعبر تفاصيلها عن الزراعة في البيءات الاخرى .وتكون الزراعة في اقليم ومساحات اولية متأخرة من حيث الفن الانتاجى والاسلوب ومن حيث القيمة الاقتصادية وتكون الزراعية في اقاليم ومساحات اخرى متقدمة راقية من حيث اعداد الارض وتجهيزها وآداء العمليات الزراعية ومن حيث حجم الانتاج وتنوع المحاصيل وزيادة في قيمتها الفعلية وهذا معناه ان ثمة فروقات كثيرة بين انماط الزراعة واساليبها طلبا للانتفاع بالانتاج الزراعي ويمكن القول ان هذه الفروقات ترجع في جماتها الى امرين هما :
أ) العوامل الطبيعية وما يقترن بها من تأثير .يتمثل في ضوابط الانتاج وما يأتى من او ما يتبنى عليها من تحديات.
2) العوامل البشرية وما يقترن بها من تأثير يتمثل في فاعلية وجدوى الوسيلة الحضارية ومبلغ استيعاب الناس اسباب التقدم مرة ويتمثل في حجم السكان وتوزيعهم وكثافتهم مرة اخرى.
تصنيف الزراعة :
يمثل تصنيف الزراعة على اساس المستوى الحضاري وما عليه من فروقات التصنيف الافضل ذلك انه التصنيف الذي يكفل التمييز بين الانواع من خلال تسجيل التباين و الفروقات التي تتصل بالبعد البشري وفاعليته وهو المسئول عن الاداء تأثيرا و تأثيرا. وهذا معناه ان الاختلاف في المستويات الحضارية يكون بالضرورة في حالة الاقدام على الزراعة مدعاة لاختلاف في القدرة والجهد مرة ولاختلاف في نمط الاداء واسلوب العمل بقصد الانتفاع مرة اخرى .
ومن ثم تنقسم الزراعة في جماتها على صعيد العالم الى نوعين اساسيين هما : الزراعة الاولية و الزراعة الراقية .
أولا ـ الزراعة الاولية
وهي الزراعة التي يتسم بالبدائية في الاداء من وجهة النظر العلمية وتقترن بالتأخر من وجهة النظر الحظاربة وبالتخلف من وجهة النظر الاقتصادية.وتتمثل في الغالب في بيئات ومساحات في الاقليم المداري في كل من افريقية وامريكا اللاتينية وفي بعض الجزر المتناثرة في قلب المحيط الهادى.وكأنها تنتشر في مساحات من الارض تبدو متناثرة فيما بين ارض الافانا وارض الغابات المدارية .
وتعتمد هذه الارض على المطر المباشر وبعض الالات البسيطة . وليس اهم من الفأس بين الادوات التي تستخدم في تجهيز الارض وأداء بعض العمليات الزراعية.ومع ذلك فان بعض الجماعات الاكثر تخلفا لاتعرف الفأس وتستخدم اعواد خشبية لآداء العمليات الزراعية البسيطة والمنجل الخشبي لقطع الحشائش او الحصاد.
وهذا معناه ان هناك زراعة اولية تستخدم فيها الفأس وزراعة اولية لا تستخدم فيها الفأس وتكون جملة الفروقات فيما بينهما مبنية على تباين المستوى الحضاري او البعد البشري وفاعليته وقدراته واساليب تعامله مع الارض النزرعة واداء العمل الزراعي لحساب الانتاج فيها.
وعندما تمارس جماعة من الجماعات الزراعة ااولية لا تعرف ولا تستطيع ان تعرف او ان تقدر القيمة الفعلية للارض وعلاقة هذه القيمة بالغذاء الذي يحصل عليه النبات .ولذلك نجدهم لا يعرفون مهنى او موجبات التسميد او استخدام المخصبات التى تحسن القيمة الغذائية في التربة ولا يتبعون دورة زراعية تنظم الانتاج وتكفل التقاط الانفاس وفترات الراحة التي تستعيد فيها التربة قدرا من قيمتها الفعلية وخصوبتها .
وقد يفسر الانسان وهو يمارس الزراعة الاولية النقصان والتدهور بأى تفسير يقتنع به .كأن يتصور الامر مترتبا على غضب من الالة او مترتبا على سوء فعل بعض الارواح الشريرة. ولكنه لايصل اطلاقا الى مستوى يفهم به معنى التركيب الكيماوى للتربة وما يمكن ان يترتب على نقصان عنصر من العناصر التى تتكون منها وتؤثر على خصوبتها .
وهو اذ ينتقل من المساحة التى يتدهور فيها الانتاج يحل المشكلة في المساحة الجديدة التى تكون اكثر خصوبة وقدرة على الانتاج.ولذلك يطلق البعض اسم الزراعة المتنقلة على هذا النمط.وربماتعود الانسان على مدى كل عدد من السنوات ان ينتقل الى مساحة جديدة يجهزها ويعدها ويزرعها ويستقر الى جوارها. ومن ثم لم تكن ملكية الارض ذات اهمية كبيرة في الزراعة المتنقلة ولم يكن المزارع يتشبث بها الا اذا كانت الارض غنية في تركيبها وسخية في عطائها . لئن تخلى عنها فترة وانتقل الى غيرها فقد يلتزم بأن يعود اليها مرة أخرى.
ويلجأ الانسان عندما ينتقل من مساحة كان قد تعود على الزراعة فيها الى مساحة جديدة الى التخلص من النبات الطبيعي لكي يستخلص الارض ويخيلها من الاعشاب و الحشائش او من الاشجار والشجيرات ويجد في الحريق سبيلا يمكنه من اخلاء المساحة والتخلص من النمو النباتي الطبيعي فيها . وربما كان ذلك مدعاة لأن يعرف نمط اخر من هذه الزراعة الاولية باسم زراعة الحريق . ذلك ان الانسان قد يضطر لتكرار عملية الحريق من وقت الى اخر لوقف النمو النباتي الطبيعي واتاحة الفرصة لنمو النباتات المزروعة ويتسبب هذا الحريق في اضافة الرماد المتخلف فتزداد الارض ثراء بالمواد العضوية وتعطي غلة طيبة.
وعندما يزرع الانسان في بيئات ومساحات من السافانا و التي يكون فيها المطر فصليا بحيث ينقطع في فصل معين ويناسب غزيرا في فصل اخر فانه يهتم بانتاج الحبوب وخاصة الذرة ويكون ذلك سببا مباشرا دعا هذا فانه الانسان للاهتمام بالتخزين المؤقت والمحافظة على الغلات لسد الاحتياجات طوال العام . وعلىاية حال فليست كل الجماعات تمارس الزراعة تعيش في مستوى حضاري واحد او في مستوى اجتماعي واحد أو في مستوى اقتصادي واحد وتبدو المهارات في الزراعة التي نلاحظها عند سكان البيئات الافريقية وبعض جزر المحيط الهادي لا نظير لها عند سكان بعض البيئات المناظرة في امريكا في اللاتنية في قلب حوض الامزون.
ويمكن القول ان اي جهد يستهدف تطوير الزراعة يجب ان يوجه نحو الناس لرفع مستواهم وزيادة قدرتهم على استيعاب التطور الاقتصادي واساليبه والمعروف ان أدااء الانسان في مثل هذه الحالة يعبر عن العجز حقيقى في مواجهة التحديات او في مواجهة المشكلات التىى تعرض الانتاج الزراعي للخطر وعدم قدرة الانسان على فرض مشيئة واقحام خبراته على اسلوب الانتاج وتنمية يتطلب رفع مستوى الانسان الحضاري نفسه اكثر من اي شىء اخر .
الزراعة الراقية
اذا كان ثمة ما يميز الزراعة الراقية فهو ان الانسان قد ادخلها في طور متقدم من حيث الاساليب والوسائل الحضارية ومن فرض المشيئة على الانتاج الزراعي كما وكمياوما من شك في ان ذلك كله كان مترتبا على ارتفاع المستوى الحضاري للانسان وتنمية وقدرته على ان يقحم نفسه على المشكلات ويحتال حتى يجد لها حلا مناسبا وواقعيا . وقد بني التطور كله في المكان والزمان على عدد من الامور هي:
1- استخدام المحراث وتوظيف مجموعة اخرى من الالات والاجهزة التى يستطيع المزارع الاعتماد عليها .
2- استعمال الاسمدة واضافة المخصبات التي تساعد التربة والمساحات المنزرعة على المحافظة على حصوبتها وقدرتها على مد النبات والمزروعات بالغذاء الضروري .
3- متابعة الزراعة وفق نظام عرف باسم الدورة الزراعية والمفهوم ان هذه الدورة تكفل زراعة مساحة الارض بنظام يضمن الا يتكرر زراعة محصول معين في القطعة الواحدة اكثر من مرة في كل عدد معين من السنوات
4- الاعتماد على الخبرة العلمية .
وهذا معناه ان الزراعة الراقية ومحصلة انتاجها الزراعي الجيد والمتنوع هى التي تكفل نتيجتين هما :
أولا: مزيد من الاستقرار والنمو والارتقاء بالحضارة المادية وترسيخ قواعد المدينة.
ثانيا: مزيد من الانتاج الذي يفيض عن الحاجة ويدعو الى نمو التبادل الاقتصادي وحركة التجارة الدولية.
وتنقسم هذه الزراعة الراقية التي افاضت واضافات انتاجية زراعية متنوعة الى عدة انماط متباينة. ويمكن ان كل نمط من تلك الانماط لكي نتبين الخصائص والصفات التي تجعله متميزا عن غيره وهذه الانماط الزراعية الانتجيةهي :
1- الزراعة الكثيفة :
يرتبط هذا النمط من انماط الزراعة الراقية بالمناطق او البيئات المزدحمة بالسكان والتي شهدت قبل غيرها مراحل التطور المبكرة للحضارة البشرية منذ وقت بعيد والاكتظاظ بالسكان هو الذي يدعو الى تأكيد وجود هذا النمط ويدعو اليه ذلك ان وفرة الايدي العاملة تعطي الفرصة لأن ينهض الناس بعمليات الزراعة دون حاجة لاستخدام الالات.
وما من شك ان اليد البشرية التى تعمل في الزراعة لها قدرة في حسن الاداء تتفوق بها على ىداء الالة لنفس العمل.بل قد تعجز الالة عما يمكن ان تؤديه الايدي العاملة من عمليات تتطلبها محاصيل معينة ويدعواكتظاظ السكان ايضا الى الاستفادة الى اقصى درجة ممكنة من كل ارض قابلة للزراعة لسد الاحتياجات. كما يدعو الىة الاستفادة ايضا من المساحةالمنزرعة الى اقصى درجة ممكنة .
وهكذا تتطلب الزراعة الكثيفة من الانسان جهدا عظيما وقدرة فائقة على استيعاب الظروف ومواجهة المشكلات وتطبيق الحل الامثل لها وقد يكون الجهد الاعظم هو ال1لذي يصرفه الانسان في مجال الحصول على الماء واستخدامه بطريقة أوبأخرى لرى المساحات المنزرعة . ويحتاج الانسان في مثل هذه الحالة لأن يتحلى بالصبر والمثابرة وان يستغل مهاراته في هذا المجال.ذلك أنه قد يضطر الى فرض مشيئتة على نهر وترويض الجريان فيه وتهذيب مجراه وتسوية الايراد المائي من الموسم الى الموسم او من سنوات الزيادة الى سنوات الشح .كما انه يلجأ الى مهاراته في تشغيل وسائل وادوات رفع الماء وتمكينها من ان تصل الى الارض المنزرعة بالكم الامثل وفي الوقت المناسب .
وتتمثل الزراعة الزراعة الكثيفة في الاقطار الموسمية في اسيا وفي جزيرة جاوه وفي وادي النيل في مصر وفي بعض المساحات منى اوروبا وشرق امريكا الانجلوسكسونيةوفي هضاب امريكا الوسطى والمكلايك ومساحات محدودةمن القارات جنوب خط الاستواء . ويمكن القول ان هذه الزراعة الكثيفة اصيلة عتيقة في بعض من هذه المساحات والبئات وترجع الى بضعة آلاف من السنين هذا وكان انتشارها وتوسعها الافقي في بعض المساحات الاخرى في وقت متأخر وتحت الحاح ظروف فرضت هذا النمط الانتاجي الزراعي الاقتصادي.
ويرى بعض الباحثين وضع نمطين من الزراعةهما : الزراعة العلمية و الزراعة المخطلة ضمن الاطار الفضفاض للزراعة الكثيفة. وربما كانت هناك دائرة كبيرة تستطيع ان تجمع بين الزراعة الكثيفة وبين الزراعة العلمية والزراعة المختلطة ولكن هناك اختلافات عميقة بين كلنمط من هذه الانماط الثلاثة تدعونا الى ان نميزوان ندرس كل نمط منها على انفراد وتتعلق الاختلافات العميقة بالاسلوب بقدر ما تتعلق بالانتاج وقيمه الفعلية بالنسبة لكل نمط من تلك الانماط.
وهذا معناه ان الانسان يمارس الزراعة الراقية في كل نمط ولكنهمع ذلك يتبع الاسلوب ويمارس الاداء ويستهدف النتائج ويحقق الانتاج الذي يتفق مع خصائص ومميزات تميز كل نمط منهما ويقضي الواقع الذي يستهدف ايضاح اهمية البعد البشري الفاعل وعلاقته بالتفوقفي كل منها بدراسة خاصة عن نمط منهما فيمابعد .
2- الزراعة الواسعة:
وهذا نمط اخر من انماط الزراعة الراقية التي يتسنى
لنا ان نجده في مساحات وبيئات في المناطق التي تتميز بصفتين هما : أنها حديثة العهد بلاستغلال
الاقتصادي الذي باشرة الاستيطان الاوروبي في العالم الجديد وانها تشكو النقص في قوة العمل وتعاني من التخلخل السكاني وقد نشير الى ان المساحات في تلك البيئات كانت تستغل او تستخدم ولكن اهلها كانوا يعيشون على الجمع او على الصيد او على الرعي واقتناء الحيوانات .
وما من شك في أن التقدم في الصناعة وابتكار الالات قد قدم المعونة الفاعلة لذلك قد نجد العمل أو الانجاز في الزراعة الواسعة يعتمد اعتماد كليا على الالة في اداء معظم العمليات الزراعية المختلفة وأتاحت هذه الالات للانسان أن يجهز ويزرع الاف الافدنة بأقل عدد ممكن من الايدي العاملة.
الزراعة العلمية:
تعبر عن نمط خاص انتاجي لجأ اليه الانسان وهو يمارس الزراعة في البيئات المدارية بصفة عامة ويمكن القول أنه اعتمد على النشاط الاوروبي الاستثماري الجاد وما من شك في أن هذا النمط الزراعي العلمي المتخصص قد ارتبط بصورة من صور الاستعمار الذي فرض نفسه على مساحات كبيرة من افريقيا واسيا وامريكا الاتينية وهدف الاستعمار في تلك الصورة كان يتجه صوب دعم الاستثمار في خدمة الاستغلال الاقتصادي للموارد المتاحة في المستعمرات.
مع ذلك فان الحصول على المواد الخام من أشجار الغابات الكثيفة كان يكلفهم كثيرا والمفهوم ان الاشجار في الغابة لا يخضع نموها او انتشارها الى نظام معين بل قد لا تتكر الشجرة المعينة الا على مسافات طويلة ومن هنا لجأ الانسان الى قطع الغابات وتطهير الارض من اجل فرض مشيئته العلميه والاهتمام بزراعة شجرة معينة على اوسع مدى في ربوع هذه الارض وقد دخل الانسان هذه التجربة في مساحات كبيرة وحقق نجاحا في الحصول على مواد خام متنوعة ونجد هذه المزارع في البرازيل وفي بعض الول الافريقية في غرب افريقيا وفي الملايو وبعض جزر اندونيسيا.
ولعل اروع نموذج هو الذي يتمثل في المزارع العلمية لانتاج المطاط وقد اسهمت فيه رؤوس الاموال الامريكية في ليبيريا.
كما اصبحت المزارع العلمية التي انتشرت على مدى واسع التعبير الحي لما يمكن ان يصل اليه الانسان من حيث فرض المشيئة والتحكم في كم الانتاج الزراعي وكيفيته.
الزراعة المختلطة:
وهو النمط المتطور الذي يضع الخبرات التي الم بها في مجال الزراعة والانتاج الزراعي في خدمة الخبرات التي الم بها في مجال اقتناء الحيوانات وهو اقدام على تكليف الزراعة تكليفا تتبنى بموجبه مهمة تربية الحيوان وتحسين الانتاج الحيواني وتصبح الزراعة عندئذ في خدمة الحيوان والانتاج الحيواني.
وقدنجد النموذج في دول اوروبية كهولندة والدانمارك
وسويسرا وفرنسا وغيرها.
وهكذا يعبر كل نمط من انماط الزراعة عن مفهوم التنمية الحضارية والارتقاء واثرهما على الانتاج.اما تنوع الانماط والتباين بين الزراعات الكثيفة والواسعة والعلمية والمختلطة فهو من قبيل الاستجابة لحجم السكان في البيئات والاقاليم وللخبرة العلمية التي استطاع الانسان ان يجعل منها وسيلة حضارية مناسبة لتنمية الانتاج أو تحسينه.
ويستهدف الانسان في كل نمط انتاج لا لسد الحاجة او الكفاية فقط بل يستهدف الى الانتاج الذي يتيح له فرص الاشتراك في التجارة الولية لذلك كان التركيز دائما على زيادة حجم الانتاج اما بالتوسع الرأسي واما بالتوسع الافقي
مساحات الارض المنزرعة:
تبلغ مساحات الارض كلها حوالي33,381 مليون فدان على الصعيد العالمي هي ليست كلها اراض صالحة للزراعة وهناك مساحات قابلة للزراعة وتزرع بالفعل وهناك مساحات قابلة للزراعة ولا يقدم الانسان على زراعتها لسبب او لاخر وهناك مساحات منزرعة ولكنها تتعرض بموجب عجز الانسان عن مواجهة اسباب التصحر لانعدام الزراعة فيها وهناك مساحات يتعين استبعادها تماما في ضوء تأثير الضوابط الطبيعية.
ويعتقد أن مساحة الارض القابلة للزراعة لا تكاد تتجاوز حوالي 9% من مساحة الارض كلها أو مايعادلها حوالي 3000 مليون فدان من جملة مساحة اليابس ويبين الجدول التالي توزيع هذه المساحات على القارات ومقدار مايستخدم منها في زراعة المحاصيل الزراعية بملايين الافدنة:
القارة المساحة الكلية المساحة النسبة
المنزرعة المئوية
آسيا 6623 855 28.2
أفريقية 7517 462 15.2
الاتحاد السوفيتي 5503 556 18.3
أمريكا 4671 545 18.0
أمريكا اللاتينية 5724 209 6.9
أوروبا 1218 263 11.9
الاقيانوسية 2115 947 1.5
الجموع الكلي 33.381 3039 100
المصادر والمراجع :
المــــــــــــــوارد الاقتصادية.
جغرافيا العالم .
منقول من موقع
هذا معين اقتصادي انتاجي اخر ينتفع به الانسان ويلبي انتاج هذا المعين حجما هائلا من حاجاته الاساسية والكمالية على حد سواء وكان ضروريا ان يسعى الانسان في كل مجال من المجالات التى يستجيب فيها أى معين اقتصادي بقسط من انتاج للغذاء وذلك شأن حيوي يشترك فيه كل كائن حى يجاوب حاجة الحياة فيكون البحث والجهد والاداء حيثما يكون العطاء ويتأتى الحصول على الغذاء .
ومع ذلك فان بحث الانسان عن الغذاء وعن عناصر حاجاته الاخرى كان منطلقا من واقع وتطلع هادف يتناسق مع قدراته ومنطق حياته الاجتماعية و الحضارية أو من تطلع هادف يستند الى منطق التفوق العقلي والقدرة على الخلق والابتكار والاضافة. ومن ثم لم يتوفق الانسان عن حد معين في مجال التعامل مع الارض طلبا للانتفاع بها بل قل انه لم يكف عن كل ما من شأنه ان يتخذ من منطق الملاحظ والمحاكاة سبيلا لا يستخدام الارض في الزراعة .
و لئن كان استئناس النبات والكشف عن امكانية الانتفاع بالارض ومحاكاة النمو الطبيعي بالطريقة التي تكفل انتاجا لمحاصيل منتخبة تلبي الحاجة فانه ليس سهلا ان نتبين وقتا معينا ولا مكانا محددا لكي نتصور النشأة المبكرة للزراعة والانتفاع بالثروة الزراعية. ومع ذلك فلابد ان الامر قد تطلب وقتا طويلا شهد التجربة وهى تجني ثمرات الصواب والخطأ وكانت الملاحظة تنمي خبرات الانسان بالنمو الطبيعي فيما بين ظهور الغرس او نبتة الوليدة واكتمال النمو والنضج ثم الذبول والجفاف كما كانت هذه الملاحظة تنمي خبراته بالعلاقات بين هذه المراحل جميعها رتيبة منتظمة مرة وظروف طبيعية منتظمة معينة مرة أخرى وهى تؤثر في هذا النمو .
ويغلب على الظن لدى معظم الباحثين ان المراة قد اتيحت لها فرصة هذه الملاحظة ونمو الخبرات وتسجيل العلاقات عندما كانت تترقب في صبر ودون ملل عودة الرجل من رحلة صيده . وبيدو ان العصر الحجري الحديث قد شهد ذلك الحدث الضخم و التحول الخطير في حياة الانسان وثمة اتفاق يجمع فيه الباحثون على ان استئناس النبات وانتفاع الانسان بالزراعة في موقع او في مواقع مناسبة قد تأتي في نفس الوقت الذي تعرف فيه الانسان على استئناس الحيوان والانتفاع بالحيون في مواقع مناسبة أخرى.
وهذا معناه ان التحول الاقتصلدي الانتاجي قد تأتي الى الزراعة والانتاج الزراعي في بيئات ومساحات من الارض كما تأتي الى الرعى واقتناء القطعان في بيئات ومساحات اخرى من الارض ومعناه أيضا ان الانتفاع بالحيوان من خلال الرعى والانتفاع بالنبات من خلال الزراعة كانا يحققان نموا متوازيا ومتزامنا من وجهتى النظر الحضارية والاقتصادية. وكان النمو المتوازي و المتزامن يمثل انفتاحا وانتفاعا بنوعين من الثروة هما الثروة الحيوانية والثروة الزراعية وحتى لو افتقدنا التوازن بين جدوى او قيمة كل منهما اقتصاديا وحضاريا .
ويتفق فريق من الباحثين على ان ارض مصر على ضفاف النيل قد شهدت الصورة المبكرة لا ستئناس النبات ونشأة الزراعة ويشير البعض الاخر الى انه ليس من المستعبد ان يكون استئناس النبات والتحول الى الزراعة قد تأتي في بيئات متنوعة ومساحات متباعدة وانه ليس ثمة ما يمنع ان تكون نشأتها المبكرة في الصين والعراق وغيرهما وليس من الواقع في شىء ان نتمسك بوطن أصلىللزراعة وان نتصور هذه النشأة المبكرة في اطار من وحدة الزمان والمكان . وليس غريبا ان يكتشف الانسان في بيئة او اقليم ما يمكن ان يكتشفه في بيئة او اقليم أخر .
ومهما يكن من امر فان الزراعة كأسلوب انتفاع بالارض قد اسهمت وتسهم بحق في نمو وتطور الحضارة المادية . ويكون التطور والنمو _ في حد ذاته من قبيل الاستجابة بالفعل لواقع مادي يرتكز الى الزراعة والقيمة الفعلية للانتاج الزراعي وتدعو الزراعة الانسان الى الاستقرار بالضرورة لكي يتابع العمل وأداء العمليات الزراعية ولكي يرقب النمو ويحيطه بقسط من عناية وصيانة ومحافظة .
والزراعة والانتفاع بالانتاج الزراعي ليست من بعد ذلك كله على حال واحد في كل المساحات او في كل البيئات والاقليم ولا تكاد تعبر الصورة في بيئة او اقليم عن الزراعة بمثل ما تعبر تفاصيلها عن الزراعة في البيءات الاخرى .وتكون الزراعة في اقليم ومساحات اولية متأخرة من حيث الفن الانتاجى والاسلوب ومن حيث القيمة الاقتصادية وتكون الزراعية في اقاليم ومساحات اخرى متقدمة راقية من حيث اعداد الارض وتجهيزها وآداء العمليات الزراعية ومن حيث حجم الانتاج وتنوع المحاصيل وزيادة في قيمتها الفعلية وهذا معناه ان ثمة فروقات كثيرة بين انماط الزراعة واساليبها طلبا للانتفاع بالانتاج الزراعي ويمكن القول ان هذه الفروقات ترجع في جماتها الى امرين هما :
أ) العوامل الطبيعية وما يقترن بها من تأثير .يتمثل في ضوابط الانتاج وما يأتى من او ما يتبنى عليها من تحديات.
2) العوامل البشرية وما يقترن بها من تأثير يتمثل في فاعلية وجدوى الوسيلة الحضارية ومبلغ استيعاب الناس اسباب التقدم مرة ويتمثل في حجم السكان وتوزيعهم وكثافتهم مرة اخرى.
تصنيف الزراعة :
يمثل تصنيف الزراعة على اساس المستوى الحضاري وما عليه من فروقات التصنيف الافضل ذلك انه التصنيف الذي يكفل التمييز بين الانواع من خلال تسجيل التباين و الفروقات التي تتصل بالبعد البشري وفاعليته وهو المسئول عن الاداء تأثيرا و تأثيرا. وهذا معناه ان الاختلاف في المستويات الحضارية يكون بالضرورة في حالة الاقدام على الزراعة مدعاة لاختلاف في القدرة والجهد مرة ولاختلاف في نمط الاداء واسلوب العمل بقصد الانتفاع مرة اخرى .
ومن ثم تنقسم الزراعة في جماتها على صعيد العالم الى نوعين اساسيين هما : الزراعة الاولية و الزراعة الراقية .
أولا ـ الزراعة الاولية
وهي الزراعة التي يتسم بالبدائية في الاداء من وجهة النظر العلمية وتقترن بالتأخر من وجهة النظر الحظاربة وبالتخلف من وجهة النظر الاقتصادية.وتتمثل في الغالب في بيئات ومساحات في الاقليم المداري في كل من افريقية وامريكا اللاتينية وفي بعض الجزر المتناثرة في قلب المحيط الهادى.وكأنها تنتشر في مساحات من الارض تبدو متناثرة فيما بين ارض الافانا وارض الغابات المدارية .
وتعتمد هذه الارض على المطر المباشر وبعض الالات البسيطة . وليس اهم من الفأس بين الادوات التي تستخدم في تجهيز الارض وأداء بعض العمليات الزراعية.ومع ذلك فان بعض الجماعات الاكثر تخلفا لاتعرف الفأس وتستخدم اعواد خشبية لآداء العمليات الزراعية البسيطة والمنجل الخشبي لقطع الحشائش او الحصاد.
وهذا معناه ان هناك زراعة اولية تستخدم فيها الفأس وزراعة اولية لا تستخدم فيها الفأس وتكون جملة الفروقات فيما بينهما مبنية على تباين المستوى الحضاري او البعد البشري وفاعليته وقدراته واساليب تعامله مع الارض النزرعة واداء العمل الزراعي لحساب الانتاج فيها.
وعندما تمارس جماعة من الجماعات الزراعة ااولية لا تعرف ولا تستطيع ان تعرف او ان تقدر القيمة الفعلية للارض وعلاقة هذه القيمة بالغذاء الذي يحصل عليه النبات .ولذلك نجدهم لا يعرفون مهنى او موجبات التسميد او استخدام المخصبات التى تحسن القيمة الغذائية في التربة ولا يتبعون دورة زراعية تنظم الانتاج وتكفل التقاط الانفاس وفترات الراحة التي تستعيد فيها التربة قدرا من قيمتها الفعلية وخصوبتها .
وقد يفسر الانسان وهو يمارس الزراعة الاولية النقصان والتدهور بأى تفسير يقتنع به .كأن يتصور الامر مترتبا على غضب من الالة او مترتبا على سوء فعل بعض الارواح الشريرة. ولكنه لايصل اطلاقا الى مستوى يفهم به معنى التركيب الكيماوى للتربة وما يمكن ان يترتب على نقصان عنصر من العناصر التى تتكون منها وتؤثر على خصوبتها .
وهو اذ ينتقل من المساحة التى يتدهور فيها الانتاج يحل المشكلة في المساحة الجديدة التى تكون اكثر خصوبة وقدرة على الانتاج.ولذلك يطلق البعض اسم الزراعة المتنقلة على هذا النمط.وربماتعود الانسان على مدى كل عدد من السنوات ان ينتقل الى مساحة جديدة يجهزها ويعدها ويزرعها ويستقر الى جوارها. ومن ثم لم تكن ملكية الارض ذات اهمية كبيرة في الزراعة المتنقلة ولم يكن المزارع يتشبث بها الا اذا كانت الارض غنية في تركيبها وسخية في عطائها . لئن تخلى عنها فترة وانتقل الى غيرها فقد يلتزم بأن يعود اليها مرة أخرى.
ويلجأ الانسان عندما ينتقل من مساحة كان قد تعود على الزراعة فيها الى مساحة جديدة الى التخلص من النبات الطبيعي لكي يستخلص الارض ويخيلها من الاعشاب و الحشائش او من الاشجار والشجيرات ويجد في الحريق سبيلا يمكنه من اخلاء المساحة والتخلص من النمو النباتي الطبيعي فيها . وربما كان ذلك مدعاة لأن يعرف نمط اخر من هذه الزراعة الاولية باسم زراعة الحريق . ذلك ان الانسان قد يضطر لتكرار عملية الحريق من وقت الى اخر لوقف النمو النباتي الطبيعي واتاحة الفرصة لنمو النباتات المزروعة ويتسبب هذا الحريق في اضافة الرماد المتخلف فتزداد الارض ثراء بالمواد العضوية وتعطي غلة طيبة.
وعندما يزرع الانسان في بيئات ومساحات من السافانا و التي يكون فيها المطر فصليا بحيث ينقطع في فصل معين ويناسب غزيرا في فصل اخر فانه يهتم بانتاج الحبوب وخاصة الذرة ويكون ذلك سببا مباشرا دعا هذا فانه الانسان للاهتمام بالتخزين المؤقت والمحافظة على الغلات لسد الاحتياجات طوال العام . وعلىاية حال فليست كل الجماعات تمارس الزراعة تعيش في مستوى حضاري واحد او في مستوى اجتماعي واحد أو في مستوى اقتصادي واحد وتبدو المهارات في الزراعة التي نلاحظها عند سكان البيئات الافريقية وبعض جزر المحيط الهادي لا نظير لها عند سكان بعض البيئات المناظرة في امريكا في اللاتنية في قلب حوض الامزون.
ويمكن القول ان اي جهد يستهدف تطوير الزراعة يجب ان يوجه نحو الناس لرفع مستواهم وزيادة قدرتهم على استيعاب التطور الاقتصادي واساليبه والمعروف ان أدااء الانسان في مثل هذه الحالة يعبر عن العجز حقيقى في مواجهة التحديات او في مواجهة المشكلات التىى تعرض الانتاج الزراعي للخطر وعدم قدرة الانسان على فرض مشيئة واقحام خبراته على اسلوب الانتاج وتنمية يتطلب رفع مستوى الانسان الحضاري نفسه اكثر من اي شىء اخر .
الزراعة الراقية
اذا كان ثمة ما يميز الزراعة الراقية فهو ان الانسان قد ادخلها في طور متقدم من حيث الاساليب والوسائل الحضارية ومن فرض المشيئة على الانتاج الزراعي كما وكمياوما من شك في ان ذلك كله كان مترتبا على ارتفاع المستوى الحضاري للانسان وتنمية وقدرته على ان يقحم نفسه على المشكلات ويحتال حتى يجد لها حلا مناسبا وواقعيا . وقد بني التطور كله في المكان والزمان على عدد من الامور هي:
1- استخدام المحراث وتوظيف مجموعة اخرى من الالات والاجهزة التى يستطيع المزارع الاعتماد عليها .
2- استعمال الاسمدة واضافة المخصبات التي تساعد التربة والمساحات المنزرعة على المحافظة على حصوبتها وقدرتها على مد النبات والمزروعات بالغذاء الضروري .
3- متابعة الزراعة وفق نظام عرف باسم الدورة الزراعية والمفهوم ان هذه الدورة تكفل زراعة مساحة الارض بنظام يضمن الا يتكرر زراعة محصول معين في القطعة الواحدة اكثر من مرة في كل عدد معين من السنوات
4- الاعتماد على الخبرة العلمية .
وهذا معناه ان الزراعة الراقية ومحصلة انتاجها الزراعي الجيد والمتنوع هى التي تكفل نتيجتين هما :
أولا: مزيد من الاستقرار والنمو والارتقاء بالحضارة المادية وترسيخ قواعد المدينة.
ثانيا: مزيد من الانتاج الذي يفيض عن الحاجة ويدعو الى نمو التبادل الاقتصادي وحركة التجارة الدولية.
وتنقسم هذه الزراعة الراقية التي افاضت واضافات انتاجية زراعية متنوعة الى عدة انماط متباينة. ويمكن ان كل نمط من تلك الانماط لكي نتبين الخصائص والصفات التي تجعله متميزا عن غيره وهذه الانماط الزراعية الانتجيةهي :
1- الزراعة الكثيفة :
يرتبط هذا النمط من انماط الزراعة الراقية بالمناطق او البيئات المزدحمة بالسكان والتي شهدت قبل غيرها مراحل التطور المبكرة للحضارة البشرية منذ وقت بعيد والاكتظاظ بالسكان هو الذي يدعو الى تأكيد وجود هذا النمط ويدعو اليه ذلك ان وفرة الايدي العاملة تعطي الفرصة لأن ينهض الناس بعمليات الزراعة دون حاجة لاستخدام الالات.
وما من شك ان اليد البشرية التى تعمل في الزراعة لها قدرة في حسن الاداء تتفوق بها على ىداء الالة لنفس العمل.بل قد تعجز الالة عما يمكن ان تؤديه الايدي العاملة من عمليات تتطلبها محاصيل معينة ويدعواكتظاظ السكان ايضا الى الاستفادة الى اقصى درجة ممكنة من كل ارض قابلة للزراعة لسد الاحتياجات. كما يدعو الىة الاستفادة ايضا من المساحةالمنزرعة الى اقصى درجة ممكنة .
وهكذا تتطلب الزراعة الكثيفة من الانسان جهدا عظيما وقدرة فائقة على استيعاب الظروف ومواجهة المشكلات وتطبيق الحل الامثل لها وقد يكون الجهد الاعظم هو ال1لذي يصرفه الانسان في مجال الحصول على الماء واستخدامه بطريقة أوبأخرى لرى المساحات المنزرعة . ويحتاج الانسان في مثل هذه الحالة لأن يتحلى بالصبر والمثابرة وان يستغل مهاراته في هذا المجال.ذلك أنه قد يضطر الى فرض مشيئتة على نهر وترويض الجريان فيه وتهذيب مجراه وتسوية الايراد المائي من الموسم الى الموسم او من سنوات الزيادة الى سنوات الشح .كما انه يلجأ الى مهاراته في تشغيل وسائل وادوات رفع الماء وتمكينها من ان تصل الى الارض المنزرعة بالكم الامثل وفي الوقت المناسب .
وتتمثل الزراعة الزراعة الكثيفة في الاقطار الموسمية في اسيا وفي جزيرة جاوه وفي وادي النيل في مصر وفي بعض المساحات منى اوروبا وشرق امريكا الانجلوسكسونيةوفي هضاب امريكا الوسطى والمكلايك ومساحات محدودةمن القارات جنوب خط الاستواء . ويمكن القول ان هذه الزراعة الكثيفة اصيلة عتيقة في بعض من هذه المساحات والبئات وترجع الى بضعة آلاف من السنين هذا وكان انتشارها وتوسعها الافقي في بعض المساحات الاخرى في وقت متأخر وتحت الحاح ظروف فرضت هذا النمط الانتاجي الزراعي الاقتصادي.
ويرى بعض الباحثين وضع نمطين من الزراعةهما : الزراعة العلمية و الزراعة المخطلة ضمن الاطار الفضفاض للزراعة الكثيفة. وربما كانت هناك دائرة كبيرة تستطيع ان تجمع بين الزراعة الكثيفة وبين الزراعة العلمية والزراعة المختلطة ولكن هناك اختلافات عميقة بين كلنمط من هذه الانماط الثلاثة تدعونا الى ان نميزوان ندرس كل نمط منها على انفراد وتتعلق الاختلافات العميقة بالاسلوب بقدر ما تتعلق بالانتاج وقيمه الفعلية بالنسبة لكل نمط من تلك الانماط.
وهذا معناه ان الانسان يمارس الزراعة الراقية في كل نمط ولكنهمع ذلك يتبع الاسلوب ويمارس الاداء ويستهدف النتائج ويحقق الانتاج الذي يتفق مع خصائص ومميزات تميز كل نمط منهما ويقضي الواقع الذي يستهدف ايضاح اهمية البعد البشري الفاعل وعلاقته بالتفوقفي كل منها بدراسة خاصة عن نمط منهما فيمابعد .
2- الزراعة الواسعة:
وهذا نمط اخر من انماط الزراعة الراقية التي يتسنى
لنا ان نجده في مساحات وبيئات في المناطق التي تتميز بصفتين هما : أنها حديثة العهد بلاستغلال
الاقتصادي الذي باشرة الاستيطان الاوروبي في العالم الجديد وانها تشكو النقص في قوة العمل وتعاني من التخلخل السكاني وقد نشير الى ان المساحات في تلك البيئات كانت تستغل او تستخدم ولكن اهلها كانوا يعيشون على الجمع او على الصيد او على الرعي واقتناء الحيوانات .
وما من شك في أن التقدم في الصناعة وابتكار الالات قد قدم المعونة الفاعلة لذلك قد نجد العمل أو الانجاز في الزراعة الواسعة يعتمد اعتماد كليا على الالة في اداء معظم العمليات الزراعية المختلفة وأتاحت هذه الالات للانسان أن يجهز ويزرع الاف الافدنة بأقل عدد ممكن من الايدي العاملة.
الزراعة العلمية:
تعبر عن نمط خاص انتاجي لجأ اليه الانسان وهو يمارس الزراعة في البيئات المدارية بصفة عامة ويمكن القول أنه اعتمد على النشاط الاوروبي الاستثماري الجاد وما من شك في أن هذا النمط الزراعي العلمي المتخصص قد ارتبط بصورة من صور الاستعمار الذي فرض نفسه على مساحات كبيرة من افريقيا واسيا وامريكا الاتينية وهدف الاستعمار في تلك الصورة كان يتجه صوب دعم الاستثمار في خدمة الاستغلال الاقتصادي للموارد المتاحة في المستعمرات.
مع ذلك فان الحصول على المواد الخام من أشجار الغابات الكثيفة كان يكلفهم كثيرا والمفهوم ان الاشجار في الغابة لا يخضع نموها او انتشارها الى نظام معين بل قد لا تتكر الشجرة المعينة الا على مسافات طويلة ومن هنا لجأ الانسان الى قطع الغابات وتطهير الارض من اجل فرض مشيئته العلميه والاهتمام بزراعة شجرة معينة على اوسع مدى في ربوع هذه الارض وقد دخل الانسان هذه التجربة في مساحات كبيرة وحقق نجاحا في الحصول على مواد خام متنوعة ونجد هذه المزارع في البرازيل وفي بعض الول الافريقية في غرب افريقيا وفي الملايو وبعض جزر اندونيسيا.
ولعل اروع نموذج هو الذي يتمثل في المزارع العلمية لانتاج المطاط وقد اسهمت فيه رؤوس الاموال الامريكية في ليبيريا.
كما اصبحت المزارع العلمية التي انتشرت على مدى واسع التعبير الحي لما يمكن ان يصل اليه الانسان من حيث فرض المشيئة والتحكم في كم الانتاج الزراعي وكيفيته.
الزراعة المختلطة:
وهو النمط المتطور الذي يضع الخبرات التي الم بها في مجال الزراعة والانتاج الزراعي في خدمة الخبرات التي الم بها في مجال اقتناء الحيوانات وهو اقدام على تكليف الزراعة تكليفا تتبنى بموجبه مهمة تربية الحيوان وتحسين الانتاج الحيواني وتصبح الزراعة عندئذ في خدمة الحيوان والانتاج الحيواني.
وقدنجد النموذج في دول اوروبية كهولندة والدانمارك
وسويسرا وفرنسا وغيرها.
وهكذا يعبر كل نمط من انماط الزراعة عن مفهوم التنمية الحضارية والارتقاء واثرهما على الانتاج.اما تنوع الانماط والتباين بين الزراعات الكثيفة والواسعة والعلمية والمختلطة فهو من قبيل الاستجابة لحجم السكان في البيئات والاقاليم وللخبرة العلمية التي استطاع الانسان ان يجعل منها وسيلة حضارية مناسبة لتنمية الانتاج أو تحسينه.
ويستهدف الانسان في كل نمط انتاج لا لسد الحاجة او الكفاية فقط بل يستهدف الى الانتاج الذي يتيح له فرص الاشتراك في التجارة الولية لذلك كان التركيز دائما على زيادة حجم الانتاج اما بالتوسع الرأسي واما بالتوسع الافقي
مساحات الارض المنزرعة:
تبلغ مساحات الارض كلها حوالي33,381 مليون فدان على الصعيد العالمي هي ليست كلها اراض صالحة للزراعة وهناك مساحات قابلة للزراعة وتزرع بالفعل وهناك مساحات قابلة للزراعة ولا يقدم الانسان على زراعتها لسبب او لاخر وهناك مساحات منزرعة ولكنها تتعرض بموجب عجز الانسان عن مواجهة اسباب التصحر لانعدام الزراعة فيها وهناك مساحات يتعين استبعادها تماما في ضوء تأثير الضوابط الطبيعية.
ويعتقد أن مساحة الارض القابلة للزراعة لا تكاد تتجاوز حوالي 9% من مساحة الارض كلها أو مايعادلها حوالي 3000 مليون فدان من جملة مساحة اليابس ويبين الجدول التالي توزيع هذه المساحات على القارات ومقدار مايستخدم منها في زراعة المحاصيل الزراعية بملايين الافدنة:
القارة المساحة الكلية المساحة النسبة
المنزرعة المئوية
آسيا 6623 855 28.2
أفريقية 7517 462 15.2
الاتحاد السوفيتي 5503 556 18.3
أمريكا 4671 545 18.0
أمريكا اللاتينية 5724 209 6.9
أوروبا 1218 263 11.9
الاقيانوسية 2115 947 1.5
الجموع الكلي 33.381 3039 100
المصادر والمراجع :
المــــــــــــــوارد الاقتصادية.
جغرافيا العالم .
منقول من موقع